انتبهوا… السوريون يبتسمون!

عدنان عبد الرزاق8 ديسمبر 2017آخر تحديث :
عدنان عبد الرزاق

ربما، من ألف باء المقاومة والممانعة، أن يحزن الشعب ويعاني، بل ويعيش أقسى الظروف المعيشية ويجرّب جميع طرائق التسوّل والحرمان، وأمّا إن ابتسم، فأولاً لا تليق به صفة المقاومة ولا يستأهل شرفها، وثانياً ابتسامه دليل انتعاشه، ما يعني ووفق قوانين الصمود والتصدي، زيادة الضغط والتجويع، ليعود الشعب “الضال” عن جريمة الابتسام.

هكذا بالضبط، أو بما معناه، فسر وزير المال بحكومة بشار الأسد، مأمون حمدان، ابتسامة السوريين، فهو من موقعه الرفيع، يراقب حتى أفواه ووجوه السوريين، ليستشف مستوى الواقع المعيشي، من القسمات والملامح واحمرار الوجنات، ويستنتج من الإيماءات، مدى الرضى عن السياسة الاقتصادية وحالة النضال وإمكانية الاستمرار بمواجهة المؤامرة الكونية.

قصارى القول: حينما سأل برلمانيون وزير المال قبل أيام، عن زيادة الرواتب والأجور، بعد زيادة نسبة الفقر بسورية، عن 87% إثر تثبيت الرواتب وارتفاع الأسعار 12 مرة خلال الحرب على الثورة، أجاب على نحو ممانعجي، أي رمى من بعيد: إن المواطن السوري يبتسم، بعد تعافي سعر صرف الليرة، بنحو 20% خلال شهرين، وقال، وفقاً لمعلوماته وضبطه السوريين متلبسين بالابتسام، إن كل من كانت مدخراته بالعملات الصعبة، قد تأذى جراء تحسن سعر الليرة، في حين كل من كانت مدخراته بالليرة السورية، انتعش واستفاد.

لتتعدى رؤية الوزير مقولة “فسر الماء بعد الجهد بالماء” لأن المواطن الذي قبض عليه الوزير مبتسماً، قد يكون، إن سلمنا جدلاً باثم الابتسام، قد اقترف هذا الجرم، على الأرجح، من مبدأ شرّ البلية ما يضحك، لأنه -أي السوري- ووزير المال الأعلم، خارج معادلة الانتعاش والتأذي، فهو ببساطة بلا مدخرات، بعد ست سنوات من سياسة التفقير الممنهجة، جراء العوَز وتفشي البطالة لأكثر من 80% من السكان داخل سورية، بل و6.7 ملايين سوري، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدة إنسانية طارئة، ووصل الحال بالسوريين، أو جلهم، لبيع كل ما يمكن التخلي عنه من ممتلكاتهم، بما فيها المنازل للغرباء، ليستمروا على قيد الحياة وبحدودها الدنيا.

لكن وللإنصاف، وإثر تكرار سؤال الوزير الممانع عن ضرورة زيادة الأجور التي لا تتجاوز 40 ألف ليرة “95 دولارا” رغم أن الأسرة السورية، وحسب دراسات من دمشق، تحتاج لتلبية نفقاتها، قرابة 250 ألف ليرة، أجاب الوزير وفق المذهب الأسدي الفلسفي “الحكومة تتجه في تفكيرها منذ استلامها مقاليد السلطة التنفيذية إلى خلق حالة إنتاجية حقيقية تؤمن تشغيل رؤوس الأموال واليد العاملة بما يؤمن الوفرة السلعية للسوق المحلية وللتصدير” دونما أن يشرح “معنى الألفاظ” أو يقدم تبريراً عن علاقة السؤال بالإجابة، التي من الصعب على غير الممانعين، فك طلاسمها وفهمها.

نهاية القول: ربما على السوريين اليوم، بعد أن كشفت حكومة بشار الأسد، زيف ادعاءاتهم، بالفقر والبطالة والحاجة، فأرجأت زيادة الرواتب بعد ضبطتهم مبتسمين وبالجرم المشهود، أن يغيّروا من استراتيجيتهم، لأنه وقياساً على مثل سوري دارج “الشيطنة على الشيطان جدبنة” لا يمكنهم خداع القائد الرمز بشار الأسد، الذي ينتقل وخلال فقرة بخطاب أو إجابة على سؤال صحافي، من الابتسام للضحك ومن ثم القهقهة، لأنه قائد أولاً ولا ينتظر علاوة أو تحسين دخل من أحد ثانياً… ولأنه، وهذا الأهم، ممانع يضلل كل المتربصين به، ثالثاً.

المصدر مدونات العربي الجديد
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل