معركتنا الحقيقية ليست بين إيران والاحتلال.. بل مع الظلم 

نوار إدلبي24 يونيو 2025آخر تحديث :
نوار إدلبي
نوار إدلبي

في خضم صراعات الشرق الأوسط المتعددة، كثيرًا ما نجد أنفسنا محاطين بجدل ونزاعات سياسية لا تمثل جوهر قضيتنا كعرب، ولا تلامس عمق وجعنا الإنساني. 
ومن أبرز هذه النزاعات والحوارات الجدلية، الصراع الإيراني الإسرائيلي، الذي أصبح محورًا إعلاميًا ضخمًا، لكنه لا يعكس بالضرورة معركتنا نحن الشعوب العربية. 

وبوصفي سوري الهوية، أنتمي لشعب عانى من القمع والقصف والدمار والتهجير والخذلان، لا أرى في إيران التي شاركت بمأساة شعبي، طرفاً أتعاطف معه في صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي، ولا أراها ممثلًا عني، ولا في الاحتلال عدوًا لإيران نيابةً عني. 
الصراع بين الطرفين ليس معركتي. 
لم تتوقف يومًا جرائم إيران وميليشياتها ودعمها لنظام الأسد المخلوع في مواجهة شعبي بسبب صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية عن الفلسطينيين يومًا نتيجة هذا الصراع. 

لقد تحوّل هذا الصراع الإقليمي إلى مسرح معقد من الحسابات السياسية والنفوذ، بينما تُدفن أصوات الضحايا في التراب، ويُداس على آلام الشعوب تحت أقدام التحالفات المؤقتة. 
والآن، وبعد أن تخلصت بلادي من نفوذ إيران وجرائمها، فإن المعركة الوحيدة التي أنتمي إليها وأعتبر طرفاً فيها، هي مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يحتل الجولان السوري، وما زال يتوغل في أرضي. الاحتلال الذي هجّر الفلسطينيين، واغتصب أراضيهم، وسفك دماء الأبرياء. 
هذا هو العدو الذي يجب أن توجّه له بوصلتنا جميعًا. 
إيران دولة تسعى لأجندتها ومصالحها، لا تمثلني، ولا تحارب دفاعًا عن قضايانا، ولمصلحة الإنسان العربي الساعي للحرية والكرامة. 

ليست المقاومة ترفاً ولا مسرحية، وليست حكرًا على طرف سياسي أو فصيل مسلح. المقاومة الحقيقية حق مشروع للشعوب المحتلة والمضطهدة، وتجد جذورها راسخة بين الناس، وتنبع هذه المقاومة من أصحاب القضية، من الطفل الفلسطيني الذي يرشق عدوه المحتل بالحجارة، ومن الأم السورية التي فقدت بيتها وأمانها وأبناءها تحت قصف مزدوج. 

إن اختزال نضال الشعوب في معارك إقليمية تدار خلف الكواليس، فيه خيانة لدماء الشهداء وآهات المظلومين. 
نحن بحاجة لإعادة تعريف تحالفاتنا بناءً على الموقف من القضايا الإنسانية، لا وفق مصالح الدول العظمى أو القوى الدينية أو الطائفية. 

العرب للأسف خرجوا من معادلة التأثير في تقرير مصير المنطقة، إمّا صامتين أو تابعين. لكن هذا لا يعني أن قضايانا التحررية العادلة قد انتهت أو تآكلت. 
بل تعني أن دور الشعوب اليوم أن تميّز بين المعركة الحقيقية والمعارك الجانبية، وأن تستعيد بوصلة الوعي والتضامن على أسس وطنية وإنسانية لا طائفية ولا سياسية. 

معركتنا ليست تلك الدائرة رحاها بين إيران والاحتلال، بل بيننا نحن – أصحاب الحق – وبين من اغتصب أرضنا وحقوقنا. 
وما لم ندرك هذه الحقيقة، سنبقى أدوات هامشية في نزاعات لا تمثلنا، وسنخسر معركتنا الوحيدة التي تستحق أن نخوضها. 

اترك رد

عاجل