“اللاجئون السوريون” من الترحيب إلى الترهيب.. لماذا؟

معاذ عبد الرحمن الدرويش5 يوليو 2024آخر تحديث :
“اللاجئون السوريون” من الترحيب إلى الترهيب.. لماذا؟

مع بداية الثورة السورية فتح العالم أقصى أبعاد أذرعه لإستقبال و إحتضان اللاجئين السوريين ، وكان هناك خطة محكمة و مدروسة لذلك، حيث أنه أول الاماكن التي أخلتها قوات نظام الأسد هي الحدود مع دول الجوار، و فتحت جميع الدول المجاورة أبوابها للسوريين، واحتضنتهم بكل ود و ترحاب ،إبتداء من تركيا فلبنان فالأردن فالعراق، وكان لتركيا النصيب الأكبر من اللاجئين، و من ثم لبنان فالأردن فالعراق، و كانت تلك الدول بمثابة خزان لتجميع اللاجيئن، ومن ثم تم نقل الكثير منهم من دول الجوار إلى معظم دول العالم، و بالأخص دول الإتحاد الأوربي فكندا فأمريكا وسواها.

في بداية الثورة تم استقبال السوريين بجوازات سفر منتهية، و بدون جوازات أحيانا، ليس مهما المهم أن تهاجر، كانوا يتباكون على السوريين ويحتصنونهم بإسم الإنسانية. ثم فجأة تذوب الإنسانية ، وتكشر الذئاب عن أنيابها، وفي معظم الدول و في توقيت واحد ، من تركيا للبنان للعراق لل…. ألا يحق للمرء أن يتساءل لماذا فتح الجميع صدورهم و أحصانهم في وقت واحد؟.. و من ثم كشروا عن أنيابهم و أظهروا حيوانيتهم في وقت واحد؟.. كيف ظهرت الإنسانية في وقت واحد و ذابت في وقت واحد؟ الذي حصل أنه تم فتح جيوب في دول الجوار خاصة و دول العالم عامة في سبيل إخراج أكبر عدد ممكن من الحاضنة الشعبية للثورة، ريثما يتم تقليم أظافرها و نزع كل مخالبها، و بالفعل نجحوا في ذلك طبعاً.

وبنفس خطة إنشاء جيوب لإفراغ الثورة من محتواها الشعبي، تم خلق جيوب عسكرية متعددة لإفراغ الثورة من زخمها العسكري و نجحوا في ذلك أيضاً. و لعل الخطأ الأكبر الذي ارتكبه السوريون هو أنه سلموا زمام أمورهم لمن إدعوا صداقة الشعب السوري.. فتعرت كامل اوراقهم و تم النجاح و بسلام بالإلتفاف على الثورة عسكرياً و من ثم شعبياً، أو بتعبير أصح لقد نجحوا في خداع الشعب السوري. والواقع لا يحتاج إلى شرح، لكن خذ على سبيل المثال، كيف أن السوريين كانوا آمنين في لبنان ، في حين أن هؤلاء أنفسهم غير آمنين على حياتهم في مناطق سيطرة حزب الله في سوريا.

و ما أن تم إخماد جذوة الثورة عسكرياً، حتى تم الإعلان عن إنتصار الأسد، وبالتزامن مع ذلك كشف النظام العالمي عن وجهه الحقيقي، وبدأ بالإيعاز لدول الجوار خاصة و دول العالم عامة بالتطبيع مع نظام الأسد، والإنقلاب على اللاجئين السوريين. لكن رغم كل ذلك لا يزال هناك نواة شعبية كبيرة في الشمال السوري ،بعيداً عن الفصائل المسلحة ، فهناك عدة ملايين لا يمكن بالسهولة أن يتقبلوا العودة إلى من قتلهم و هجرهم ودمر بيوتهم و منهم و قراهم.

الخطير بالأمر أن نظام الأسد غير مستعجل على أي أمر ما دامت مؤخرته على كرسي السلطة، و هذا الأمر يتطلب من الكتلة الشعبية في الشمال السوري أن تحافظ على نفسها و تتكيف مع أي متغير جديد.

لو رجعنا بذاكرتنا قليلا، لرأينا كيف نظام الأسد إنسحب و تخلى عن ثلاثة أرباع سوريا، ريثما تم الإلتفاف على الثورة، و هذه النقطة بغاية الخطورة، بحيث يمكن إجبار المهجرين بالعودة إلى سوريا ، و يتم فرطهم بإسلوب ما مع طولة الزمن.

باختصار العالم يحكمه ثلة صغيرة ، هي الآمرة و هو الناهية ، و مشكلة الشعب السوري ليست مع نظام الأسد وحده، و إنما مع تلك الثلة التي تتحكم بدفة السلطة للنظام العالمي . الظلم الذي وقع على الشعب السوري، لم يتعرض له شعب من قبلهم ، ولقد تآمر عليهم العالم قاطبة، بأوامر تلك الثلة الطاغية ، وبحق الثكالى و اليتامى و الأرامل نسأل الله بفرج من عنده يغنينا عمن سواه.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل