صيدنايا.. قلعة الأسرار – الورقة الأخيرة

مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الواحد والثلاثون (الأخير)

بعد عدة لقاءات بين المعتقلين وإدارة السجن وافقت اللجنة العسكرية على طلب باقي المعتقلين في نقلهم إلى العراق، وقد كان الاتفاق على أن يتم إيصالهم إلى الحدود العراقية ويتم تسليمهم كل واحد منهم سلاحاً عند الحدود وهو عبارة عن بندقية مع مخزن ذخيرة.

بدأ تنفيذ الإتفاق وأحضرت إدارة السجن حافلة لنقلهم وبقي أن يتم فحص السلاح المقرر تسليمه، ولعدم وجود الثقة بين الطرفين كلف المعتقلون شخصاً منهم بفحص الأسلحة والذخيرة، ولأن اللجنة العسكرية لا تقبل إلا أن ينتهي الأمر كما تريد محافظة على هيبة الدولة قامت بملء الذخيرة بالرمل ما عدا رصاصتين من كل مخزن، وعندما قام الشخص المكلف بفحص الأسلحة أطلق رصاصتين في الهواء وعاد إلى السجن، إلا الأمر بدا مريباً لهم وخاصة بعد كل ما لاقوه من محاولات إذلالهم لذلك رفضوا النزول من الأجنحة بحجة عدم وجود الثقة والأمان الكافي.

هنا لم يعد أمام اللجنة العسكرية إلا استخدام الورقة الأخيرة وهي إنهاء الأمر بالقوة لذلك تم تجهيز مجموعة لاقتحام السجن والسيطرة على باقي المعتقلين، وبحسب ما ذكر لي أحد عناصر المهام الخاصة فإنهم دخلوا إلى السجن بأعداد كبيرة وقاموا بقتل كل المعتقلين الموجودين في الداخل والذين لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم إلا أيديهم لتنتهي بذلك فترة سوداء في حياة كل من عاشها مخلفة أكثر من مائة قتيل من المعتقلين وعشرات القتلى من عناصر الشرطة وأمراضاً نفسية لدى بقية المعتقلين من هول ما عاشوه.

ربما كانت أحداث صيدنايا في ذلك الوقت ذات أهمية كبيرة لأنها خرجت إلى العلن بإرادة قوية لدى المعتقلين وكان كل ما حصل يصعب تصديقه على من لم يكن موجوداً في ذلك المكان، إلا أنه سيكون أسهل لمن عاش إلى يومنا هذا ويرى ما فعله ويفعله النظام السوري الحاكم بكل من يفكر بمعارضته وأنه لا يدخر وسيلة لقتل أبسط الأحلام إن وجدت.