صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال

مذكرات سجان في صيدنايا - الجزء الثاني

وليد أبو همام21 ديسمبر 2017آخر تحديث :
وليد أبو همام

مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني

بعد لقائنا مدير السجن تحددت نوعية ومكان خدمتنا.. فالخدمة في السجن نوعان: الأول خدمة في السرية وتشمل الحراسة الخارجية للسجن وأبواب السجن، والثاني الداخلية، وهي داخل السجن والإشراف على السجناء.

ذهبنا إلى مهجع صف الضباط، وهناك وجدنا عدد من الرقباء المتطوعين، بعد التعارف كان معظمهم يسألنا: “ليش ما حطكن العقيد بالداخلية؟”.

لم يكن لدينا جواب على سؤالهم بالطبع، وبعد ذلك بدأنا نسأل عن الخدمة وصعوباتها، فكان الجميع يقول بأن الخدمة في الداخلية أفضل بكثير وذلك لأن كل شيء متوفر، والنظافة أفضل، إضافة إلى السلطة الأكبر التي يحظى بها من يخدم في الداخلية، وكانوا يشيرون إلى أن هناك لا ينقصنا ولا نحتاج أي شيء، وأنه يجب أن يكون عندك واسطة حتى تخدم في الداخلية.

وما لبثت أن بدأت الهموم تتسلل إلى عقولنا، وبدأنا نسترجع ما علمونا إياه في الدورة، و كنا نعتقد بأن خدمتنا ستكون إدارية في مكاتب ولكن عندما علمنا أن الخدمة ستكون عبارة عن رؤساء حرس ودوريات على الحرس ومناوبين على باب السور الثاني، هنا أدركنا بأن حظنا كان الأسوءـ وترافق ذلك مع الوضع السيء في المهجع، حيث لا يوجد لك أية خصوصية، وهذا مارأيته من أول يوم حيث كل شيء مشاع .

جاء أحد صف الضباط، وبدأ بالبحث في أمتعة وأغراض زميل له، كان يبحث بفوضى، وبدأ يرمي منها اشياء ما، لم يكن في المهجع خزانة، كنا نضع أمتعتنا وأشياءنا في صناديق الذخيرة الخشبية، وهي سهلة الفتح، تعجبت من هذا الأمر و لكن قلت في نفسي ربما حالة فردية، ولكن فيما بعد اتضح لي بأن هذا الأمر هو عمل اعتيادي، بالإضافة إلى طريقة التعامل مع بعضهم حيث الشتائم والسباب في الأعراض أمر طبيعي عندهم، ورغم كل ما حصل أمامنا إلا أننا كنا ما نزال تحت وقع الدهشة، ونحاول أن لا نصدق ما يجري، إلى أن جلسنا مع أحد صف الضباط الحقوقيين وبدأ يحدثنا عن خدمته وما لاقاه من صعوبات ومشاكل، فوجدناه شخصاً محطماً مهمشاً ليس لشهادته الدراسية أي اعتبار أو قيمة، وأن المتطوع أفضل حالاً منه، هنا تحطمت آخر آمالنا وبدأنا نتيقن بأن خدمتنا ستكون عقوبة كبيرة لنا، وعندها وضعت في بالي أني من المستحيل أن أبقى في هذا المكان، ولكن ما الحل ونحن أصبحنا مثل السجناء؟ ةلن أغادر المكان إلا بعد شهر من الخدمة؟ طبعاً.. أنا أخترت هذا الطريقة في الإجازات، بعد أن خيرونا بين الخدمة شهر وبعدها إجازة ستة أيام، أو خدمة ثلاثة أيام ومغادرة يوم، وكوني لا أستطيع الذهاب للبيت كل ثلاثة أيام، اخترت المدة الأطول، فيما اختار زميلي المغادرة، كونه يقيم في دمشق.

وخطر في بالي أن أحصل على هاتفي الجوال، ولكن كان حمل الموبايل في السجن جريمة كبرى فقمت بحيلة بعد أن اتفقت مع زميلي على تفاصيلها، وهي أن يأخذ هاتفي عند مغادرته بحجة أنه سيعطيه لأخي وعندما يعود ليلتحق بالخدمة يجلبه لي، كانت مخاطرة كبيرة وخاصة أن الجميع يخضع للتفتيش.

… يتبع 

لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل