حرية برس – عائشة صبري:
يتكرر سيناريو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا مثل: (اليرموك، خان الشيح، سبينة، حندرات والرمل)، اليوم في مخيم درعا المحاصر بمحافظة درعا جنوبي البلاد، حيث تحدثت وسائل إعلام نظام الأسد عن مباحثات تجري مع وفد من المخيم “لإجراء تسويات فيه”.
وعند إعلان اتفاق درعا الأخير مطلع الشهر الجاري، قالت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام: إنَّ “المسلحين المتبقين والرافضين لبنود التسوية انتقلوا من «درعا البلد» إلى حي «المخيم» المجاور”، لافتة إلى أنَّ “هناك مباحثات تجري مع وفد من «المخيم» لإجراء تسويات فيه، على غرار «درعا البلد»”.
وقال المحامي الفلسطيني، أيمن أبو هاشم، منسّق “تجمع مصير” في تركيا في تصريح خاص لـ”حرية برس”: إنَّ “نظام الأسد يريد إظهار مخيم اللاجئين الفلسطينيين في درعا الذي كان لثواره دوراً مشهوداً في صد اقتحامات النظام مع الحوارنة كجسدٍ واحد، على أنَّه بؤرة حاضنة (للمسلحين ورافضي التسوية) بما يُمهّد لاستهدافه لاحقاً وتبرير ذلك بوجود (جماعات إرهابية) كما حدث عام 2018 في مخيم اليرموك تماماً”.
وأضاف: أنَّ “شركاء الأسد في تصفية المخيمات الفلسطينية وإنهاء وجود اللاجئين في سوريا يريدون طمأنة الإسرائيليين بأنَّهم ماضون في تنفيذ هذا المخطط، من خلال تدمير المخيمات وتهجير أهلها، خدمةً للمصالح الإسرائيلية وشطب حق الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم”.
وأوضح “أبو هاشم” أنَّه من الحقائق الدالة على هذا المخطط، بأنَّ عدد الفلسطينيين (السوريين) الذين أصبحوا خارج سوريا، يزيد عن 250 ألف لاجئ من أصل قرابة 600 ألف كانوا يعيشون في سوريا وفق إحصائيات العام 2011، وأعداد المهجّرين والمضطرين لمغادرة سوريا لأسباب أمنية واقتصادية مرشحة للتزايد.
ولفت إلى أنَّ ميليشيات الأسد وإيران بموافقة الروس، هدَّدوا أهالي مخيم درعا على لسان “الفرقة 15″ التابعة لجيش الأسد والروس، إمّا باقتحام المخيم وتدمير ما تبقى من منازله وحاراته، أو بموافقتهم على التهجير إلى الشمال السوري، ومعهم كلّ من يرفضون التسوية وتسليم سلاحهم من أبناء درعا البلد وطريق السد”.
وأردف المحامي: أنَّ “حصر النظام لمن تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم درعا بين خياري التهجير القسري أو تسليم المطلوبين، يُهدّد بارتكاب جرائم وانتهاكات بحقِّ المدنيين كما حصل في مناطق أخرى، حيث أُجبر اللاجئون الفلسطينيون على قبول خيار التهجير القسري إلى الشمال حفاظاً على أرواحهم وأعراضهم، وهذا يُهدِّد بالتلاعب بمصير المخيم من قبل النظام وبإزالته وتجريفه نهائياً، مستغلاً غياب أهله وسكانه”.
وأشار “أبو هاشم” إلى أنَّ جهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تنصَّب على تعزيز التنسيق الأمني مع قيادات الاحتلال الصهيوني، بينما ينشغل قادة حماس (المؤمنين جداً) بتوثيق علاقتهم الجهادية مع الحرس الثوري في إيران، أمَّا الفصائل الفلسطينية المتواجدة في دمشق تحت رعاية فرع فلسطين، فقد تم تلقينها رواية النظام عن وجود (مسلحين إسلاميين إرهابيين في مخيم درعا)، إضافة إلى صمت وخذلان تواصله المنظمات والجاليات والفعاليات الفلسطينية تجاه مخيم درعا.
من جهتها، “بوابة اللاجئين الفلسطينيين” في درعا أفادت أول أمس الجمعة، بأنَّ لجان التفاوض لأحياء درعا البلد، وافقت على تهجير جماعي لأبناء المدينة بمن فيهم أبناء مخيم درعا، بعد فرض النظام السوري والجانب الإيراني، شروطاً تستثني مخيّم درعا وحي طريق السد من التسوية، والتحضير لعمليات عسكريّة ضد المنطقتين، مع موافقة الجنرال الروسي المشرف على المفاوضات لمطلب التهجير، على أن تكون الوجهة تركيا أو الأردن، لكن لم يصدر أي قبول رسمي من الدولتين.
وكان نظام الأسد أبلغ الفصائل الفلسطينية و”الهيئة العامّة للاجئين الفلسطينيين العرب” في اجتماع عُقد في مقر حزب البعث في درعا، مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، بأنَّ المجموعات التي لا تريد التسوية أو التهجير إلى الشمال السوري، عليها أن تتوجّه إلى مخيم اللاجئين الفلسطينيين في درعا البلد.
ويأتي ذلك، بالتوازي مع تحضيرات يُجريها النظام، لشنّ هجوم على منطقة مخيم اللاجئين الفلسطينيين، بحجّة وجود “مجموعات إرهابيّة”، علماً أنَّ التسوية التي دخلت حيز التنفيذ يوم 1 أيلول/ سبتمبر الجاري تشمل كافة مناطق درعا البلد بما فيها المخيم، ووضع النظام تلك المزاعم في إطار مخطط يستهدف مخيّم درعا من خلال استثنائه من التسوية.
وأشارت “البوابة” إلى رفض لجان التفاوض خلال اجتماعها أول أمس الجمعة، مزاعم النظام، التي تهدف إلى تجزئة منطقة درعا البلد، وعزل مخيمها عن الحراك التفاوضي والتسويات التي جرت برعاية روسية، معتبرةً أنَّ أي مطلب لتهجير مجموعات من المخيم تحت التهديد بشن عمليات عسكريّة، يجب أن يشمل كافة المناطق، تحت عنوان “إمّا تهجير جماعي للجميع إلى خارج البلاد، أو بقاء الجميع”.
ويعيش في مخيّم درعا حاليّاً، نحو 300 عائلة فلسطينية، من أصل 750 عائلة كانت موجودة قبل التصعيد العسكري على المدينة، في 27 تموز/ يوليو الفائت، وذلك من أصل 11 ألفاً اضطّروا للنزوح إثر العمليات العسكريّة خلال الأعوام من 2012 حتى 2016.
يذكر أنَّ لجنة التفاوض أعلنت في مطلع الشهر الجاري، التوصل لاتفاق مع النظام والجانب الروسي يقضي بدخول دوريات تابعة للشرطة الروسية إلى درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ونشر أربع نقاط أمنية، ومعاينة هويات المتواجدين في المنطقة، وإعادة مخفر الشرطة إليها، وذلك مقابل الوقف الفوري لإطلاق النار، وفك الطوق عن محيطها، وإدخال الخدمات إليها، فضلاً عن إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين.
وكان الأهالي والفعاليات في مدينة درعا ناشدوا المجتمع الدولي، التدخل لإنقاذ أكثر من 50 ألفاً مهددين بالإبادة الجماعية، بعد الحصار الذي فرضه نظام الأسد على درعا منذ 24 حزيران/يونيو الماضي، في ظل الهجمات العسكرية الهمجية والقصف المدفعي العشوائي على منازل وأحياء المدنيين بمشاركة من الميليشيات الإيرانية التي تهدف إلى فرض سيطرة إيران على الجنوب السوري.
عذراً التعليقات مغلقة