هزيمة المشروع الفصائلي بداية التصحيح

جمعة الحمود30 مارس 2018آخر تحديث :
هزيمة المشروع الفصائلي بداية التصحيح

حراسة الثورة باستمرارها وهزيمة المشروع الفصائلي هي البداية وأول الغيث كعمل بات ضرورياً وملحاً للغاية بعد الانتكاسات الهائلة التي لحقت بالثورة وبحاضنتها الشعبية التي مازالت تستنزف قتلاً واعتقالاً وتدميراً وتهجيراً قسرياً ممنهجاً بفعل الآلة العسكرية التابعة لعصابة النظام والروس وايران، والتآمر الدولي والإقليمي والصمت المشين للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات حقوق الانسان عما يجري في سوريا بات واضحاً ومتفق عليه، هذا على المستوى الخارجي ولم تعد هناك فائدة من الشرح والتوسع بهذا الجانب بقدر ما نحن مطالبين اليوم بالعمل على حل مشاكلنا الداخلية وايجاد الحلول المناسبة من خلال مراجعة الأخطاء الجسيمة التي وقعنا بها وعلاجها بشكل فعال وسريع لأن الوقت لا ينتظر ولم يعد هناك المزيد والواجب يفرض علينا الجرأة بأن نرفع الصوت عالياً بوجه كل أخطأ أو سرق أو خان وما زال بيننا وما زال البعض يتستر عليه بسبب منفعة أو مصلحة.

علينا أن ندق ناقوس الخطر فالناس تتراجع قدرتهم على التحمل بسبب ما حصل لهم على مر السنيين الماضية وآخرون يتسلل اليأس إلى نفوسهم ولا يلامون، نعم الطريق طويل وشاق ويتوجب علينا أن نبدأ باصلاح بيت الثورة الداخلي على كل المستويات، هناك الكثير من الأمور تحتاج إلى حسم سريع وقرار شعبي أسرع فالثورة لهم ولا ثورة من دونهم والبداية تكون من العمل على حراسة الثورة ومكتسباتها الإيجابية التي تسرق منذ أن بدأت، وأهم شيء بحمايتها هو استمرارها دون أن تخبو وتنتزع الأمل من فم المستحيل، ومن هنا علينا استعراض المشاكل والأخطاء والبدء بحلها خطوة خطوة فالثورة فعل مستمر قد يتم عرقلتها ولكن لايمكن وقفها مهما انتكست.

يسأل الكثيرون ما نفع الثورة وكيف لها أن لا تتوقف بدون أرض والشعب مازال يهجّر و يشّرد بعد كل هذه السنيين والتضحيات وفصائلنا تقتل بعضها والنظام يتفرج ويضحك؟ سؤال محق قد لا تجد له جواباً وحال الانتكاس مستمرة بكل صراحة، الماضي ذهب ولن يعود والتمسك به والبكاء على أطلاله عجز لتبرير تمسكنا بحبال الوهم وعدم مواجهة الحقيقة والحال التي وصلنا إليها، الحقيقة أن أحد أهم الاسباب التي ساهمت بانتكاسة الثورة واستنزاف أبنائها هي الفصائلية التي تم بها تفخيخ طريق الثورة وتفجيرها وإغراقها في الصراعات الداخلية التي أكلت أبنائها، بسبب ايديولوجياتها المذهبية والطائفية والعرقية والعشائرية والمناطقية التي ساهمت بهدم نسيج المجتمع السوري الثوري وفككت حتى الأسر داخل الحاضنة الشعبية للثورة والتي كان من المفترض أن تكون حلف أخلاقياً ونضالياً واحداً لقتال الظالمين بغض النظر عن مرجعيتهم، من أجل كل ذلك يجب البدء بمحاربة الفصائلية والقضاء عليها بأسرع وقت ممكن وهذا واجب أخلاقي وثوري ووطني يتحمله الجميع و أولهم الأهالي والأسر التي لها أبناء ضمن هذه الفصائل والمجاميع والكتائب المتفرقة.

من هنا فقط يمكننا البدء باستعادة جمهور الثورة واستعادة القرار الوطني الثوري سواء من تلك الفصائل وقاداتها أو من الدول التي تدعمهم لمصالحها، واستعادة القرار الوطني للثورة كجسم واحد على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية والاعلامية ضمن مؤسسات محترفة وعلمية وادارية لتغيير كل الطبقة التي تصدرت المشهد خلال السنوات الماضية والتي أثبتت فشلها الذريع بخدمة الثورة بسبب تفرقها وانتمائاتها المختلفة وربط قراراتها بأجندات داعميها والتي لا تقيم وزناً لمصلحة الشعب السوري، تلك الطبقة التي تتشكل من مجموعة عصابات سياسية وإغاثية وإعلامية ضمن الائتلاف والحكومة المؤقته وحكومة الانقاذ وغيرهم… هؤلاء حولوا مؤسسات الثورة لمجرد دكاكين أشبه بسوق الجمعة أو الأحد، دكاكين متشابهة كلٍ له من يحميه من شبيحة الفصيل الذي يدعمه، يباع فيها ما تطلب من إعلام وإغاثة وسياسة ودين لايعرف مصدر تمويلها ولا الهدف منها إلا لمن يمسك بها خاصة وأن من قامت لأجله يزداد فقراً وتشرداً دون من يعمل بها وينتفع منها، حيث يظهر الكم الهائل من المال الذي أغدق عليهم وآخر همهم الهدف الذي أتوا من أجله إلا بالشق الذي يحسّن معيشتهم ورفاهيتهم من أرصدة وسيارات ومكاتب وبيوت بأرقى المناطق، بينما في المقلب الآخر يوجد الكثيرون ممن لم يجدوا مالاً ولا كرامة ولا حرية ولا عملاً يقتات به وقد دخلوا دهليز الخوف والرعب، وهم للأمانة كانوا ركيزة الثورة الذين فقدوا أحبتهم اعتقالاً واغتيالاً ووطناً دُمّر، فقدوا الأمل بلقاء آخر بأحبتهم وأهلهم المشردين في دول أخرى والمحاصرين جوعاً ورعباً في الوطن، والذين بأحسن حالاتهم إن نجوا من الموت تحت أنقاض بيوتهم سيفتح لهم التشرد والتهجير بابه العريض ولا يخفى حالهم رغم كل هذا الأسى ومعاناتهم كعمال لساعات عمل طويلة دون حقوق وحماية وبأجر لا يكاد يسد رمق جوعهم وأهلهم، كل هؤلاء تلمح بعيونهم وتسمع ما يرددون بصوت مكبوت خجلاً وألماً ممن خذلهم أو خوفاً قائلين “ليتها لم تكن” وكما في تركيا فإن هذا الحال ينسحب تماماً على دول الجوار كلبنان والأردن وغيرها.

بهؤلاء ومن أجلهم ومن أجل الوطن يجب إنهاء الفصائلية وهزيمة المشروع الفصائلي وهذه مهمة الجميع وواجب الجميع فالقضية قضيتنا والثورة ثورتنا، فاستعادة المبادرة وإعادة صياغة الخطاب الاعلامي ونجاح المعركة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية يبدأ بالانتقال من الفوضى الذي أحدثته الفصائلية والفئة التي تصدرت واجهة الثورة وأساءت إليها على كل الأصعدة إلى مفهوم الادارة والعمل المؤسساتي المحترف والأخلاقي فكل عمل وفعل بلا أخلاق هو جريمة منظمة.

إن معركة تحرير العقول واجب أخلاقي ومطلب وركن أساسي لتحرير الوطن وإفراز قيادة وطنية وعسكرية وسياسية جامعة وموجهة للمال والرجال والعتاد في مواجهة النظام وحلفائه واجبار الدول والجهات الداعمة على استخدام دعمها كوسيلة ضغط لفرض التوحد بجسم ثوري واحد يمكن من خلاله وقف الكلفة الانسانية الباهظة لحاضنة الثورة الشعبية التي يستمر استنزافها وتهجيرها من أرضها.

سقوط هؤلاء ممن تصدروا المشهد بأفكارهم وأشخاصهم ومجاميعهم الفصائلية هو بداية الطريق الصحيح للنصر.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل