مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الحادي عشر
لم تكن جميع الأجنحة في السجن متساوية في المعاملة ولم يكن نوع الجرم هو الأساس في نوعية المعاملة، وما رأيته من تعامل مدير السجن وصفّ الضباط لبعض الأجنحة يدلّ على أن هناك أمور أخرى تؤخذ بالاعتبار لمعاملة المعتقلين.
فجناح الضباط كان يلقى معاملة جيدة وحتى جرائمهم لم تكن تعتبر ذات أهمية مع أنها قد تكون جرائم خطيرة بحق الشعب والدولة، وكانت غرفهم تحوي على أسرة وفرش اسفنجية وكل ما يحتاجونه يتم توفيره.
أما أجنحة العسكريين كانت تحوي أعداداً كبيرة ولا يلقون الإهتمام الكافي وطلباتهم غير مجابة، ودائماً ما يتم ضربهم في حال طلبوا العلاج أو زيادة كمية الطعام .
بالنسبة إلى الأجنحة الأمنية رغم أنها كانت الأكثر سوءاً في المعاملة إلا أن ذلك يقتصر على بعض الأجنحة وخاصة جناحي العزل والأجنحة التي تحوي معتقلين بتهم ذات صلة بالدين؛ فهؤلاء كانوا ممنوعين من كل شيء إلا الأشياء البسيطة وحتى أن الكثير منهم كان لا يملك ثياباً يلبسها؛ فكانوا يطلبون أكياس الطحين الفارغة ويقومون بقصها وتحويلها إلى ثياب يلبسونها.
أما الجناح العرفي فكان نزلاؤه الأوفر حظاً، هذا الجناح الذي كان يحوي المهربين وتجار المخدرات والذين يعتبرون أقل خطورة في رأي إدارة السجن وعناصره، بالإضافة إلى ذلك كان يضم ورقة رابحة وهو (نمير الأسد) إبن عم بشار الأسد وأحد أفراد عصابته والذي كان محتجزاً بسبب عملية سطو على أحد البنوك.
عندما دخلت الجناح لأول مرة تفاجأت بما يحويه فلم يكن ينقص هذا الجناح أي شيء من أجهزة التلفزيون والراديو والغسالات والبرادات؛ كان بالنسبة للبعض أشبه بالفندق فلم ينقص هذا الجناح أي شيء حتى الحاجات الكمالية كانت متوفرة؛ كان صفّ الضباط وإدارة السجن حذرين بالتعامل مع هذا الجناح؛ فوجود نمير الأسد في هذا المكان لم يجرده من كونه على قرابة مباشرة مع بشار الأسد حتى في مسألة التفقد، فحين يتم إجراء التفقد وجمع الأعداد يتم حساب نمير وعصابته فقط مع المعتقلين الأمنيين وليس هذا بالغريب فيبدو أن هذا الشخص كان لابد من وجوده في أحد الأجنحة الأمنية ولكن ربما كان الخوف من أن يتم الاعتداء عليه أو ربما من أجل توفير جميع متطلباته كان السبب في وضعه في الجناح العرفي لأن ذلك غير ممكن في بقية الأجنحة، لم يحصل أن حدثت أي مشكلة في هذا الجناح أثناء وجودي في الداخلية ولكن كان واضحاً أن نمير وعصابته هم المسيطرون عليه حتى أن المساعد وائل كان في كل مرة نقوم فيها بالتفقد يسأل نمير وعصابته دون الآخرين فيما إذا كانوا يحتاجون أي شيء، لذلك كان هذا الجناح المسمى بالعرفي يوحي بأنه لا ينتمي لسجن صيدنايا.
لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول
لقراءة الجزء الثاني: صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني
لقراءة الجزء السابع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الزنزانات / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السابع
لقراءة الجزء التاسع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أصناف التعذيب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء التاسع
لقراءة الجزء العاشر: صيدنايا.. قلعة الأسرار – سياسة جديدة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء العاشر
عذراً التعليقات مغلقة