مصير مجهول يتنظر الآلاف من قاطني مخيم “الركبان”

فريق التحرير25 ديسمبر 2018آخر تحديث :
لاجئون سوريون قرب الحاجز الترابي على الحدود الأردنية السورية، 14 يناير/كانون الثاني 2016. رويترز

أحمد زكريا- حرية برس:

حالة من الترقب الحذر والقلق تلقي بظلالها على قاطني مخيم “الركبان” الواقع على الحدود السورية الأردنية، عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من سوريا، وبشكل خاص تلك المتواجدة في قاعدة “التنف” القريبة من المخيم.

ويؤوي مخيم “الركبان” أكثر من 60 ألف مدني، غالبيتهم من النساء والأطفال، يعانون من ظروف معيشية سيئة، في ظل الحصار الذي تفرضه قوات نظام الأسد وميلشياتها، وقطعها الطرقات الواصلة إلى المخيم، والتي تدخل عبرها المواد الغذائية منذ أكثر من شهر ونصف.

ويتخوف قاطنو المخيم، بحسب مصادر من داخله، من استغلال نظام الأسد وروسيا وإيران حالة الفراغ التي سيخلفها انسحاب القوات الأمريكية من تلك المنطقة، والتقدم وارتكاب مجازر في حق أهالي المخيم.

وعلى الرغم من التطمينات التي أطلقها فصيل جيش “مغاوير الثورة”، الذي يتمركز في قاعدة “التنف” ومنطقة “55 كم” القريبة من مخيم الركبان، إلا أن سكان المخيم يفضلون أن يلتفت المجتمع لمصيرهم ومساعدتهم وعدم تركهم لقمة سائغة للنظام وداعميه.

“مغاوير الثورة” يتعهد بحماية المخيم

أصدر جيش “مغاوير الثورة، قبل أيام، بياناً أكد فيه على عدم التخلي عن قاطني المخيم وعلى وحدة المصير، وجاء في البيان الذي اطلعت عليه “حرية برس”: إنه بسبب التصريحات التي صدرت عن الإدارة الأمريكية والتي تنص على الانسحاب الكامل لقواتها من الأراضي السورية، نحن جيش مغاوير الثورة نؤكد لأهلنا الذين يسكنون في منطقة الـ 55 كم، أن مستقبلكم هو مستقبل المغاوير، وأننا لن نتخلى عن أهلنا في مخيم الركبان”.

وأشار فصيل مغاوير الثورة في بيانه، إلى أنهم يخططون مع قوات التحالف الدولي من أجل الوصول إلى أفضل الخيارات للجميع، مؤكداً أنه لن يكون هناك أي تغيير في خططهم ومهمتهم في الحفاظ على أمن منطقة الـ 55 كم من أي تهديد خلال المستقبل القريب، وقال أيضاً: “نقسم لكم أننا سنكون أوفياء لكم كما كنتم أوفياء لنا”.

وفي هذا الصدد أكد “أبو ماريا” عضو “المكتب الإعلامي الخارجي” لجيش مغاوير الثورة، أنهم لن يخرجوا من منطقة 55 قبل تأمين أهالي الركبان، وقال: “هم أمانة في أعناقنا ونحن لن نخرج إلا سوياً مع أهالي الركبان، وفي حال لم يتأمن لنا طريق للخروج فسندافع عنهم بكل ما أوتينا من قوة”.

وأضاف في حديثه لحرية برس: “نحن كجيش مغاوير الثورة، نذرنا أنفسنا لحماية المدنيين في منطقة 55 فكيف نخرج من دونهم؟”  مؤكدًا: “نحن لن نخرج إلا معهم في حال انسحبت قوات التحالف من منطقة الـ 55، مهما كانت الضغوط الممارسة”.

وفيما يخص الخطط الموضوعة المتعلقة بمصير قاطني المخيم في حال انسحاب القوات الأمريكية قال “أبو ماريا”: “في الوقت الحالي ليس هناك خطة، ولكن في كل الأحوال المناطق المحررة أولى بقاطني المخيم، فهم سوريون وجيش مغاوير الثورة سوري، وكل شبر محرر هو أرض للسوريين جميعاً وليست حكراً على فصيل أو دولة معينة أو جهة ما”.

لا خيارات محددة أمام قاطني “الركبان”

وطالب قاطنو المخيم مراراً وتكراراً الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالضغط على نظام الأسد وداعميه، لفك الحصار عن المخيم، أو السماح بإيجاد ممرات آمنة للتوجه نحو الشمال السوري هرباً من الواقع المعيشي السيئ، دون أي استجابة من أي طرف كان.

ونقل المدرس “أبو أكرم” أحد قاطني المخيم ومدير مدرسة جسور الركبان لحرية برس مخاوف أهالي المخيم في هذه الفترة المفصلية من تطورات الوضع في منطقة الركبان، وقال: “تسود حالة رعب المخيم خوفاً ألا يتم نقل اللاجئين إلى الشمال السوري”.

وعبّر عن المخاوف أيضاً من دخول قوات النظام للمنطقة في حال لم يتم التدخل دولياً لحماية اللاجئين ونقلهم إلى الشمال السوري، على حد تعبيره، مبيناً عدم وجود خيارات حالياً في ظل هذه الأحداث.

وشدّد على أن المطلب الرئيس حالياً هو فتح طرق آمنة برعاية أممية ودولية لنقل من يرغب من اللاجئين إلى الشمال، ومن يرغب في المصالحة إلى مناطق النظام، لافتاً إلى أن 95% من الموجودين في المخيم مدنيون، والباقي فصائل عسكرية، على حد تقديره.

ولدى سؤالنا عن مستقبل مخيم “الركبان” أجاب: “لا أحد يعلم، السياسة هي فن الكذب، والجميع رقص على أشلائنا ودمائنا”.

مخاوف من ترك “الركبان” لقمة سائغة للنظام

وعلى الرغم من مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب قاطني المخيم من مصير مجهول ينتظرهم، إلا أن مصادر من داخل المخيم أعربت عن أملها في ألا يتخلى التحالف الدولي عن أهالي “الركبان” وألا يتم تركهم لقمة سائغة لقوات النظام وميليشياته.

وفي هذا الصدد قال الناشط الإغاثي المقيم في المخيم “عماد أبو شام” لحرية برس: “إنه ليس هناك أي شيء متوقع بالنسبة إلى مصير مخيم الركبان، إلا أن الأهالي يعولون على التحالف الدولي ألا يتركهم لقمة سائغة للروس والنظام وميليشياته”، وقد طالب الأهالي عبر لجان وفعاليات مدنية في المخيم، التحالف الدولي الموجود في قاعدة “التنف” العسكرية، عدم تركهم في المنطقة حتى لا يكونوا عرضة لإجرام النظام والمحتل الروسي.

وأضاف أن الخيار المتاح أمام الأهالي يتمثل في بدء عملية تفاوض لتقرير مصير الركبان، وفتح ممرات للراغبين في الذهاب إلى الشمال السوري، لافتاً الانتباه إلى أن غالبية سكان المخيم لا يرغبون في العودة إلى مناطق سيطرة النظام، بسبب ما جرى في الغوطة ودرعا وريف حمص الشمالي من اعتقال للشباب وزجهم في المعارك.

وتطرق “أبو شام” في سياق حديثه إلى الأوضاع الإنسانية في داخل المخيم وقال: “الوضع الإنساني سيئ للغاية بسبب حصار النظام للمخيم منذ بداية الشهر العاشر من العام الحالي وحتى اليوم، وسط غلاء الأسعار وندرة الأدوية والوقود وارتفاع ثمنها إن توفرت”.

تحذيرات من كارثة إنسانية

ولا يقتصر الأمر بالنسبة إلى مخيم الركبان على مصير مجهول ينتظر قاطنيه في حال لم يتم التدخل وترك السكان فريسة لآلة القتل الأسدية الروسية الإيرانية، حيث يتخوف ناشطون من وقوع كارثة إنسانية في حق النساء والأطفال وكبار السن في المخيم في حال تم التخلي عنهم من الأطراف التي تحمي منطقة المخيم.

وقال “محمود قاسم الهميلي”، مسؤول المكتب الإغاثي في الإدارة المدنية التابعة للمخيم، “إنه في حال انسحبت القوات الأمريكية والتحالف الدولي، وجرت معارك بين الأطراف المدافعة عن مخيم الركبان وبين قوات النظام وميليشياته، فإن طيران النظام وروسيا لن يرحم المخيم وسيكون هدفاً محققاً لغاراته”.

وأضاف أنه في حال اندلاع معارك حول مخيم “الركبان”، فإننا نحذر من كارثة إنسانية في حق سكان المخيم، خاصة بين النساء والأطفال.

وقال “الهميلي” لحرية برس: “إن قاطني المخيم سينظمون نشاطات مدنية وسيكون هناك ضخ إعلامي من المخيم، لا لنترجى بقاء التحالف في قاعدة التنف، ولكن للضغط على المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية وعلى المجتمع الدولي كي نلفت انظار العالم إلينا، ولكننا رغم ذلك مستعدون للمقاومة حتى نرغم النظام على إيجاد حل مناسب لنا”.

وتحدث “الهميلي” عن حالة القلق التي تنتاب الأهالي، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة الاعتماد على النفس في هذه المرحلة وعدم التعويل على التحالف الدولي وقال: “هناك حالة قلق بسبب القرار الأمريكي المفاجئ، ولكن لن يكون الأمر سهلًا بالنسبة إلى قوات النظام وميليشياتها إذا حاولت التقدم، وسنقاوم إلى أن يتم ترحيلنا دون أن نسلم أنفسنا كما جرى في باقي المناطق”.

وختم بالقول: “من المعروف أن التحالف الدولي عندما تنتهي مصالحه يخرج دون أن يفكر بالأطراف الأخرى، لذا فنحن لا نعول عليه، بل سوف نعتمد على أنفسنا في هذه المرحلة”.

من الجدير ذكره، أن مخيم “الركبان” تم إنشاؤه في نهاية عام 2014، في المثلث الحدودي الصحراوي” السوري – العراقي-الأردني” للفارين من جحيم الحرب وويلاتها، وجرائم نظام الأسد وميليشياته المدعومة من إيران وحزب الله، والفارين من تنظيم “داعش” الإرهابي أيضاً.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل