مرام محمود – حرية برس
بالتوازي مع المعاناة والأوقات العصيبة التي تعانيها سوريا جراء الحرب الطاحنة، تظهر مصاعب وتحديات آخرى لا سيما فيما يخص القطاع الزراعي الذي يعاني ما يعانيه من إهمال وضعف، ويقف الفلاحون عاجزين مع ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من بذار وأسمدة، ودمار الكثير من البنى التحتية “شبكات الري ومراكز البحوث والبنوك الوراثية وغيرها”، عدا عن سوء الظروف الجوية في العامين الأخيرين.
تبرز في محافظة ادلب مشكلة انخفاض سعر محصول المحلب الذي يعتمد عليه السكان المحليون في دخلهم، حيث شهد هذا العام انخفاضاً ملحوظاً عن الأعوام السابقة، ويرجع ذلك لصعوبة تصديرها إلى الدول المجاورة وتصريفها في الداخل، لينخفض سعر كيلو المحلب إلى ما يقارب 500 ليرة سورية.
وتعد شجرة المحلب من أهم الأشجار إلى جانب الزيتون والكرز في محافظة إدلب، حيث تزرع وبشكل خاص في منطقة أريحا وجبل الزاوية، تزهر الأشجار في فصل الربيع ولها رائحة زكية، وتنضج ثمارها ويحين قطافها في شهري أيار وحزيران.
ويفضل قطف ثمرة المحلب، وهي ما تزال محافظة على لونها الأخضر، والتي تعد من النخب الأول والمفضل لدى المشتري لأن التأخر في عملية قطف الثمار يؤدي لتغيير لون الثمرة وميلها إلى اللون الأحمر، وإذا ما استمر التأخر عن عملية قطافها يسود لون الحبة وبالتالي ستكون عرضة للتلف، فتفقد صلابتها وتصبح الحبة أكثر ليونة، لذلك يفضل الفلاحون قطف ثمرة المحلب عندما تكبر الحبة ويصبح لونها أخضر، لأن التأخر في القطاف يؤدي إلى صبغ نواة الحبة ذات اللون الأبيض إلى اللون الأحمر ،وذلك يؤدي إلى انخفاض سعرها، حيث ستحتاج لعمليات معالجة أخرى تزيد من التكاليف لإعادتها للونها الأصلي.
وفي مثل هذه الأوقات يسعى الفلاحون لتشغيل عمال يقومون بمساعدتهم في جني محصول المحلب، حيث يستخدم العمال في قطاف ثمرة المحلب طريقة “الحراجة”، ويقوم العامل من خلالها بوضع قطعة من القماش مجوفة في الوسط حول خصره لتعبئة محصول المحلب، ومن ثم يتم تفريغها في أكياس خاصة حال امتلاء “الحرج”، وتلك العملية تأخذ وقتاً ومجهوداً كبيرين لا سيما أن موسم القطاف بدأ في شهر رمضان مما يزيد الصعوبة والمشقة على العاملين، فهم يضطرون للذهاب للحقول من الصابح الباكر ولا يعودون إلى منازلهم حتى مغيب الشمس تقريباً، فقطاف المحلب فيه صعوبة كبيرة بسبب صغر حباته وكبر حجم الأشجار.
وعند إتمام المرحة الأولى من عملية القطاف يكون أمام الفلاح أحد خيارين، إما أن يقوم ببيعه في الحال كما هو، أو ينتقل للمرحة الثانية ويقوم بتجفيف ثمرة المحلب ويكون ذلك بنشر المحصول على أسطح المنازل ليصبح عرضة لأشعة الشمس، ويبقى على هذه الحال حتى يجف بشكل تام، وتستغرق تلك المرحلة أسابيع قليلة حينها يتغير لون الحبة من الأخضر إلى اللون البني وتزداد صلابة القشرة الخارجية لحبة المحلب، يقوم من بعدها الفلاح بالخطوة الثالثة وهي “دق الثمار” ويكون ذلك بواسطة عصى خشبية طويلة، لفصل حبة المحلب عن العيدان والأوراق التي تصاحبها، وفي الخطوة الرابعة يتم وضح كميات متتالية للمحصول على الغربال فيها يتم تنقية المحصور بشكل تام من أي شوائب، وبعد تلك العملية يقوم الفلاح ببيع المحصول على أمل الحصول على سعر أنسب، فمن المعروف أن التجار يفضلون المحصول المجفف لكن ومع ذلك فالأسعار مهما ارتفعت لن تصل للمستوى المطلوب.
وتستخدم ثمار المحلب في صناعة الأدوية والطب البديل كمقوى للأمراض الحسية وفي علاج الربو وتخفيف لبعض الآلام منها الاضطرابات المعوية، ويساعد المحلب على عملية الهضم عندما يتم تناوله بكميات قليلة، وكذلك يستخدم كمنكهات للأطعمة لا سيما المعجنات والحلويات ويتم استعمال المحلب في بعض الأحيان لإعداد الخبز ويدخل بصناعة التوابل.
عذراً التعليقات مغلقة