تحتفل روسيا غدا الأحد بمرور مئة عام على ولادة ميخائيل كلاشنيكوف، الجندي السوفياتي البسيط الذي كان يحلم بأن يكون شاعرا، قبل أن يصمم بندقيته ذات المواصفات غير المسبوقة والمتميزة بخفتها وسهولة استخدامها حتى وقت طويل نسبيا.
وبهدف الاحتفال بهذه المناسبة، جلبت السلطات الروسية إلى موسكو المجموعة المعروضة في متحف كلاشنيكوف في مدينة إيجيفسك، حيث المعمل الذي يحمل اسم الرجل ومسقط رأسه.
وسيبقى معرض “كلاشنيكوف.. جندي.. مصمم.. أسطورة” في متحف النصر بالعاصمة الروسية حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني، على أن ينقل لاحقا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إليها عام 2014.
ولد كلاشنيكوف عام 1919، وكان المولود السابع عشر بين 19 مولودا لأسرة ريفية في جمهورية آلطاي الروسية. وفي عام 1941 أصيب بينما كان خلف مقود دبابة، وخلال فترة التعافي بدأ رسم وتصميم بندقيته متأثرا بالسلاح الألماني الذي كان يراه في الميدان.
بعد إخفاقه في مسابقة للجيش، فرض “الكلاشنيكوف الأوتوماتيكي 1947” نفسه وصار جزءا من عتاد الجندي السوفياتي، وحتى اليوم تم إنتاج أكثر من مئة مليون قطعة منه، وهو سلاح يتزوّد به نحو 50 جيشا في العالم، ولا يزال من مكوّنات الشعار المرسوم على علم دولة موزمبيق.
روّجت الدعاية السوفياتية للكلاشنيكوف الذي يرمز له بـ”أي كي47″ على أنّه وسيلة للدفاع، ولكنّ الاستخدامات الأولى لذاك السلاح الجديد اندرجت في إطار الأعمال القمعية، على غرار ما حصل في ألمانيا الشرقية عام 1953 والمجر في 1956، وأيضا لإسقاط المدنيين الذين يحاولون عبور الستار الحديدي.
يصنّع “أي كي47” في مختلف أنحاء العالم، وصار مع الوقت سلاح حرب العصابات والإرهابيين والدكتاتوريين، وأيضا حوادث إطلاق النار في المدارس الأميركية، ودفعت السهولة الشديدة في استعماله إلى وضعه بين أيادي جنود أطفال مجندين في مناطق عدة في العالم، كما أنّه يستخدم في عمليات صيد غير مشروعة، وهو سلاح حراس محميات في أفريقيا.
واشتهرت هذه البندقية كثيرا في الشرق الأوسط، خصوصا بين الفصائل الفلسطينية وفي لبنان إبان الحرب الأهلية (1975-1990). ومثّلت صفقات السلاح التي كانت تجريها أنظمة عربية مع دول شرق أوروبا إحدى قنوات وصول “الكلاشنيكوف” إلى هذه المنطقة، ولا تزال إلى اليوم موجودة بشكل كبير.
وفي فرنسا -حيث يطلق عليه “الكلش”- فقد استخدم في اعتداءات باريس، ويستخدم أيضا لتصفية الحسابات بين تجار المخدرات في مرسيليا، وغالبا ما تأتي هذه الأسلحة من يوغسلافيا السابقة، وتباع في أوروبا بأقل من ألف يورو.
بعد وفاة كلاشنيكوف عام 2013، تعددت وسائل تكريمه، وأبرزها نصب أقيم له في موسكو عام 2017، يظهره حاملا بندقيته. وحقق الرجل الكثير من الشهرة ولكن دون مردود مادي، إذ إنّ الملكية الفكرية كانت جماعية في الاتحاد السوفياتي.
وقبل وفاته بمدة قصيرة، عبّر ميخائيل كلاشنيكوف عن شعوره بالندم، وكتب إلى رأس الكنيسة الروسية “ألمي لا يحتمل”، مضيفا “إذا كانت بندقيتي سلبت حياة بشر (…) فهل أنا مسؤول؟”.
عذراً التعليقات مغلقة