مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثالث والعشرون
كان من الصعب التفكير بأن يتم قتلي لسبب غير موجود في الأساس، تم عزلنا نحن الثلاثة على السطح وتحت الشمس وتم ربط أيدينا للخلف، كان الاثنان الآخران من عناصر السجن أحدهما رقيب متطوع والآخر مجند وكانا من منطقة مصياف، كانت نظرات بعض المعتقلين الذين يمرون بجانبنا والذين يحملون أسلحة بيضاء تدل على أن نهايتنا محتومة وأننا سنكون أول من يدفع الثمن، والبعض منهم كان يقف ويسأل عنا فيقولون له “هؤلاء نصيرية ينتظرون الموت”.
لم أعد أستطيع التحمل بأن تكون نهايتي بسبب تهمة باطلة لذلك وقفت على قدمي وتوجهت نحو الشخص المسؤول عن المجموعة وكان ملثماً وهو نفس الشخص الذي كان يسألنا من أي مكان نحن. كان الجميع ينظر إلي فخفت من ردة فعلهم ولكن وصلت إلى ذلك الشخص وقلت له “ليش ربطتوني مع هدول الجماعة” فقال لي “ليش أنت مانك نصيري”، أجبته “قلت لك ماني نصيري” فقال لي “ارجع لعندهم” أحسست بأن فعلي لم يأت بنتيجة ولكن فعلت ما علي فعله، بعدها بدأ هذا الشخص المسؤول بالمشي حولنا والنظر إلي ثم مشى قربي وضرب يده على كتفي حتى أتبعه فقمت من مكاني لحقته إلى مكان فارغ على السطح فجلس وطلب مني الجلوس وبدأ يسألني عن مكان إقامتي وقام بفك يدي وطلب مني أن أرجع إلى حيث يجلس أغلب العناصر في الظل فأدركت أني نجوت من الموت.
بدأ المعتقلون يحدثوننا عن إجرام النظام وخاصة في أحداث حماة وكيف ارتكب المجازر وأن العديد ممن هم موجودون في هذا السجن هم ضحايا هذا النظام المجرم وممارساته التي تجاوزت كل الحدود وأن عدوهم هو المسلم السني، وكانوا يقولون لنا بأن الدولة لن تسأل عنكم ورفضت التفاوض بشأنكم، بعضهم كان يقول لي لماذا أنت هنا مع أنك صف ضابط فانتبهت أني صف الضابط الوحيد على السطح والبقية قد نزلوا إلى الأجنحة مع أن المعتقلين لم يصدقوا أني صف ضابط مجند لأنها كانت الدورة الأولى.
كان الوقت يمضي ببطئ شديد والشمس تأكل من أجسادنا، جلبوا لنا بعض كسر الخبز اليابس والماء حتى نأكل وما أن غربت الشمس حتى بدأ الجو يصبح بارداً ثم قاموا بربط أيدينا جميعاً إلى الخلف ومن شدة التعب حاولنا النوم بعد أن جلبوا لنا أغطية ولكنهم لم يسمحوا لنا بالنوم حتى نكون متعبين في النهار ولا نقوم بأي عمل، فكانوا يقومون بإيقافنا كل فترة ولكن كان النوم أقوى منا فكنت أنام لدقائق قبل أن يأتي أحدهم ويحركني وكنت أقوم بفك الحبل وأضع يدي في الأمام حتى أتمكن من النوم ولكنهم كانوا يعاودون ربطي للخلف، كانت برودة الليل تساوي حرارة النهار وكان ألم حروق الشمس لا يحتمل حتى أصبحت أتألم من نسمة الهواء التي تمر على جسدي وبقينا طوال الليل ننتظر شروق الشمس، كانت ليلة طويلة لم ندر ماذا تخبئ وراءها.
لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول
لقراءة الجزء الثاني: صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني
لقراءة الجزء السابع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الزنزانات / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السابع
لقراءة الجزء التاسع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أصناف التعذيب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء التاسع
لقراءة الجزء العاشر: صيدنايا.. قلعة الأسرار – سياسة جديدة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء العاشر
لقراءة الجزء السادس عشر: صيدنايا.. إذلال وإهانة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السادس عشر
لقراءة الجزء السابع عشر: صيدنايا.. استنفار مريب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السابع عشر
لقراءة الجزء الثامن عشر: صيدنايا.. التحضير للمداهمة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثامن عشر
لقراءة الجزء التاسع عشر: صيدنايا.. الانتفاضة الثانية / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء التاسع عشر
لقراءة الجزء العشرين: صيدنايا.. الوقوع في الأسر / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء العشرون
لقراءة الجزء الثاني والعشرين: صيدنايا.. على السطح / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني والعشرون
Sorry Comments are closed