البطالة ومنظومة التعليم وغياب الإصلاح… ثالوث التطرف

فريق التحرير1 مايو 2016آخر تحديث :

الإرهابمنذ سنوات عديدة تسعى منظمات عربية، مثل منظمة العمل العربي، ومنظمات أخرى حكومية وغير حكومية، إلى وضع استراتيجية عربية شاملة لمواجهة تنامي ظاهرة التطرف الفكري في أوساط الشباب العربي.

وتحاول تلك المنظمات، من خلال إقامة العديد من الندوات الفكرية، والحلقات الدراسية، والمؤتمرات، البحث عن أسباب وجذور التطرف الفكري، الذي يقود نحو التحاق المزيد من الشباب بـ”المنظمات الإرهابية”.

خبراء ومراقبون من عدة دول عربية، رصدوا أهم أسباب التطرف في أوساط بعض الشباب العربي، وذكروا منها منظومة التعليم السائدة، وارتفاع معدل البطالة، وغياب الإصلاح السياسي الحقيقي.

وبينما حمل هؤلاء الخبراء والمراقبون الأنظمة العربية جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن ظاهرة التطرف، ألقوا جزءًا من المسؤولية على الدول الكبرى؛ بسبب سياسة ازدواجية المعايير التي تتبعها هذه الدول في التعامل مع العرب والمسلمين؛ وما تكرسه من شعور بالإحباط والظلم لدى كثير من الشباب العربي.رئيس “المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام” (تكامل مصر)، (مركز بحثي مستقل)، الباحث مصطفى خضري، عد البطالة “مقوما أساسيا من مقومات تنامي الفكر المتطرف بين الشباب العربي”.

لكن خضري استبعد، في حديث مع “الأناضول”، إمكانية اتفاق الدول العربية على “استراتيجية عربية موحدة لمواجهة البطالة”، واصفا ذلك بأنه “حلم بعيد المنال، ويصعب تحقيقه”.

وأوضح أن من أهم الأسباب التي تدفعه نحو الاعتقاد بصعوبة اتفاق الدول العربية على استراتيجية موحدة لمواجهة التطرف، واقع “الانشطار العمودي في العالم العربي بين مستويين من الدخل المتباين إلى حد بعيد؛ بين دول نفطية، خاصة دول الخليج العربية، يتمتع مواطنوها بدخل مرتفع، ودول أخرى يتدنى مستوى دخل الفرد فيها إلى مستويات مخيفة”.

ووفق رأيه، فإن ثورات الربيع العربي انطلقت عام 2011 “في ظروف بطالة مستشرية منذ عقود في أوساط شريحة مهمة من الشباب العربي الذي وجد في انطلاق هذه الثورات؛ ما يعبر حقيقة عن تطلعاته وطموحاته في العيش الكريم”.

وأضاف: “هؤلاء الشباب كانوا وقود الثورات العربية، التي أصابها بعض النكوص؛ فهو لا يعني الكثير أمام مؤشرات حتمية انطلاق ثورات أخرى بقيادات شبابية واعية اكتسبت ما يكفي من الخبرة لإحداث تغيير حقيقي في تركيبة المجتمعات العربية”.

خضري رأى أن الأنظمة العربية “غير مكترثه” بما يعانيه ذوو الدخل المحدود، وذهب إلى أبعد من ذلك معربا عن قناعته بسعي “معظم الأنظمة العربية إلى تكريس واقع البطالة والفقر كسياسة تحرص عليها من منطلق السعي للتحكم في الشعوب”.

وفي هذا الصدد، وجه الباحث المصري انتقادات، أيضا، إلى مؤسسات المجتمع المدني والجماعات الدينية والسياسية في العالم العربي، معتبرا أنها لا تعطي أولوية، ضمن أهدافها، لمحاربة البطالة والقضاء عليها.

وفي ظل هذا الواقع الذي لا تلقى فيه قضية مكافحة بطالة الشباب، أحد المقومات الأساسية لتنامي الفكر المتطرف، اهتماما من الأنظمة العربية ولا مؤسسات المجمتع المدني، حسب خضري، شدد على أن “مواجهة هذه الأزمات لا يمكن أن تتحقق إلاّ بوضع شعار الإسلام هو الحل موضع التجسيد العملي؛ بما يتضمنه من مقومات نجاح تتمثل في التكافل المجتمعي، والزكاة التشغيلية وإحياء (الأرض) الموات (إعمارها واستصلاحها)، وغير ذلك مما يحفل به الإسلام من حلول جذرية لما تعانيه مجتمعاتنا اليوم من بطالة وتراجع في معدلات التنمية وغيرها”.

وبينما تصل نسبة البطالة بين الشباب على مستوى العالم إلى 13% وفق تقرير أصدرته منظمة العمل الدولية بعنوان اتجاهات الاستخدام العالمية للشباب للعام 2015، قال المدير العام لمنظمة العمل العربية، أحمد محمد لقمان، على هامش مؤتمر عن سوق العمل العربي في الكويت، في نيسان/ابريل 2015، إن أكثر من 30 % من الشبان العرب يعانون من البطالة.الخبير الاقتصادي السوري، حافظ قرقوط، أيضا، حمل الأنظمة العربية المسؤولية عن “تنامي الإرهاب بالمفهوم السائد”.

وأرجع ذلك إلى “عدم تبني هذه الأنظمة لسياسات الإصلاح السياسي بشكل جدّي”، في الوقت الذي “تلتف فيه على الإصلاح السياسي الحقيقي بشراء ذمم بعض المثقفين لإلقاء تهمة الإرهاب على شريحة الشباب، وتبرئة الأنظمة من مسؤوليتها الحقيقية في دفع الشباب نحو تبني الفكر المتطرف والانخراط في صفوف الجماعات الإرهابية”، حسب قوله.

قرقوط قدم في حديثه تشخيصا “قاتما” لواقع الشباب في معظم البلدان العربية؛ حيث رأى أنهم يعيشون اليوم “حالة إحباط” عامة لأسباب تتعلق “بعدم توفر مستلزمات الحياة التي تجعله جزءًا من العصر الذي يعيشه، وعدم امتلاكه الأدوات التي تساعده على التفاعل مع شروط الحياة المتبدلة بشكل سريع″.

وأشار، في هذا الصدد، إلى “عدم وجود خطط تنموية عامة في الإدارات والمؤسسات الحكومية في الدول العربية وغيرها بما يلائم لغة هذا العصر”، ورأى أن أسباب ذلك ترجع إلى أن “أساليب التعليم مازالت تغرق في نبش الماضي، أو في الأسلوب الحفظي البصمي الثقيل، الذي لم يترك لمكونات العقل الإنساني فرصة للتأمل والإبداع″.

وأكد على “إحباط يعيشه هذا الجيل والأجيال التي سبقته لغياب التنمية المستدامة في البلدان العربية، التي لم تستغل الثورة التكنولوجية وثورة الاتصالات؛ بما يؤسس لتنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية تتكفل بنقل أبناء المجتمع من واقعهم إلى واقع أفضل على كل المستويات”.يونس كوركي، القيادي في “الاتحاد التونسي العام للشغل”، أعرق النقابات العمالية في تونس، ركز على منظومة التعليم في العالم العربي كأحد أهم أسباب جنوح شباب المنطقة نحو التطرف.

وقال إن أزمة الشباب العربي “وجنوحه نحو التطرف الفكري الذي يدفع به للانتماء إلى الجماعات الإرهابية” يعود إلى غياب الأسس السليمة لاستراتيجية وطنية “يختص بها كل بلد عربي، كجزء من استراتيجية عربية شاملة تخص كل البلدان العربية لإصلاح حقيقي في منظومة التعليم منذ المراحل التعليمية الأولى وحتى أعلى المستويات”.كوركي، دعا الأنظمة والحكومات العربية إلى “تبني سياسة دعم الحراك الاجتماعي في الأوساط الشبابية، وتعزيز الحوار الوطني لتفهم مشاكل الشباب”.وحذر من أنه، بخلاف ذلك، فإن “مجتمعاتنا ستشهد انضمام المزيد من الشباب في صفوف المجموعات الإرهابية”.

كما حمل كوركي القوى الكبرى جزءا من المسؤولية عن تنامي التطرف في أوساط الشباب بالمنطقة العربية. ورأى في سياسة “الظلم والعدوان التي تتبعها القوى الكبرى ضد العرب والمسلمين، وما يتعلق بحمايتهم لإسرائيل واحتلالهم العراق وقبله أفغانستان” من أهم أسباب “نشوء التنظيمات الإرهابية في المجتمعات المسلمة”، حسب وصفه.

واعتبر أنه على القوى الكبرى إذا كانت “جادة” في محاربة الإرهاب والتطرف أن تعمل على “دعم التنمية في البلدان العربية بدلا من ابتزازها وامتصاص ثرواتها ونهب خيراتها”، على حد قوله.وأكد على ضرورة بناء”وعي جمعي يعزز الهوية الإسلامية على أساس مبادئ وقيم الإسلام المعتدل واتباع نهج الوسطية الذي يعبر عن الإسلام الحق”، حسب تعبيره.
المصدر: القدس العربي – إحسان الفقيه

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل