نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريراً بين فيه كيف أثرت التداعيات الاقتصادية لتراجع الليرة التركية على حياة اللاجئين السوريين.
وقال الموقع في تقريره، إن “اللاجئين السوريين قد يجبرون على العودة إلى وطنهم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا حالياً، فقد ساهمت أزمة الليرة في ارتفاع الأسعار وأدت إلى اضطراب المجتمع التركي، بما في ذلك اللاجئين السوريين الذين يشكلون الفئة الأكثر ضعفاً في البلاد”.
وذكر الموقع أن “حوالي ثلاثة ملايين لاجئ سوري يعيشون في جميع أنحاء تركيا بعد فرارهم من أهوال الحرب التي تمزق بلادهم، حيث يقطن أقل من عشرة بالمئة منهم في مخيمات رسمية، في حين تمكن الباقون من الاستقرار في مختلف البلدات والمدن التركية، وفي هذه الحالة، يضطر العديد منهم إلى امتهان وظائف غير نظامية من أجل تدبر قوت يومهم، دون التمتع بنظام ضمان اجتماعي يحميهم”.
وعلى الرغم من حصول اللاجئين على المساعدة عن طريق البرامج المدعومة من الأمم المتحدة، والهلال الأحمر التركي، والاتحاد الأوروبي، إلا أن أغلبهم ما زالت وضعيتهم صعبة وهشة، ومن المرجح أن يكون اللاجئون السوريون هم الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا، بحسب الموقع.
ونقل الموقع عن أستاذ الاقتصاد السوري السابق في جامعة حلب محمد عمران، أنه “إذا استمر الوضع على ما هو عليه في تركيا، فإن غالبية السوريين سيواجهون عدة مشاكل”، مضيفا أن “جميع اللاجئين يحصلون تقريبا على رواتب بالليرة على غرار العمال الأتراك العاديين”.
وأوضح عمران الذي يعمل الآن مستشارا لمكتب تجاري في غازي عنتاب جنوب تركيا، أنه “نظرا لغياب نظام قانوني للعمل في هذه المنطقة، مثل التأمين الصحي والاجتماعي، لن يتعرض أرباب العمل لأي ضغط لزيادة الحد الأدنى لأجور العمال السوريين، وسوف يكافح العمال لتوفير قوت عيشهم في ظل هذه الأزمة الكارثية الجديدة”.
وأورد الموقع تصريحا لمحمد عمران أكد فيه أنه “إذا لم تحل هذه الأزمة، فإن أسعار الغذاء والنقل والإيجارات سترتفع أكثر فأكثر، ما سيدفع السوريين إلى العودة إلى بلدهم، كما تنبأ المصدر نفسه بأن متوسط أسعار الإيجارات يمكن أن يرتفع من 900 ليرة (أي ما يعادل 150 دولارا) شهريا إلى 1500 ليرة، وهذا يعني أن المزيد من السوريين سيعيشون تحت خط الفقر”.
ولإنقاذ ملايين السوريين والاقتصاد التركي يتعين على السلطات التركية حسب عمران “العمل على تعافي سعر الصرف في أسرع وقت ممكن، ووضع تشريعات لأصحاب العمل تشمل السوريين في نظام التأمين (..)، من أجل توفير ظروف عمل إنسانية لهم على غرار زملائهم الأتراك”.
وأشار الموقع إلى أن الخبير الاقتصاد التركي مصطفى سونميز “لا يعتقد أن السلطات التركية ستتخذ أي إجراءات، في الوقت الراهن، لتعزيز وضعية اللاجئين وموقفهم خلال هذه الأزمة، وحاليا، تركز الحكومة على تعافي الليرة التركية من خلال الحصول على الدعم الدولي واستعادة مصداقيتها”.
كما أكد المصدر ذاته أن “أي خطوة سيتخذها وزير الخزانة والمالية التركي، ستكون من أجل تعزيز الأعمال التجارية المحلية في المقام الأول”.
وأفاد الموقع بأن أجور الرجال السوريين في المتوسط أقل بحوالي 95 دولارا من نظرائهم الأتراك، في حين أن أجر المرأة السورية أقل بنحو 140 دولارا مقارنة بالرجل، مع العلم أن متوسط الأجر في تركيا يبلغ 2850 ليرة، أي ما يعادل 470 دولارا، وقد ذكر عامل بناء سوري يدعى أحمد المغربي، يبلغ من العمر 29 سنة ويعيل أشقاءه الأربعة وأمه بمفرده، أنه “يعمل لأكثر من 11 ساعة في اليوم، فضلا عن يوم العطلة، غير أنه لا يتقاضى سوى 1200 ليرة في الشهر”.
وأضاف أحمد المغربي أن “أسعار معظم المواد الغذائية والخضراوات والخبز ارتفعت خلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد كانوا في السابق يقتنون الخبز بحوالي 1.5 ليرة، أما في اللحظة الراهنة فقد وصل سعره إلى ليرتين، والأمر سيان بالنسبة للبيض واللبن والكثير من الأغذية الأخرى التي ارتفعت أسعارها بمعدلات متباينة، مما جعل حياتهم أكثر صعوبة”.
ونقل الموقع عن هذا اللاجئ السوري أن أصحاب المتاجر السورية يستفيدون من الوضع المهتز للبلاد لكسب المزيد من المال من خلال الترفيع في أسعار المواد الغذائية، مشيراً إلى ارتفاع أسعار الوقود بشكل طفيف، والكهرباء الذي زاد رسميا بنسبة 16 بالمئة خلال الشهر الماضي.
عذراً التعليقات مغلقة