سبع خلت وثورة الياسمين مستمرة تقارع التنين

جمعة الحمود26 مارس 2018آخر تحديث :
سبع خلت وثورة الياسمين مستمرة تقارع التنين

رغم كل الأفراح والجراح وقلة الأصدقاء وكثرة الأعداء تدخل الثورة السورية ربيعها الثامن تاركة ورائها سبعاً من السنين التي حملت كماً هائلاً من التحولات والمصاعب التي غيّرت وجه المنطقة، وهي لن تنتهي أو تتوقف قبل الوصول لأهدافها باسقاط سلطة الاستبداد والحكم الشمولي الديكتاتوري ورفع الظلم عن الشعب السوري وتحقيق والوصول للحرية والعدالة والكرامة كعناوين للثورة ومبادئها النبيلة والأصيلة.

مستمرة رغم كل القتل والاعتقال والتدمير والتهجير وإرهاب النظام والارهاب الدولي والإقليمي الذي مورس عليها، سبع سنيين ولا ثابت يذكر غير صمود الشعب السوري بإرادة صلبة وقوية من أجل الانتصار، رغم الثمن الباهظ الذي دفع وما زال لتحقيق هدف الثورة الأسمى في الوجود الذي يتمثل في الحفاظ على الكرامة واسترجاع العدالة والحرية المسلوبة.

وكما كل الثورات عبر التاريخ فإن انتصار الثورة السورية حتمية تاريخية ولا بد من لحظة مفصلية ومنعطف تاريخي يقول الشعب فيه كلمته بعد تخطي الانتكاسات والعوائق التي وضعت في طريقه بفعل التآمر والخذلان الأممي والإقليمي لهذا الشعب المظلوم، والسكوت والتعامي عن إجرام الطاغية وحلفائه سيجعل من دماء السوريين لعنة سيدفع العالم كله ضريبة سفكها والسكوت عنها.

هذا النظام الطاغي المتمثل بعائلة الأسد والذي واجه الاحتجاجات والتظاهرات السلمية الشعبية والعفوية التي اندلعت بسبب انعدام الحياة السياسية وترسيخ حكم الفرد الذي ينطلق من تأليه الحاكم، فلا رأي للشعب في قيادة البلاد والمشاركة في السلطة يضاف لها سياسة العداء للدين التي كان يتبعها حزب البعث وتفشي الظلم وانعدام العدالة والمساواة وهدر الكرامات للناس، من خلال تغوّل الأجهزة الأمنية وسحقها للمواطن.

نظام بهذه المواصفات لن يتراجع الشعب عن اقتلاعه من جذوره، ففي كل مرة يعتقد النظام ان الثورة والحرب انتهت ويتسلل اليأس إلى نفوس وعقول جمهور الثورة لكن سرعان ما يعود الأمل وتتجدد الهمم لإكمال الطريق الصعب انتصاراً للثورة التي ما زال النظام وحلفائه يتبعون سياسة تفكيكها عسكرياً وسياسياً من خلال إصرارهم على عدم الاعتراف بها وأنهم يحاربون جماعات إرهابية مسلحة كما يروّج عبر إعلامهم منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة،  فكما واجهت الثورة عبر السنيين الماضية كل هذه السياسات الداخلية والخارجية المعادية لها هي مستمرة وستبقى وفاءاً لدماء شهدائها والتضحيات الكبيرة التي لا يمكن لشعب في العالم أن يتحملها ما جعل منها أعظم ثورة في تاريخ البشرية.

ولأنها كذلك سنعرّج على أسباب محاربتها وتأخرها داخلياً وخارجياً، على الصعيد الداخلي؛ انقسام الساحة السورية إلى ثلاث معسكرات، الأول معتدل يطالب بدولة مدنية ديمقراطية، الثاني إسلامي معتدل، والثالث إسلامي متطرف يرتدي عباءة الدين الإسلامي مبشراً بقيام دولة اسلامية في العراق والشام كما يدعي، يضاف إلى ذلك تعدد الفصائل والعقلية المؤدلجة لمعظمها ووتر الأسلمة التي لعب عليها النظام وراق ذلك للدول العالمية والإقليمية التي أظهرت عداءها لثورات الربيع العربي.

تعدد الفصائل واختلاف الرايات والأهداف جمعها قاسم مشترك بعداء الثورة ورايتها وخلافاتها التي وصلت إلى الاقتتال لغايات سلطوية ساهمت بإفراغ الثورة من مضمونها وجعلت جمهورها عاجزاً عن امتلاك مشروع وطني داخلي يحقق الأهداف التي خرجت من أجلها وجلبت لها العداء العالمي والإقليمي، وظلت تلك الفصائل مكتفية بتقديم آيات الولاء والطاعة لمن يدعم استمرارها بالمال السياسي عبر أجندات خارجية بعيدة عن أهداف الثورة وتطلعاتها، وكان ذلك سبباً رئيسياً بتراجع الثورة على كل المستويات وجعلوا منها أسيرة علاقات مركزها الآخر وليس الشعب الذي قام بها، فتحول معظمه إلى ندابين لا يجيدون إلا البكاء بدل المواجهة بخطط مدروسة ترمم أوضاعنا، فالصمود والانتصار يبدأ بإصلاح واقعنا المتردي الذي لا يطاق.

أما على الصعيد الخارجي تبين أن سقوط حكم عائلة الأسد ونظامه يعتبر صياغة لنظام دولي وإقليمي جديد من باب الثورة السورية وتبين أن لا أحد من الدول العالمية والاقليمية الكبيرة له مصلحة في ذلك، وهذا ينسحب على روسيا وإيران اللتين تعتقدان أن ذلك يعتبر مصلحة اسرائلية أيضاً وبالتالي مصلحة غربية والاتجاه الدولي لإفراغ الثورة من محتواها بشكل تدريجي يبدو واضحاً من خلال المواقف الدولية والاقليمية عبر السنين السبع الماضية، كيف لا وقد كشفت الثورة عن أنواع ومستويات من الصراع أشد عمقاً وحضوراً من صراعنا مع الصهاينة أهمها الصراع الأممي والقومي، ففي منطقتنا يتجاور العرب والفرس والترك والكرد وكلّ منهم أمة مستقلة لم تستطع أن تندمج في الأخرى وتذوب بها وظلت على تمايزها رغم أنها تدين بالإسلام الذي لم يتمكن من مزج هذه الأمم سوياً والصراع بينها مستمر عبر التاريخ إلى يومنا هذا ولا بارقة أمل بوقفه، فكان هذا هو الباب العريض الذي دخلت منه قوى الشر أمريكا وروسيا والدول الغربية عامة واستغلته لتأجيج الصراع وتفتيت المنطقة وتقاسمها بما يتناسب مع مصالحها والتداخلات الدولية والاقليمية في الحرب السورية خير دليل على ذلك من ناحية استغلال هذا الشق الذي استخدم لمحاربة الثورة من هذا الباب.

ورغم كل هذه التحديات الداخلية والخارجية ما زال عنوان الثورة الاستمرار والصمود حتى بلوغ النصر على النظام وحلفائه الذين حولوا سوريا الى ساحة حرب دولية دمرت المدن والبنى التحتية وقتلت مليون مدني أعزل حتى الآن وشرّدت وهجرت الملايين من الشعب السوري بمساعدة قوى الشر روسيا وايران اللذين ارتكبوا أبشع المجازر في التاريخ البشري بحق شعبنا الأعزل المصر على متابعة الثورة واستمرارها حتى تحقيق دولته المدنية الديمقراطية ودولة الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية التي تحقق الازدهار الاقتصادي والعيش الكريم لكل أبناء الشعب السوري.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل