
فتاة سحلول – حرية برس:
شهدت مدينة حمص في الآونة الأخيرة، عقب سقوط النظام البائد، عودة أعداد كبيرة من الأهالي إلى مدينتهم، سواء من المحافظات السورية الأخرى أو من دول الجوار، ما شكّل ضغطًا كبيرًا على السوق العقاري، مما جعل أزمة السكن واحدة من أبرز التحديات التي يواجهها سكان المدينة، حيث بات كثيرون عاجزين عن تأمين مأوى يناسب إمكانياتهم المادية.
يقول أبو ثائر (55 عاما)، صاحب مكتب عقاري في حي الإنشاءات، لموقع “حرية برس”، إن “الطلب على الإيجارات في حمص يشهد ارتفاعاً كبيرا، خاصة من قبل العائلات العائدة والطلاب والموظفين القادمين من الأرياف”، مشيراً إلى المشكلة الرئيسية أن العرض قليل جدًا مقارنة بحجم الطلب، وهذا ما يدفع الأسعار للارتفاع بشكل مستمر.
ولا يقتصر ارتفاع الأسعار على الإيجارات فقط، بل يشمل أيضاً أسعار البيع والشراء، والتي تختلف بشكل كبير بحسب موقع العقار، وقربه من الخدمات، ورقيّ الحي.
ويضيف أبو ثائر أن أسعار الإيجارات تختلف بشكل كبير بين الأحياء، حيث قد يصل إيجار شقة صغيرة في منطقتي الحمرا أو الإنشاءات إلى ما بين 2 و4.5 ملايين ليرة سورية شهرياً، بسبب الطلب المرتفع ومستوى الخدمات. في المقابل، تتراوح الإيجارات في أحياء مثل الادخار الغربية أو الخالدية بين 800 ألف ومليون ونصف، لكنها تعاني من ضعف في البنية التحتية والخدمات الأساسية والأسواق، ما يجعل الطلب عليها أقل.
وفي حي الوعر، الذي يُعد من الأحياء الأكثر تنظيمًا وتكاملًا من حيث البنية التحتية والخدمات، تُسجَّل أسعار مرتفعة نسبياً.
يقول أبو هشام (46 عامًا)، مسؤول مكتب عقاري في حي الوعر، إن الحي بات ينافس مناطق مثل الحمرا والإنشاءات من حيث الإقبال على السكن، موضحًا أن الكثافة السكانية وتوفر الخدمات مثل المشافي والصيدليات ومدينة المعارض ومحطة الوقود والحدائق العامة، جعلت من الوعر خياراً أولاً لكثير من الباحثين عن سكن في المدينة.
ويوضح أن “سعر الإيجار في حي الوعر يتراوح بين مليون ونصف و3 ملايين ليرة، أما سعر الشراء فيتراوح بين 250 مليونًا و800 مليون، وفقاً لموقع الشقة ومساحتها.”
ويشتكي كثير من المستأجرين من الارتفاع الكبير في أسعار الشقق المفروشة مقارنة بغير المفروشة، مما يجعلها خارج نطاق القدرة المالية لغالبية العائلات الباحثة عن سكن مناسب.
ويقول أحمد وهو أحد المواطنين الباحثين عن بيت للإيجار، إن “الشقق المفروشة أصبحت تحتاج ميزانية خاصة، إذ أن سعرها أضعاف الإيجار العادي، خاصة إذا كان الأثاث حديث وفي منطقة تتوفر فيها خدمات.”
ومع الإعلان عن رفع العقوبات الاقتصادية، علّق كثير من المواطنين آمالهم على تحسّن الأوضاع المعيشية، وعلى رأسها انخفاض أسعار الإيجارات والعقارات.
إلا أن الواقع خالف هذه الآمال، إذ لم يطرأ أي تحسن يُذكر على السوق العقارية، بل ارتفعت الأسعار في بعض المناطق، وسط غياب مؤشرات حقيقية على انفراج اقتصادي ملموس حتى الآن.