محمود الحمزة : “لا أتهرب من المسؤولية، وأتحمل أي محاسبة من قبل الشعب السوري”

فريق التحرير16 يناير 2017آخر تحديث :
على خلفية استقالته من المجلس الوطني، والمستجدات على الساحة السياسية السورية في إطار محادثات الأستانة، حرية برس حاورت المعارض والأكاديمي الدكتور “محمود الحمزة”.
– لماذا الاستقالة اﻵن وبعد كل هذا الوقت؟ علما بأن المجلس الوطني لم يعد له ذاك الدور البارز الذي كان عليه بداية تأسيسه؟
  طبعاً الاستقالة ليست وليدة اللحظة بل أفكر فيها من وقت بعيد، وخاصة بعد أن حاولنا منذ عدة أشهر عقد اجتماع للهيئة العامة للمجلس الوطني السوري بمبادرة من عدد من أعضاء المجلس الناشطين ولكن للأسف حاربنا ممثلو الكتل السياسية وعلى راسهم الأخوان وإعلان دمشق ورئيس المجلس (صبرا) الذي يجلس 4 سنوات ولم يعلن استقالته بعكس ما تقتضيه التقاليد الديمقراطية.
المجلس الوطني السوري اليوم في حكم الميت، ولذلك أردت تثبيت موقفي بأنني خارج المجلس لتبرئة الذمة، علماً أنني لا أتهرب من المسؤولية، وأتحمل أي محاسبة من قبل الشعب السوري إن أخطأت بحقه. ولكنني لا أريد ان أكون شاهد زور. والائتلاف ليس أفضل من المجلس الوطني السوري فقد هيمنت لمدة أربع سنوات عليه مجموعة من السوريين المعينين من قوى خارجية وأصبحوا يكررون مقولة إلى الأبد فلو كان الائتلاف بمثابة برلمان فيجب تجديده. والائتلاف عاجز عن تأدية دور وطني فعال يفيد الثورة.
– ما الدور الذي لعبه الاخوان المسلمين بالتدخل بقرارات المجلس والائتلاف فيما بعد؟
بالنسبة للإخوان المسلمين، أولاً لست ضدهم كقوة سياسية وطنية لكنني أتحفظ على ممارساتهم في مؤسسات المعارضة فقد هيمنوا على المجلس الوطني السوري والمراقب العام السيد البيانوني اعترف في شريط فيديو أنهم هم من عين الدكتور برهان غليون كعلماني لإبعاد الشبهات عن دور الأخوان المهيمن، وأنا واثق أن الأخوان هم من عين الدكتور عبد الباسط سيدا كشخصية كردية مع احترامي وتقديري للدور الوطني للدكتور سيدا، وأخيراً كل من حضر اجتماع المجلس في الدوحة (نوفمبر 2012) يتذكر كيف أسقط الأخوان جورج صبرا في الانتخابات للأمانة العامة وكذلك منذر ماخوس وبعد أن احتج العديد من أعضاء الاجتماع وأنا واحد منهم قام الإخوان بإدخال جورج صبرا ومنذر ماخوس في عضوية الأمانة العامة ثم عينوا جورج لعضوية المكتب التنفيذي وانتخبوه رئيسا للمجلس.
يعني بصراحة “مسخرة” مكشوفة للسوريين. ثم إن أموال المجلس كانت معظمها بيد ممثلي الأخوان مثل السيد محمد طيفور واتفقوا مع ممثلي إعلان دمشق (سمير نشار الذي كان يترأس المكتب المالي) على توزيع الأموال. وإلا كيف نفسر أن كل أعضاء مكتب الإغاثة كانوا من الأخوان باعتراف اثنين من أعضاء المكتب التنفيذي (أتحفظ الآن على ذكر أسمائهم) وعندما سألتهم لماذا لا تصححوا الوضع عبروا عن عجزهم ويأسهم. وفي الائتلاف معظم الكتل والشخصيات قريبة من الاخوان.
– قلت في إعلان الاستقالة أن “كتلة الاخوان المسلمين والكتلة الديمقراطية برئاسة ميشيل كيلو أوصلوا أحمد الجربا إلى رئاسة الائتلاف وهذه جريمة يجب أن يحاسبوا عليها فأحمد الجربا لا يمت للمعارضة بصلة”، ماخفايا دور الجربا في حرف مسار الائتلاف؟
طبعاً الجربا خرج فجأة وأصبح رئيس الائتلاف بدعم من كتلة الإخوان والكتلة الديمقراطية المنسوبة للأستاذ ميشيل كيلو. وبما أن أحمد الجربا دخيل على المعارضة وشخصية ملتسبة فهم يتحملون مسؤولية تاريخية على إيصاله للرئاسة، وأغلب السوريين يعرفون كيف استخدم الجربا المال السياسي وأفسد الائتلاف واشترى الذمم وهذه أكبر فضيحة وجريمة. والكل ساكتين حتى اليوم إما للحفاظ على كراسيهم لأن بعضهم كان عاطلاً عن العمل قبل الثورة، أما اليوم له امتيازات في قيادات الثورة ، وأما خائفين من أن تفتح ملفاتهم وتبعياتهم للدول والقوى الخارجية. اليوم أحمد الجربا يعقد اتفاقيات مع صالح مسلم زلمة النظام، ويزور موسكو ويسمع مديح لافروف (وهذا موقف نادر من لافروف) واصفاً الجربا بأنه شخصية وطنية، أي أن الروس يلمّعون صورة الجربا، وتدعمه مصر ودول عربية أخرى بحجة أنه علماني وديمقراطي .
– مابعد حلب … الائتلاف إلى أين خصوصاً بعد استبعاد الدور السياسي من مفاوضات الأستانة؟
  مابعد حلب ليس كما قبلها. ولكن للأسف لا يدرك بعض المعارضين هذا الواقع الجديد ويصرون على دفن رؤوسهم في الرمل. والائتلاف في مقدمتهم. أولاً القوى الإسلامية المسلحة بالرغم من كل تضحياتها ضد النظام إلا أنها فشلت في حلب وخسارتها كانت غير متوقعة. أي أن المشروع الإسلامي في إدارة الثورة لم يبرر نفسه، ومن جهة أخرى فإن ممثلو التيارات الديمقراطية أيضاً فشلت وهي أصلاً شبه غائبة عن المشهد السياسي والعسكري. والائتلاف لا أحد يتذكره الآن، وحتى الهيئة العليا للتفاوض يريدون إبعادها عن المفاوضات، لذلك اخترع الروس والأتراك عملية تفاوض عسكري في استانة يحضرها ممثلو العسكر من روسيا وتركيا وإيران والنظام والفصائل المعارضة المسلحة ويقولون إن استانة مخصصة لتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار وأنا لا أثق لا بالنظام ولا بإيران لأنهم يريدون الحل العسكري بينما روسيا وتركيا محتاجين لحل سياسي، وأخشى أن يكون وفق أجندة الروس رعاة نظام الأسد. وفي كل الأحوال الفصائل المسلحة إذا حضرت يجب أن توحد كلمتها وتكون وفية لدماء الشهداء ولا تنسى أن الثورة قام بها الشعب السوري الذي يريد دولة مدنية ديمقراطية تعددية وأن العسكر لا يقررون مستقبل سوريا وإلا رجعنا إلى ما قبل 2011.
– برأيك … مع غياب دور الائتلاف، لماذا لم يتقدم اﻷعضاء من المعارضين الذين مازالوا على عهد الثورة باستقالة جماعية، لحفظ ماء وجههم أمام الشعب السوري؟
أنا بكل تواضع أصدرت شبه بيان موجه للسوريين بأنهم يجب أن يسألوا قيادات المعارضة عن أدائهم ويجب تقييم مسيرة الثورة، ومن حق السوريين أن يعرفوا ماذا فعلت هياكل المعارضة من مجلس واتئلاف وغيرها ، يعني باختصار نحتاج اليوم للجرأة والمصارحة أمام الشعب السوري حتى نستطيع فتح صفحة جديدة في مسير الثورة بدون الانتهازيين والمتسلقين والمتطرفين وكل من عمل لاجندات خاصة أو حزبية أو أجنبية. شعبنا السوري فيه 23 مليون إنسان فكيف نحصر مصير وقيادة الثورة بعدة مئات؟ هل هذا منطقي؟ وأين المراجعة والمحاسبة؟
– كمعارض لنظام اﻷسد وبالتالي روسيا والمليشيات اﻹيرانية هل تتعرض لضغوطات في روسيا … وإن كنت تتعرض لضغوطات أو ﻻ لماذا تقيم في روسيا؟
أنا معارض لنظام الأسد منذ عام 1970 عندما انتسبت للحزب الشيوعي السوري ولكن الحزب كان في الجبهة الوطنية التقدمية سيئة الصيت، ولم أكن من المؤيدين لسياسة الأسد الداخلية، لذلك ابتعدت بعد سنوات عن الحزب وعملت في التعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعات العربية. وفي عام 2002 عدت لموسكو لأعمل في أكاديمية العلوم الروسية وأنا بروفيسور في الرياضيات وعملت في السنوات العشرين الأخيرة في تاريخ الرياضيات العربية في القرون الوسطى وفي مجال التراث العلمي العربي والإسلامي. ومنذ شهر شباط 2011 أعلنت عن حركة معارضة في موسكو وصرت مع قلة من الأخوة في البداية أروج لافكار الثورة قبل انطلاقتها وأن سوريا ستأتيها رياح التغيير. وقد حاربنا الشبيحة من السوريين والروس وهددوني شخصياً بالتصفية الجسدية (هذه الحادثة موثقة وبالمناسبة الذي هددني بالقتل اسمه محمد معروف وهو عنصر مخابرات سوري وهو الآن مراسل وكالة انباء سبوتنيك الروسية في دمشق!) وقد حاربوني سياسياً ونفسياً واتهموني بتلقي أموال وأنني أدعم الإرهاب ولكن الذي أفادني وجعل الروس يصبرون على نشاطي، برأيي هو كوني أنسان علماني وكذلك لأنني عالم معروف في روسيا وخارجها، ثم أنني كنت رئيس لجنة دعم الثورة السورية من روسيا، وعضو المجلس الوطني السوري وممثله في روسيا وشاركت في معظم وفود المعارضة في موسكو ولقاءاتها مع الوزير لافروف ونائبه بوغدانوف، وكنت صلة الوصل مع وزارة الخارجية الروسية، بالإضافة إلى كوني كنت رئيساً للمجلس الوطني لإعلان دمشق في المهجر لفترة. وأخيراً بعد مشاركاتي العديدة في وسائل الإعلام الروسية وخاصة قنوات التلفزة ودفاعي عن الثورة وفضح جرائم النظام الأسدي وأنتقاد الموقف الروسي من القضية السورية، قاموا بفصلي من عملي في أكاديمية العلوم الروسية وأعرب العديد من زملائي في المعهد عن تضامنهم معي وقالوا لي إننا نعرف أنهم فصلوك بسبب موقفك السياسي ومعارضتك لنظام الأسد. كما فصلوا ابني فراس من عمله في قناة روسيا اليوم حيث كان المدير الفني لموقع القناة، وعندما فصلوه قالوا له بتوجيه من الاجهزة المعنية، وأنا مقيم في روسيا لأن زوجتي روسية ولدي منزل في موسكو وأولادي يدرسون في الجامعات، وبالمناسبة عرضت علي دول أوروبية عديدة اللجوء السياسي او إقامة عمل ولم أوافق.
– ما السبب من اﻹصرار التركي الروسي على مفاوضات اﻵستانة بالرغم من فشل الهدنة بسبب خروقات من قبل قوات الأسد ومليشياته؟
 روسيا بعد سقوط حلب بيد الميليشيات الطائفية وسقوط تدمر بيد داعش وخيانة قوات الأسد والقوات الإيرانية واتباعها لروسيا ولأسباب أخرى منها الأعباء المالية والضغوطات الدولية على روسيا للجرائم التي ارتكبتها بالقصف الجوي على السوريين وقتل الأطفال، قرر الروس – برأيي- إيقاف الحرب والبدء بعملية سياسية لكي يجنوا ثمار تدخلهم العسكري، فهم لم يأتوا إلى سوريا لسواد عيون الأسد بل لحماية مصالحهم الجيوسياسية وبدأوا الآن يتناقضون مع إيران أكثر فأكثر. ولا ننسى أن اتفاق الهدنة في نهاية عام 2016 وقعه الروس مع الفصائل المسلحة التي كانت روسيا تعتبرها إرهابية بمشاركة فعالة من تركيا وغياب إيراني وأسدي. وبعد عودة العلاقات بين روسيا وتركيا إلى وضعها الطبيعي يبدو أن روسيا توصلت إلى اتفاقيات ليست فقط اقتصادية وإنما سياسية وعسكرية وامنية وهم مصرون على الاستمرار في العملية السياسية حتى النهاية. وهذا يجعلني أعتقد بأن روسيا وعدت تركيا برحيل الأسد، ولو بعد فترة من الزمن، وكذلك بإخراج ايران والميليشيات الطائفية وأيضا القضاء على داعش والإرهاب وتحجيم دور قوات الحماية الشعبية (صالح مسلم).
– لماذا مشاركة المعارضة في اﻵستانة تقتصر على مشاركة الفصائل المسلحة فقط دون الهيئة العليا للمفاوضات؟
 أعتقد ان الهدف أولاً إبعاد الهيئة العليا للتفاوض والمعارضة السياسية الوطنية عن اللقاء لأن إشراك معارضات روسيا والنظام تلقى رفضا شديداً من تركيا والمعارضة السياسية الوطنية. ثم أن تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار هو أساس لأي عملية تفاوض سياسية. يعني آستانة تمهيد لجنيف وليست بديلاً عنها. والمعركة السياسية ستكون في اختيار المفاوضين إلى جنيف، لأن روسيا ستصر من جديد على احضار جوقة من معارضات نصف كم (مثل قدري ورندة وصالح مسلم وغيرهم).
– برأيك مالذي ستتمخض عنه مؤتمر اﻷستانة؟
 أعتقد أن أستانة سيفشل لأن روسيا تريد فرض أرادتها وتؤيدها تركيا لكن إيران والنظام لن يتبعوا القرار الروسي بشكل أعمى والأهم من كل ذلك مهما اتفقوا فلن يلتزم النظام وايران والميليشيات الطائفية باي هدنة كما فعلوا مؤخراً في وادي بردى ومناطق أخرى. لذلك فإن تركيا وروسيا كضامنين لوقف إطلاق النار يجابهان تحدي كبير وهو إنجاح الهدنة. وهناك موقف الإدارة الامريكية الجديدة الذي قد يقلب المعادلات.
– بعد خسارة حلب مالذي يترتب على المعارضة للثبات على مبادئ الثورة واستعادة مكانتها في المفاوضات التي كانت عليها بدايات الثورة؟
  هذا أهم سؤال. بعد حلب يجب علينا كمعارضة: مؤسسات وشخصيات وطنية مدنية وسياسية وعسكرية، أن نحضر لمؤتمر وطني عام لكل القوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية ، وأن نجري عملية تقييم لـ 6 سنوات من عمر الثورة، ونستخلص الدروس، وأن نختار قيادة ثورية مستقلة، وان يتم وضع استراتيجية شاملة لكافة المجالات. فالثورة السورية قائمة ولم تنته بل يجب تنظيفها من الشوائب وأدعو كل من تصدر المعارضة في فترة 6 سنوات، أن يتواضع وينسحب على الأقل للصف الثاني، وأن يضع نفسه في خدمة الثورة، لا أن يعتبر نفسه وصياً عليها إلى الأبد. يجب أن نرفع راية الثورة ونعيد شعاراتها الوطنية الجامعة للسوريين الطامحين لدولة مدنية ديمقراطية تعددية، دولة المواطنة.
التعليقات تعليق واحد

عذراً التعليقات مغلقة

  • منجد الباشا
    منجد الباشا 18 يناير 2017 - 2:18

    اعتقد ان الدكتور محمد قد تاخر كثيرا..
    كما ان دعوته لعقد مؤتمر وطني .لافائدة منه اذا كان المؤتمر بمشاركة نفس القوى التي يتلطف الدكتور بنقدها..
    بينما هي في حقيقة الامر ينبغي ان تحاكم ثوريا وشعبيا.

عاجل