مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثالث والعشرون
بدأ يومنا الثاني ونحن مأسورون على سطح السجن ولا ندري بما يدور حولنا وكان بعض المعتقلين يقول لنا بأن الدولة ليست مهتمة لأمركم ويحاولون التلاعب بأعصابنا وأنهم يفاوضون على خروج الضباط فقط.
كان واضحاً أن ظهري قد أصابته حروق قوية وعندما رآني أحد المعتقلين قام بأخذي للأسفل إلى أحد الأجنحة، كان المشهد مرعباً للغاية ويظهر الدمار في كل شيء والنار قد أكلت كل شيء، قام بدهن ظهري بالزيت وأعطاني سترة عسكرية لأضعها على ظهري ثم عدنا إلى السطح، بعدها سألني أحد المعتقلين لماذا لست مع صف الضباط وقام بأخذي للأسفل مرة ثانية، وهناك رأيت بقية صف الضباط وكانوا حوالي أربعين شخصاً بعضهم من عناصر السجن والبعض الآخر من الفرع، جلسنا في إحدى الغرف وأحضروا لنا الطعام والمياه، كانت الأجنحة خالية تقريباً عندها سألت عن بقية العناصر فقالوا لي بأنه تم إخراجهم يوم أمس ولم يبق إلا نحن والضباط ويبدو أن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة.
بعد الظهر توصل الطرفان إلى إتفاق لإخراج الضباط ولم نعرف المقابل ثم بدأ التفاوض لإخراجنا وقال لنا المعتقلون بأنه سيتم إخراجكم وفعلاً قاموا بتجهيزنا ثم توجهنا نحو السطح وبقينا لدقائق ثم أعادونا للأسفل بحجة عدم الإتفاق، بعد حوالي ساعة أيضاً قالوا لنا بأننا سنخرج فأخذونا باتجاه السطح، كان الوضع مخيفاً وخاصة أن جميع المعتقلين يصعدون معنا حاملين أسلحتهم وكان خوفنا أن يكون ذلك وسيلة للخلاص منا، فلو أرادوا إخراجنا لماذا يأتون بنا إلى السطح، تكرر هذا الأمر ثلاث مرات وفي كل مرة يقولون بأن الدولة تحاول التلاعب بنا.
هنا فقدنا الأمل بالخروج هذا اليوم وقد انتهى النهار دون نتيجة فحاولت النوم قليلاً على أحد الأسرة وكانت رائحة الدماء تملأ الاغطية ولكن التعب والإرهاق كان كبيراً جداً، بعد حوالي ساعتين دخل بعض المعتقلين إلى الغرفة وطلبوا أن يجهز حوالي عشرين شخصاً أنفسهم لإخراجهم، لم يعد لدي ثقة بهذا الكلام لذلك رفضت التحرك من مكاني وعدت للنوم.
ومن ثم عادوا في حوالي الساعة الثانية ليلاً، أيقظوني وعندما رأيت أن الدفعة السابقة لم ترجع أدركت بأنه تم إخراجهم، قاموا بصفّنا وراء بعضنا البعض ثم مشينا فتفاجأت أنهم يأخذوننا للسطح، وهنا كانت الرهبة الكبرى عندما رأيت في الظلام أشياء متناثرة على السطح فخطر في بالي بأنه تم قتل الدفعة السابقة وأن هذه جثثهم، عندما اقتربنا أكثر تبين أنها مجرد أغطية، وقفنا لدقائق ثم نزلنا على الدرج ولكن هذه المرة كانت للخارج وكنا خائفين أن يتم إطلاق النار علينا من قبل الشرطة في الخارج، نزلنا مسرعين فوجدنا بعض الضباط بانتظارنا وسيارات الإسعاف.
لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول
لقراءة الجزء الثاني: صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني
لقراءة الجزء السابع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الزنزانات / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السابع
لقراءة الجزء التاسع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أصناف التعذيب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء التاسع
لقراءة الجزء العاشر: صيدنايا.. قلعة الأسرار – سياسة جديدة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء العاشر
لقراءة الجزء السادس عشر: صيدنايا.. إذلال وإهانة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السادس عشر
لقراءة الجزء السابع عشر: صيدنايا.. استنفار مريب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السابع عشر
لقراءة الجزء الثامن عشر: صيدنايا.. التحضير للمداهمة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثامن عشر
لقراءة الجزء التاسع عشر: صيدنايا.. الانتفاضة الثانية / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء التاسع عشر
لقراءة الجزء العشرين: صيدنايا.. الوقوع في الأسر / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء العشرون
لقراءة الجزء الثاني والعشرين: صيدنايا.. على السطح / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني والعشرون
عذراً التعليقات مغلقة