أكدت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي (CJEU) حدوث تطورات مهمة وملموسة في حقوق الشباب المهاجرين، وأعلنت عن أربعة قرارات يوم الإثنين 1 أغسطس/آب، مرتبطة بطلبات لم شمل الأسرة وطلبات اللجوء لليافعين، سواء كانوا قاصرين غير مصحوبين بذويهم أم أصبحوا راشدين في الآونة الأخيرة.
تعمل قرارات محكمة العدل (أعلى محكمة أوروبية) على تنسيق وتوحيد القواعد المعمول بها في مختلف دول الاتحاد الأوروبي. ويشرح فريق مهاجرنيوز الأحكام الأربعة الأخيرة التي صدرت عن المحكمة، ومدى تأثيرها على مستقبل الفئة الشابة.
الاستئناف ضد رفض لم شمل الأسرة بموجب دبلن: “خطوة كبيرة إلى الأمام”
يتعلق أحد هذه القرارات بوسائل الاستئناف الممكنة في حال رفضت دولة أوروبية تولي مسؤولية قاصر غير مصحوب بذويه، اعتمادا على لائحة دبلن 3. ورغم أن هذه اللائحة تشمل إمكانية لم شمل أعضاء الأسرة، فإن بعض الدول الأوروبية تعارض النقل، وتمنع القاصرين غير المصحوبين بذويهم من الانضمام إلى عائلاتهم بهذه الطريقة.
كان السؤال الموجه إلى المحكمة هو: هل يمكن استئناف حالات الرفض هذه أمام محكمة؟
تقول المحامية في منظمة “Safe Passage”، لوسي بيشيه، إن “لائحة دبلن 3 لم تكن واضحة بشأن هذه القضية”. وتعمل هذه المنظمة غير الحكومية على دعم طرق الهجرة القانونية للقصر، وواجهت خلال الأعوام الماضية تحديات بسبب تفسير كل دولة لنص القوانين بطريقتها الخاصة. “فرنسا وهولندا والسويد والنمسا مثلا، من الدول التي اعتبرت أنه لا يمكن استئناف الرفض في هذه الحالة”.
لكن المحكمة نظرت في قضية طالب لجوء مصري يبلغ من العمر 17 عاما، وصل إلى اليونان في عام 2019، وكان يسعى للم شمله مع عمه اللاجئ في هولندا. لذلك قدمت اليونان طلب نقل هذا الشاب إلى هولندا، بموجب إجراء لم شمل الأسرة المنصوص عليه في لائحة دبلن، لكن رفضت هولندا النقل.
“حاولت السلطات اليونانية الاستئناف، لكن هولندا رفضت الطلب، معتبرة أن قانون اللجوء الأوروبي لا يسمح لدولة أخرى بالطعن في مثل هذه القرارات”، حسبما أوضح الموقع المتخصص Court House News.
اليوم أخيرا، جاء حكم المحكمة الأوروبية لصالح الشاب المصري، وقالت إن الطعن في هذه الحالة أمر لا جدال فيه. وبالتالي، يتعين على المحاكم الهولندية، (مثل الفرنسية والسويدية والنمساوية)، قبول دراسة طلبات الاستئناف.
هذه “خطوة كبيرة إلى الأمام”، في نظر لوسي بيشيه.
أن تصبح بالغا أثناء طلب لجوء الوالدين.. لم يعد ذلك يمثل عقبة أمام لم شمل الأسرة
النتيجة المهمة الأخرى تتعلق بعمر الشباب المتقدمين للم شمل الأسرة. فالتوجيه الأوروبي لعام 2003، كان فيه بعض الغموض. وأصدرت المحكمة حكمها في قضيتين متشابهتين.
تتعلق القضية المعروضة الأولى على المحكمة بشابة سورية ووالدها. عندما ذهب الأب إلى ألمانيا وتقدم بطلب لجوء هناك في عام 2016، كانت الابنة قاصرا. بحلول الوقت الذي حصل فيه على وضعية لاجئ في عام 2017، والذي يسمح له بالشروع في طلب لم شمل الأسرة في غضون ثلاثة أشهر، كانت ابنته قد بلغت 18 عاما.
لكن تؤكد المحكمة الأوروبية في قرارها الجديد أن التاريخ الذي يجب أخذه في الاعتبار، هو تاريخ تقديم طلب اللجوء من قبل الوالد. ذلك يعني أن المراهقة كانت قاصرة عندما قدم والدها طلب لجوء، لذلك لا يحق لألمانيا رفض طلب لم الشمل على أساس أن الشابة تبلغ الآن سن الرشد.
“هذا يضع جميع القاصرين الراغبين في الانضمام إلى والديهم على قدم المساواة، بغض النظر عن وقت معالجة طلب اللجوء” بحسب لوسي بيشيه، والتي تؤكد على أن غياب التنسيق وتوحيد الإجراءات يلقى بأثره على القرارات التي تختلف بحسب سرعة معالجة الملفات في كل بلد.
حددت بعض البلدان القيود الخاصة بها. في فرنسا، على سبيل المثال، كان من الممكن تقديم طلب للم شمل الأسرة حتى يوم عيد ميلاد الفرد التاسع عشر.
“من الآن فصاعدا، إذا افترضنا حالة تستمر فيها إجراءات اللجوء للأقارب لفترة طويلة يتجاوز فيها عمر الشاب 19 عاما، يمكنه دائما تقديم هذا الطلب”، بحسب ما توضح لوسي بيشيه.
من ناحية أخرى، لدى ألمانيا تشريعات وطنية مقيدة. وهذا ورد في القضية الثانية التي بتت فيها المحكمة أخيرا: رفضت ألمانيا تأشيرات لم شمل الأسرة لمراهقين سوريين حصلت أسرتهما على حق اللجوء في عام 2015. وهذا، على أساس أن الصبيان قد أصبحا، خلال فترة المعالجة، بالغين.
لكن بعد القرارات الأخيرة، سيتعين على الإدارات والمحاكم الألمانية جعل قراراتها أكثر مرونة، وسيتعين على التشريعات الوطنية إعادة تكييفها.
الحق في طلب اللجوء في بلد يختلف عن ذلك الذي منح الوالدين حق اللجوء
القضية الرابعة والأخيرة التي حكمت فيها المحكمة الأوروبية تتعلق بالحق في اللجوء لعائلة شيشانية، وهي أقلية مسلمة تعاني من التمييز في روسيا.
حصل الزوجان، بالإضافة إلى أطفالهما الخمسة، على حق اللجوء في بولندا عام 2013. ثم انتقلوا جميعا إلى ألمانيا حيث ولدت ابنتهم الأخيرة. عندما كانت في السابعة من عمرها، تم تقديم طلب لجوء لها في ألمانيا. لكن سلطات ألمانيا رفضته بموجب لائحة دبلن III: الأسرة التي حصلت بالفعل على حق اللجوء في دولة أوروبية بولندا في هذه الحالة، تكون هي المسؤولة في نظرهم عن طلب لجوء الفتاة الصغيرة.
تناقض المحكمة الأوربية السلطات الألمانية، إذ إنها تعتقد أن هناك تفسيرا خاطئا للقانون الأوروبي، مؤكدة على حق الفتاة بطلب اللجوء في ألمانيا.
قد يؤثر القرار الأخير على مصير كثير من العائلات الأخرى في المستقبل، ليس فقط في ألمانيا وإنما أيضا في دول أوروبية أخرى.
عذراً التعليقات مغلقة