تقرير لمؤسسة أبحاث يكشف عن تسرب أسلحة أمريكية لـ “داعش”

رانيا محمود15 ديسمبر 2017آخر تحديث :
يشير التقرير إلى أن معظم أسلحة داعش استولت عليها من مخازن الجيش العراقي والسوري – في الصورة مقاتل من داعش في طائرة لقوات الأسد اغتنموها حين استولوا على مطار الطبقة – الصورة عن ارم نيوز

ترجمة: رانيا محمود – حرية برس:

ذكرت مؤسسة أبحاث التسلح في الصراعات (كار) في تقرير صدر عنها الخميس أن بعض الأسلحة التي اشتراها الجيش الأميركي في عام 2015 تسربت إلى أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية خلال شهرين.

و تستند النتائج التي توصلت إليها المؤسسة – المعروفة اختصارا باسم “CAR” وهي مؤسسة بحثية مستقلة لتتبع الأسلحة – إلى ثلاث سنوات من التوثيق الدقيق للأسلحة التي تم استردادها من داعش في ساحات القتال في سوريا والعراق.

استخدمت “CAR” الأرقام التسلسلية أو العلامات الرئيسية على الأسلحة، لتتبع مصدرها الرئيسي، ومحاولة جمع التفاصيل لمعرفة كيف وصلت إلى أيدي التنظيم.

كما شملت بعض الأسلحة التي وُجدت على الخطوط الأمامية بعد الإطاحة بداعش، مدافع رشاشات صينية الصنع مزودة بأدوية منشطة غير قانونية، وطائرات بدون طيار مُصنّعة في مصانع إرهابية متطورة، إضافة إلى بنادق تعود لألمانيا النازية.

ووجدت “CAR” أن صاروخاً مضاداً للطائرات بيع للجيش الأمريكي قد وصل إلى يد داعش خلال 59 يوماً فقط.

ونقلت “ان بي سي نيوز” عن “داميان سبليترز” أحد باحثي “CAR” الذي قام بزيارة ميدانية لتلعفر في العراق هذا “وقت قصير للغاية” وهذا يوضح أنه “لا يوجد وسطاء كثيرون في سلسلة التوريد هذه”.

وجدت “CAR” أن صاروخاً مضاداً للطائرات بيع للجيش الأمريكي قد وصل إلى يد داعش خلال 59 يوماً فقط – الصورة عن موقع ان بي سي نيوز

وفي إطار برنامجين مختلفين، قامت الحكومة الأمريكية بتزويد المعارضة المسلحة في سوريا بالأسلحة، وذلك لمحاربة نظام الأسد أولاً، وبعد ذلك لمساعدة قوات سوريا الديمقراطية “SDF” في معركتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ويُعتقد أيضاً أن بعض أسلحة داعش قد سُرقت من المخازن العسكرية لجيشي سورية والعراق في حين تم شراء بعضها الآخر بطريقة غير مشروعة.

و بحسب التقرير قالت “CAR” أن الشرطة العراقية عثرت على أنبوب صاروخ بلغاري الصنع، وهو جزء من نظام لإطلاق الصواريخ الموجهة سلكياً المضادة للدبابات، وذلك خلال معركة الرمادي في 9 فبراير/شباط 2016. وقامت “CAR” بتتبع مصدر هذا الصاروخ، ووصلت إلى الشركة البلغارية المصنعة، وأكدت الشركة للباحثين أن السلاح قد تم تصديره إلى الجيش الأمريكي من خلال وسيط أسلحة في 12 ديسمبر/كانون أول 2015. وليس من الواضح تماماً كيف وصل السلاح من المصنع البلغاري إلى داعش في العراق؟.

و قد نشر “جيش النصر” مجموعة من الصور في 21 ديسمبر/كانون أول 2016 تظهر مقاتلين في مشهد ثلجي، ويتبيّن من الفحص الدقيق أن إحدى أسلحتهم المضادة للدبابات تحمل رقماً متطابقاً ومتسلسلاً مشابهاً للذي ضُبط في العراق. مما يُشير كما أفاد التقرير إلى أنهم كانوا جزءاً من سلسلة توريد الأسلحة نفسها. وقالت “CAR” أن الولايات المتحدة لم تستجب إلى الآن لطلب تتبع الأسلحة. كما رفضت شركة “كيزلر” التي تبيع الصواريخ المضادة للدبابات إلى الجيش الأمريكي التعليق على الموضوع حسب “CAR”.

وتقول “CAR” في تقريرها واستناداً إلى أنبوب الصواريخ المضادة للدبابات الموجود في الرمادي، وغيره من الأمثلة على الأسلحة التي تم شراؤها من قبل الموردين الأمريكيين من الشركات الأوروبية، فإن هناك أدلة على أن العديد من الأسلحة التي حصلت عليها مجموعات معارضة سورية مختلفة التي تدعمها الولايات المتحدة، وصلت إلى يد “داعش” بطرق مختلفة، منها تغيير ولاءات المجموعات التي تدعمها واشنطن، أو استيلاء “داعش” عليها بالقوة.

قال “اريك باهون” المتحدث باسم وزارة الدفاع عندما طُلب منه التعليق على موضوع الأسلحة التي اشترتها الولايات المتحدة والتي يُحتمل أنها آلت إلى يد داعش : “إن أي ادعاء بسوء استخدام أو تحويل الدعم الأمريكي سوف يؤخذ على محمل الجد ويؤدي إلى تقليص محتمل من الدعم، في حال تم التحقق من صحة هذا الادعاء “. مضيفاً  “أنه لم يطلع على تقرير (CAR)”.

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) تدير برنامجاً سرياً لتسليح بعض الجماعات المعارضة التي تقاتل النظام السوري، واستمر البرنامج حتى أعلنت إدارة ترامب عن تخفيض تزويد هذه المجموعات بالأسلحة في تموز/يوليو. ورفض المسؤولون الحكوميون والعسكريون في الولايات المتحدة التأكيد على وجود برنامج وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب قد نشر تغريدة على تويتر حول الأمر في هذا العام.

وقال الباحث في معهد الشرق الأوسط “تشارلز ليستر” والمتخصص في شؤون المعارضة السورية أن “جيش النصر” كان واحداً من أهم المجموعات التي تتلقى الدعم في إطار البرنامج. مضيفاً بأن الجدول الزمني المقترح من قبل منظمة “CAR” يبدو منطقياً، مشيراً إلى أن المجموعة كانت تقاتل داعش خلال تلك الفترة الزمنية.

وكانت إدارة ترامب قد بدأت هذا العام بتسليح قوات سوريا الديمقراطية وهي مجموعات عسكرية من الاكراد والعرب، لكن وزير خارجية تركيا ادعى الشهر الماضي أن الإدارة أنهت برنامج التسليح، بعد أن تم طرد داعش من معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها.

وقال “باهون” “متى ما كان ذلك ممكناً، فسيقوم مستشارونا بمراقبة استخدام الاسلحة واللوازم التي نعطيها قوات سوريا الديمقراطية لضمان استخدامها فقط ضد داعش”.

و قال الباحث البارز في معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام “بيتر ويزمان” أن تقرير “CAR” يُظهر “المخاطر الهائلة التي تصاحب تسليم الأسلحة إلى مجموعات مسلحة غير مهيأة وغير مدربة بشكل جيد، أو حتى ما يسمى بالجيش المنظم”.

إن الأسلحة المستردة من داعش والموثّقة في التقرير تأتي من مجموعة واسعة من المصنعين والمصادر، حيث تم نهب الكثير من مستودعات الجيش العراقي والسوري في بداية ظهور “داعش” في كلا البلدين.

وتضيف “CAR” بتقريرها أن إدخال أسلحة جديدة في النزاع السوري قد أدى إلى تحسن كبير في “كمية ونوعية الأسلحة المتاحة” لداعش.

وقد حافظت داعش على خط إمدادات واسع من الأسلحة والذخائر والمكونات الكيميائية المستخدمة لصنع القنابل. ولطالما عرضت داعش في مقاطع الفيديو الدعائية الأسلحة الامريكية التي تمتلكها ترسانتها، والتي يُفترض أن معظمها قد تم الاستيلاء عليها من مخازن أسلحة عراقية.

وقد عثرت “CAR” في عام 2015 على بندقية M-16 الأمريكية الصنع في كوباني – سوريا، وتحمل اسم قائد تنظيم الدولة الإسلامية على مخزنها، مما يشكل رمزاً واضحاً يعكس الوضع.

ولكن في الواقع، لا تشكل الأسلحة الأمريكية سوى جزء بسيط من الأسلحة التي وثقها تقرير مؤسسة “CAR”، حيث تشكّل الأسلحة الصينية والروسية أكثر من 50%. وقد وجدت “CAR” أن معظم أسلحة داعش تمت صناعتها قبل عام 1990، وهو العام الذي فُرض فيه حظر توريد الأسلحة على العراق.

بندقية مصنعة في ألمانيا النازية عام 1941 وجدت في مخبأ لداعش في بغداد – الصورة عن ان بي سي نيوز

ويسلط التقرير الضوء على اتساع وعمق ترسانة داعش، ووجد باحثو “CAR” صواريخ مصنوعة في يوغوسلافيا السابقة، إضافة إلى أسلحة وذخائر تم تصديرها من بلجيكا منذ أكثر من 30 عاماً.

ووجد “جيمس بيفان”مدير مؤسسة “CAR” بندقية مصنعة في ألمانيا النازية عام 1941 في مخبأ داعش في بغداد إلى جانب 150 قطعة أخرى من الأسلحة والأجهزة المتفجرة المصنعة يدوياً.

ويعلق “سبليترز” أن استخدام “داعش لأسلحة قديمة” يدل على مدى طول عمر قطعة السلاح، والتي يمكن أن “تعيش طويلاً وتنتقل من مالك لآخر، وتحافظ على مهمتها في إطلاق النار والقتل”.

اكتشف باحثوا المؤسسة 122 بندقية رشاشة صينية الصنع في موقع سابق لتنظيم داعش جنوب الموصل – الصورة عن ان بي سي نيوز

وتقول “CAR” إنها وثقت أكثر من 40000 من قطعة سلاح مختلفة أثناء زياراتها إلى العراق وسوريا، حيث سجلت كل شيء من الدبابات وقاذفات الصواريخ، والرصاص وبقايا فتيل تفجير القنابل.

لكنها كشفت أيضاً عن بعض المفاجآت فقد كشف باحثو المجموعة في أيلول/سبتمبر عن اكتشاف غير عادي يشمل 122 بندقية رشاشة صينية الصنع في موقع سابق لتنظيم داعش جنوب الموصل. وكانت الأرقام التسلسلية في معظمها حسب التسلسل، مما يشير إلى أنه تم تحويلها عن المتلقي المقصود. وقد تم إرفاق كيس واحد على الأقل من “الأمفيتامينات” (دواء يستخدم بشكل غير قانوني كمنشطات ويصفه الأطباء لمعالجة بعض الأمراض) لكل من هذه البنادق.

وخلصت “CAR” إلى أن داعش “قامت بتخزين الأسلحة إلى جانب حصص فردية من العقاقير المنشطة لتصديرها لمقاتليها”.

المصدر ان بي سي نيوز
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل