تفاعل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، مع تسجيلات مصورة تُظهر اعتداء مجموعة عناصر من الشرطة المدنية في مدينة الباب شرق محافظة حلب، لفظياً وجسدياً على عدد من الإعلاميين، بهدف منعهم من تغطية الوقفة الاحتجاجية للكادر الطبي في “مشفى الباب الوطني” على خلفية التفاوت الكبير في الأجور بين السوريين والأتراك شمالي سوريا.
وفي هذا الصدد، يوضح الإعلامي المهجّر من محافظة درعا وهو أحد الذين اعتدت الشرطة عليهم، مالك الخبي، لشبكة “آرام” أنَّ المشكلة بدأت باعتداء لفظي على الإعلاميين عند قدومهم في الساعة التاسعة صباح اليوم تلبيةً لدعوة الأطباء بهدف التغطية الإعلامية وإيصال صوتهم.
ويضيف، أنَّ الاتفاق مع الكادر الطبّي كان من المزمع أن تكون الوقفة الاحتجاجية داخل حرم المشفى مع تأكيدهم للإعلاميين بأنَّ لديهم موافقة أمنية من أجل الوقفة، وعند دخولنا لبوابة المشفى الخارجية (الحديقة) قدم إلينا أحد عناصر الشرطة المدنية وطلب منّا الخروج من المشفى بحجة منع التصوير من قبل مسؤول تركي.
ويتابع الخبي: فكان ردّ الإعلاميين “نحن لن نخرج بانتظار قدوم الأطباء كوننا على موعد معهم”، ما أدى لاشتداد السجال بين الطرفين، فقام عنصر بضرب الإعلامي من درعا عماد البصيري، فتدخلنا لحماية عماد فهجم العناصر على الإعلامي المنحدر من الباب، بدر طالب، فقمنا بسحب بدر من بين أيدي الشرطة.
وفي هذا السياق، مالك أبو عبيدة، أحد إعلاميي درعا والذي ظهر في تسجيل مصوّر وحوله عناصر الشرطة يضربونه وسال الدم من جبهته، يقول لـ”آرام”: “عندما رأيت عنصر الشرطة ضرب زملائي (عماد وبدر) وأراد اعتقالهما قلتُ للعنصر اذهب وأحضر ورقة استدعاء رسمية من الشرطة وبعدها اعتقل من تريد”.
بدوره الخبي يؤكد، أنَّه بعد قول أبي عبيدة للعنصر، تم الاعتداء عليه قائلاً: “جاء عنصر مرتدياً قميصاً خمري اللون وسحبني بقوّة عبر لف يديّ للخلف وأدخلني لداخل بوابة المشفى، وكنت للحظات بمفردي مع عناصر الشرطة، بينما زميلي أبي عبيدة تم الاعتداء عليه خارج المشفى”.
وهنا يوضح أبو عبيدة ما جرى معه بالقول: “عندما دافعت عن زملائي حاصرني قرابة عشرة عناصر من الشرطة وحاولوا إدخالي عنوةً إلى سيارة الشرطة بهدف اعتقالي، وخلالها تعرّضت لضرب منهم، وبعدها خرج كادر الأطباء والممرضين من المشفى ليقوموا بالوقفة الاحتجاجية، وحين رؤية الكادر أخلى العناصر سبيلي وسبيل زميلي مالك الخبي ثم أكملنا عملنا بتغطية الوقفة”.
ومن المعتدى عليهم الإعلاميين المهجّرين من حمص، همام أبو الزين ومحمد السباعي، ونزار زبن الذي تعرّض لاعتداء أثناء تصويره للوقفة الاحتجاجية وقال لـ”آرام”: عندما كنت أصوّر بهاتفي المحمول الوقفة للكادر الطبي رآني أحد عناصر الشرطة وهو بلباس مدني كونه خارج وقت دوامه الرسمي، فقام بسحب الهاتف من يدي وهدّدني إمّا أن أحذف التصوير الذي صورته أو يقوم بكسر الهاتف، لافتاً إلى أنَّ العنصر الذي اعتدى على مالك الخبي هو نفسه الذي اعتدى عليه.
اعتذار الشرطة وتعهدها بمحاسبة المسيئين
يشير زبن المعروف بـ”المنشد نزار أبي أيمن” إلى أنَّ العناصر المسيئين باتوا في السجن، وقائد الشرطة الرائد جمعة الشريف (أبو علاء) والعقيد يوسف الشبلي، قاما بواجبهما على أكمل وجه عبر أخذ الإجراءات المناسبة بحق المسيئين وتقديم الاعتذار من الإعلاميين الذين تعرّضوا للاعتداء اللفظي والجسدي، وذلك في مقر الشرطة المدينة بمدينة الباب بحضور رئيس “اتحاد الإعلاميين السوريين” جلال التلاوي.
بدوره، جلال التلاوي يقول لـ”آرام”: إنَّ شرطة الباب تعهّدت بمحاسبة العناصر المتسببة بالاعتداء بأشد العقوبات ومنها الفصل من الشرطة وتخفيض الرتبة العسكرية والسجن، حيث قامت بتوقيف العناصر الذين قاموا بالاعتداء على الكوادر الإعلامية، مؤكدة على التعاون التام بين قيادة الشرطة والإعلاميين بغية تسهيل عملهم، بالإضافة لتعهدهم بمحاسبة المسؤولين عن القضية والتعهد بعدم التكرار.
وينوّه التلاوي، إلى أنّ من أهم حقوق الصحفيين/الإعلاميين هو شعورهم بالأمن الوظيفي، وحمايتهم من التعرّض للانتهاكات والتهديدات والأذى بسبب عملهم، ومن حقّهم الحصول على المعلومات من المؤسسات العامة بما يخدم الشأن العام أو القضية التي يعمل عليها، وله الحق بنشر ما يحصل عليه، إضافة إلى تسـهيل عملهم مع كافة السلطات في المنطقة التي يعمل ضمنها، ومنع فرض أية عوائق أو قيود تعيق عمله في الوصول إلى المعلومة والتي هي حق عام للجمهور.
وعبر بيان لاتحاد الإعلاميين أدان الانتهاك بحق الإعلاميين، وطالب إدارة الشرطة المدنية في مدينة الباب بـ: إصدار بيان اعتذار رسمي، ومحاسبة ومحاكمة الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على الزملاء الإعلاميين، والتعهد بالالتزام بميثاق الشرف الإعلامي ومن ضمنه عدم التعرض لعمل الإعلاميين وحمايتهم والحفاظ على سلامتهم.
وفي هذا الصدد، أكدت مديرية أمن الباب في بيان لها، على أنَّها ستحاسب العناصر الذين تجاوزوا التعليمات المعطاة ضمن القانون بتأمين الوقفة للكوادر الطبية في المنطقة، كما أكدت على دعمها الكامل لحرية الرأي والتعبير، وحرصاً على عدم تعرّض الإعلاميين لأي اعتداء وفق التعاون مع اتحاد الإعلاميين السوريين منذ تأسيسه وإلى اليوم.
كذلك، أدانت “نقابة المحامين الأحرار” في سوريا، حادثة الاعتداء على الإعلاميين، وقالت في بيان: “إنّنا ندين هذا الفعل ونؤكد الوقوف إلى جانب أبناء شعبنا وحقهم الإنساني في التظاهر والمطالبة بالمساواة وحرية الرأي والتعبير التي تصونها القوانين ومبادئ الثورة السورية”.
وطالبت النقابة الجهات المعنية بـ” التحقيق بالتجاوزات التي حصلت ومحاسبة المسؤولين وكافة القيادات التي أعطت الأوامر والتي كان من واجبها حماية المتظاهرين والعمل على إطلاق سراح كافة المعتقلين، وكافة المؤسسات الأمنية والعسكرية ضرورة إخضاع العناصر والضباط إلى دورات توعوية قانونية وتدريبهم على الالتزام بمبادئ الثورة ومبادئ حقوق الإنسان”.
وأعلنت النقابة عن تضامنها مع مطالب الكادر الطبي والموظفين في مشفى الباب بضرورة تحقيق مبادئ العدالة والمساواة بدون أي تمييز في نفس المشفى أو في غيره من الدوائر والمؤسسات والمرافق العامة في مناطق الثورة.
يشار إلى أنَّ الكوادر الطبية في مدن الباب والراعي وأعزاز وعفرين، نظمت صباح اليوم، وقفات احتجاجية أمام المشافي الحكومية، على تدنّي رواتبهم وذلك بعدما حصل أطباء سوريون على قائمة الرواتب الجديدة للموظفين الأتراك العاملين في المستشفيات المدعومة من الاتحاد الأوروبي بإشراف وزارة الصحة التركية.
وأصدرت نقابتا الأطباء والتمريض في مدينة الباب بياناً مشتركاً أمس الأحد، يطالب بالمساواة في الأجور بين السوريين والأتراك، حيث تزيد رواتب الأتراك عن رواتب السوريين بنسبة 800%.
ووفقاً للبيان، فإنَّ راتب الطبيب الاختصاصي في العام 2017 بلغ 3000 ليرة تركية (أي ما يعادل 800 دولار)، وبعد الزيادة في العام 2022 بلغ الراتب 4900 ليرة، (أي ما يعادل 300 دولار)، وراتب الطبيب العام في العام 2017 بلغ 2500 ليرة تركية (أي ما يعادل 650 دولاراً)، في حين بعد الزيادة في العام 2022 أصبح 3500 ليرة تركية، (أي ما يعادل 214 دولاراً).
وراتب الفني والقابلة في عام 2017 بلغ 1000 ليرة تركية (ما يعادل 265 دولاراً حينئذ)، وبعد الزيادة في العام 2022 أصبح 1300 ليرة تركية، (أي ما يعادل 79 دولاراً)، وراتب الممرض: في عام 2017 بلغ 600 ليرة تركية (أي ما يعادل 160 دولاراً)، وفي عام 2022 أصبح 1300 ليرة تركية، (أي ما يعادل 79 دولاراً)، بينما يتقاضى عامل النظافة 40 دولاراً فقط.
في حين تتراوح أجور العاملين ضمن الكوادر الطبية من الأتراك على مختلف اختصاصات بين 500 دولار و1100 دولار، إذ بلغ راتب الطبيب المختص التركي في مستشفيات الداخل السوري 19 ألفاً و128 ليرة تركية والطبيب العام 16 ألفاً و365 ليرة تركية، وراتب الممرض التركي 15 ألف ليرة تركية.
Sorry Comments are closed