مساهمة في خارطة طريق نحو الدولة السورية الجديدة

عمر إدلبي19 يناير 2025آخر تحديث :
مساهمة في خارطة طريق نحو الدولة السورية الجديدة

تثير حالة الغموض المستمرة منذ إسقاط نظام العصابة، حيال العملية الانتقالية في سوريا، مخاوف السوريين، وتفتح المجال للتكهنات والقلق من غياب طرح واضح وتصورات محددة لدى الإدارة السورية الجديدة للخطوات الواجب اتخاذها لخطة التغيير السياسي وبناء هياكل نظام الحكم الجديد.

وما يزيد قلق السوريين حيال هذا الغموض، تزايد تصريحات المسؤولين العرب والدوليين، التي يستشعر السوريون معها محاولات وصاية خارجية، يُخشى أن تقوض جهود السوريين لإنضاج وإنجاح عملية انتقالية سياسية سورية – سورية.

ويقترح هذه المقال بعض النقاط الأساسية، المكثفة، لإنجاز عملية الانتقال، وبناء هياكل الحكم في سوريا، لا نزعم أنه اقتراح جامع مانع، وإنما هو مساهمة في وضع التصورات المقترحة موضع النقاش، أمام القيادات والنخب والجمهور السوري.

شرعية عملية الانتقال “الشرعية الثورية”

يقتضي واقع الحال ألا تتردد الإدارة السورية الجديدة في الاستناد إلى مبدأ “الشرعية الثورية” بوصفه التعبير الواقعي عن الإرادة الشعبية التي أسقطت النظام الديكتاتوري الأسدي، وأن تكيف خطواتها اللاحقة بالاستناد إلى هذا المبدأ المتعارف عليه في تجارب كثيرة في التاريخ.

وانطلاقا من هذا المبدأ المشروع، فإن بوسع الإدارة السورية أن تعلن خطة واضحة للعملية الانتقالية وفق جدول زمني معلن محدد، ومرن في آن معاً، يشتمل الخطوات التالية:

أولاً: مجلس الحكم السوري الانتقالي

تشكيل مجلس الحكم السوري الانتقالي، برئاسة قائد عملية ردع العدوان، ويضم قادة من الفصائل المشاركة، إلى جانب سياسيين مدنيين يحظون بتقدير السوريين، يراعى فيه مشاركة المرأة السورية.

يتولى مجلس الحكم السوري الانتقالي مهام إدارة المرحلة الانتقالية، والإشراف على جهود حفظ الأمن والاستقرار وضمان استمرار عمل المرافق العامة والخدمات الحكومية، وإدارة الشؤون الخارجية.

ثانياً: الإعلان الدستوري المؤقت

يصدر مجلس الحكم السوري الانتقالي بمشورة المختصين بالقانون الدستوري، إعلاناً دستوريا مؤقتا يتضمن محددات إدارة البلاد في المرحلة المؤقتة، ويكفل ضمان الحقوق والحريات الأساسية، ويخول الإعلان مجلس الحكم السوري الانتقالي بعض الصلاحيات التشريعية اللازمة لتسيير الشؤون العامة، وقوانين إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، وإلغاء القوانين القمعية السابقة، وتشكيل الهيئات الضرورية لمعالجة ملفات المحاسبة والعدالة، والمفقودين، وسن التشريعات الضرورية المؤقتة، التي تخضع لاحقاً لرقابة البرلمان فور تشكيله.

ثالثاً: الحكومة الانتقالية

يشكل مجلس الحكم السوري الانتقالي حكومة انتقالية من شخصيات تمتلك الكفاءات والخبرات، تتولى تحت إشراف المجلس تسيير شؤون الحياة اليومية واستمرار عمل المرافق الحيوية، وإطلاق عملية تقييم لوزارات ومؤسسات الدولة، وإدارتها بنزاهة، ووضع خطط تطويرها، وتوفير الشروط اللازمة والخطط الضرورية لإحياء القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية، وتأمين البيئة الآمنة لعودة النازحين واللاجئين، وتوفير شروط الاستقرار الأمني، وإطلاق مسارات العدالة الانتقالية والمحاسبة، وتهيئة الأجواء للحوار الوطني والمصالحة.

رابعاً: المؤتمر الوطني العام

يتولى مجلس الحكم السوري الانتقالي الدعوة لعقد المؤتمر الوطني العام، بهدف رسم ملامح النظام السياسي ووضع الرؤية الوطنية والمبادئ الأساسية للدولة السورية الجديدة على أسس تشاركية.

يشكل مجلس الحكم السوري الانتقالي بمعونة الحكومة الانتقالية لجنة تحضيرية للمؤتمر، يجري اختيار أعضائها من شخصيات سورية مستقلة مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، وتعلن أسماء أعضائها.

تتولى اللجنة التحضيرية للمؤتمر بإشراف مجلس الحكم الانتقالي مهام وضع معايير شفافة ووطنية لاختيار أعضاء المؤتمر، في مقدمتها التمثيل الشامل والمتوازن بين المناطق والمكونات السورية، والتنوع الفكري والثقافي والسياسي، والنزاهة والكفاءة والخبرة، وتتولى اللجنة تحضير أوراق عمل مختلف لجان المؤتمر.

خامساً: الدستور

ينتخب المؤتمر الوطني العام لجنة تأسيسية تتولى صياغة دستور جديد للبلاد، تتولى وضع الآليات والقرارات التي تحدد سير عملها.

تعمل اللجنة التأسيسية على صياغة دستور يمثل العقد الاجتماعي الذي يطمح إليه السوريون، بما يكفل وحدة البلاد أرضاً وشعباً، وينظم العلاقة بين الدولة والمواطنين ويرسي قيم المواطنة المتساوية والديمقراطية وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية.

وتعرض مسودة الدستور على الاستفتاء العام.

ختاماً: إن نجاح هذه العملية برمتها يتوقف على ضمانات محددة هي الشفافية والإعلان لإزالة القلق عند السوريين، والشمولية، والمشاركة الواسعة، والتمثيل الحقيقي للمرأة والشباب، والنزاهة، والتشاور المتواصل مع القوى الوطنية السورية، وضمان حرية العمل السياسي والإعلامي، ورقابة المجتمع المدني.

اترك رد

عاجل