قفزت إلى ذاكرتي فوراً، الرقمنة التي اعتمدتها هيئات الأمم المتحدة، ومنذ بداية المقتلة السورية، إذ كانت تخرج التقارير “قتل 35 سورياً في مدينة درعا، أدى قصف طيران الأسد لموت 25 مدنياً في إدلب”.
وكانت وسائل الإعلام تنقل الأخبار عن المنظمات الدولية، حتى دون البحث بتوثيق أعداد وأسماء الضحايا، ما حوّل السوريين، مذذاك، إلى أرقام.
وتذكرت ضمن مشاهد القتل المستمر منذ سبعة أعوام، كيف توقفت المنظمات الدولية حتى عن إحصاء القتلى السوريين، وإن عبر الأرقام، إذ ومنذ يناير/ كانون الثاني 2014، أوقفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان محاولات إحصاء قتلى الحرب بسورية، وكانوا يومذاك، بحسب المفوضية، فقط 100 ألف قتيل، ما زاد من التوقعات والتخمين وكرس رقمنة القتلى السوريين.
غني عن البيان أن نذّكر بأن ما يجري بغوطة دمشق الآن، هو جريمة إبادة جماعية، بدأت بحصار منذ نيف وخمس سنوات، تخللتها أكبر جريمة ربما بالعصر الحديث، حينما قتل نظام الأسد وعبر السلاح الكيميائي في آب/ أغسطس 2013، زهاء 1500 سوري “كم هو مؤلم أن أقول زهاء، إذ وحتى الرقم هنا، عزّ على التوثيق”.
كما ليس من جدوى للصراخ والاستغاثة، بواقع إشاحة وجه العالم، بما فيه دول الإقليم والأشقاء، عن قتل وتهجير السوريين، بل وتراجعهم حتى عن سلاح الشجب، فقتل السوريين اليوم، لا يلقى ولو بعض إنكار.
بل ونفدت “خزائن” المنظمات الدولية، حتى من كلمات التعاطف والتضامن، إذ أعربت منظمة الطفولة الأممية (يونيسيف) عن تضامنها مع أطفال الغوطة عبر إصدار بيان “خال” من الكلمات، معتبرة أن الكلام لم يعد يفي للتعبير عن الكارثة التي تحل بالصغار المحاصرين هناك، في ظل هجوم شرس وقصف عنيف ومستمر من قوات النظام وحلفائه.
خلاصة القول: لو سألنا ضمن استطلاع عينة عشوائية وبأي شارع عربي، من هو الأسير الإسرائيلي الذي أسرته “حماس” عام 2006، لحصلنا ربما من 90% من المستطلعين على اسم جلعاد شاليط. منه، يمكن الوقوف ملياً، وعلى سلسلة من القهر، إن بدأت من دور الإعلام، قد لا تنتهي عند رخص الإنسان العربي، الذي ضاق بالمنظمات الدولية، حتى احتسابه رقماً.
Sorry Comments are closed