خروقات سوتشي.. غدر “أسدي” برعاية روسية

أحمد الرحال5 نوفمبر 2018آخر تحديث :
أحمد الرحال

تتصدر محافظة إدلب الواجهة السورية منذ مدة لا سيما بعد اتفاق سوتشي الذي تم إبرامه بين الرئيسين التركي والروسي لإقامة منطقة منزوعة السلاح على أطراف المحافظة، لتفصل بين مناطق سيطرة الثوار ومناطق سيطرة نظام الأسد، وما تزال العيون تتربق عن كثب ما سيحدث عقب هذا الاتفاق الذي يبدو هشاً غير قابل للاستمرار حتى نهاية العام الحالي.

الاتفاق أبرم لتجنيب إدلب كارثة إنسانية لا يمكن لأحد أن يتصورها، لكن هناك عقبات وضعت أمام هذا الاتفاق وكانت عثرة في طريقه مثل ’’هيئة تحرير الشام‘‘، التي يتفق الطرفان التركي والروسي على أنها منظمة الإرهاب، الأمر الذي يعطي نظام الأسد حجة مبررة لمتابعة إجرامه ووحشيته بقصف إدلب واضعاً وجود الهيئة ورقة بيده ليبرر أفعاله.

فمنذ سريان الاتفاق لم يوقف نظام الأسد قصفه “المنطقة منزوعة السلاح” والخاضعة لاتفاق “سوتشي” بين تركيا وروسيا، وهو ما أسفر عن استشهاد العشرات بصفوف المدنيين وإصابة آخرين بجروح في مناطق جنوبي إدلب وشمال حماة، إضافة لاستهدافها محيط نقاط المراقبة التركية، على الرغم من الاجتماعات المتكررة لضرورة الحفاظ على الاتفاق تمهيداً لوقف إطلاق النار بشكل كامل في جميع الأراضي السورية.

ودون النظر إلى ذلك، فالنظام معروفٌ بإجرامه ووحشيته منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، وسواء وجدت ’’تحرير الشام‘‘ أو لم تكن موجودة، فهذا هو طبعه الإجرامي الذي لن يتوقف إلا برحيله عن رقاب السوريين، ويمكن القول هنا إنه لن يلتزم باتفاق سوتشي أو أي اتفاق آخر وإن كانت روسيا هي من وقعت على التزامه، ولن تعاقبه على أفعاله أو خروقاته لأنها حليفته وهذا الأمر لا شك به.

أسئلة كثيرة تطرح في الوقت الحالي، هل سينهار اتفاق سوتشي في ظل استمرار نظام الأسد بخرقه في مواصلة القصف الهمجي على المناطق الواقعة ضمن الاتفاقية؟ وهل سينهار بين تركيا وروسيا بعد متابعة الروس لروايتهم المزعومة بتحضير ’’تحرير الشام‘‘ لهجمات كيميائية ضد المدنيين من أجل تبرير فشل الاتفاق؟ وإلى أين سيتجه اتفاق سوتشي بعد الخروقات المتعددة التي يرتكبها النظام دون أي محاسبة؟

تحاول تركيا جاهدة الحفاظ على اتفاق إدلب من أجل ضمان أمن المنطقة امتداداً إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وكسب ثقة الأهالي في أي خطوات أخرى ربما تقوم بها، ولكن هل تحاول روسيا كذلك؟ وهي التي كان أكبر همومها ضمان أمن كافة قواعدها في سوريا، وإتاحة الفرصة لنظام بشار الأسد في التضييق على مناطق سيطرة الثوار في إدلب، دون تكبد أي خسائر، إضافة إلى افتتاح الطريق الدولي الواصل بين حلب واللاذقية، وحلب وحماه، بنهاية العام الجاري.

كلا الطرفان قد حقق مكتسبات في هذا الاتفاق ولكن تركيا لديها عقبة وهي ’’تحرير الشام‘‘ والتي تعد ورقة ضغط بيد النظام ليقصف باستمرار برعاية روسية، ويمكن السؤال هنا رداً على تصريحات وزير الخارجية التركي بأنهم سيوقِفون أي مخالفة لاتفاق سوتشي، وأن تركيا ستكون أول المتدخلين في حال تصرّفت المجموعات ’’الإرهابية والراديكالية‘‘؛ ألا يعتبر قصف نظام الأسد تصرفاتٍ إرهابية تستحق التدخل؟ أم إنها مجرد عثرات ستتوقف عند بدء تسيير الدوريات التركية الروسية المشتركة في المنطقة المنزوعة السلاح؟

استمرار خرق اتفاق سوتشي يضعه على المحك، ليعود سيناريو الحل العسكري من جديد إلى الواجهة تحت ذرائع عدة تتمسك بها روسيا ونظام الأسد، وخاصةً أن الاتفاق لم يتم تنفيذ جميع بنوده بشكل دقيق وواضح، وهذا مايثير القلق من انهياره بشكل تام، طالما أن النظام لا يتوقف عن قصف وقتل المدنيين منذ سريان الاتفاقية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل