فاز الملاكم السوري والبطل العالمي، حيدر وردة، ببطولة الاحتراف العالمية للملاكمة “WBL” على حساب لاعب أوكراني، بنتيجة 5 نقاط نظيفة، ليتوّج بحزام آسيا للمحترفين، مهدياً فوزه للقبائل والعشائر العربية في شرقي سوريا، ولثوار السويداء الأحرار.
المباراة التي أُقيمت في ألمانيا بالتاسع من الشهر الجاري، اشترط فيها حيدر وردة أن يُعزف فيها النشيد العربي السوري الحرّ لأول مرّة في حياته، وعن هذا يوضّح وردة في تصريح لـ”أورينت” أنَّ هذه البطولة كانت من المفترض بطولة أوروبا، لكن “اخترت أن تكون بطولة آسيا كي يعزف النشيد السوري الحر، ويصير اعتراف دولي به، لأنّي أنحدر من آسيا بينما إن لعبت في بطولة أوروبا لا أستطيع عزف النشيد السوري كون سوريا بلد آسيوي، إضافة إلى رفعي علم الثورة السورية”.
وكان سبب موافقة المدرّب والاتحاد الدولي للملاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية المسؤول عن هذا الأمر، كما يقول “وردة”، هو “حوزته على 11 بطولة عالمية سابقة في أنواع الملاكمة”. واصفاً شعوره عند سماع النشيد بـ”الصعب جداً” إذ أجهش باكياً ليتمالك بعدها أعصابه ويفوز على خصمه الأوروبي الشديد البنية كونه تلقى عدة ضربات حتى استسلم.
الفوز يوصل رسائل سياسية ويخصص رسالة للمعارضة
خصّص “وردة” إهداء فوزه إلى القبائل والعشائر العربية التي تُعاني في المنطقة الشرقية من إرهاب ميليشيا “قسد”، وإلى الأحرار الشرفاء عامةً وخاصة في دير الزور والسويداء ودرعا، قائلاً: “أسلط الضوء على تضحية العشائر كون الكثيرين يتناسونهم، فمن واجبي الإضاءة على المنسيّين، وفي البطولة الماضية أهديت فوزي لأهل الساحل السوري المهمّشين الذين رفضوا الظلم وشاركوا في الثورة السورية، فمن الخطأ وصف جميع سكان الساحل بأنَّهم موالون، فهناك أناس شرفاء ضد ميليشيا أسد”.
وأضاف: “أنا ألعب البطولات باسم قضية الشعب السوري لذلك قوّتي أكبر بدعم كلّ من يقف معي”، مشيراً إلى غياب الدعم من المعارضة السورية بمسمياتها كالحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني، وذكر أنّه “في العام 2017 تواصل معي أعضاء من الائتلاف وعرضوا الدعم لكن لم يوفوا بوعدهم، ليعاودوا منذ سنتين التواصل معي ليقدموا دعمهم فرفضت ذلك، كوني عندما كنت أحتاجهم لم يساندوني، وما أقدّمه من رفع العلم وسماع النشيد كان برغبتي ولا أريد أن يستغل أحد بطولاتي”.
بطولات حيدر وردة ما قبل وبعد الثورة
حصد اللاعب حيدر وردة عشرات البطولات الدولية، فبعد لجوئه إلى ألمانيا حصل على أربع بطولات احترافية في الضربة القاضية آخرها في أيلول من العام 2022 الماضي متغلباً على خصمه الألماني، لتكون البطولة الجديدة هي الخامسة من نوعها، إضافة إلى ثلاث بطولات عالمية للهواة (2017، 2018، 2019)، وبطولة عالمية بالكيك بوكسينغ عام 2017، و بطولة العالم في الملاكمة على خصمه الشيشاني في ميلانو الإيطالية عام 2018، وبطولتي كيك بوكس”WAKO” عام 2019 وانضم بعدها إلى الاحتراف عام 2019.
أمّا عن بطولات حيدر وردة المولود في حي باب السباع بمدينة حمص عام 1983، قبل الثورة السورية 2011، فحدثنا أنَّه عندما كان لاعب منتخب سوريا وموظفاً بقسم الشرطة في وزارة الداخلية، حصل على بطولات عربية وآسيوية وأوروبية، وكان يرفع علم سوريا في المحافل الدولية، وذكر أنّه التقى بأكبر الشخصيات ولديه صور تذكارية معهم مثل: “وزير الداخلية سعيد سمور، ومحافظ حمص إياد غزال”.
ومن بين البطولات التي فاز فيها “وردة” حينها ذهبية كازاخستان 2008، وفضية كازاخستان 2009، وبرونزية بلغاريا وبرونزية إيران 2009، وبرونزية الأردن عامي 2007 و2009، والمركز الرابع في بطولة المتوسط بإيطاليا 2009، والمركز الرابع في تايلند 2009 إضافة إلى جوائز متنوعة أخرى في سوريا منها ذهبيات بطولات الجمهورية من عام 2005 إلى 2010.
انشقاقه ورحلة لجوئه بعد الإصابة
ولأنَّ لكلّ نجاح قصة كفاح، عانى “وردة” كثيراً بعد انشقاقه عن نادي الشرطة التابع لوزارة داخلية أسد، حيث كان أول انشقاق جماعي للرياضيين بقيادة الكابتن مطيع النكدلي وصابر النكدلي عام 2012، وكان حينها مطلوباً للنظام ومصاباً بشظايا قذائف هاون، ثم تمكن من الدخول إلى الأردن.
وأوضح أنَّ الإصابة أبعدته خمس سنوات عن ممارسة الملاكمة، منها عام وستة أشهر في الأردن، لكن تسنت له فرصة الخروج إلى ألمانيا، ليبدأ فيها حياة جديدة كلاجئ بعد أن وضع هدفه، وهو “رفع علم الثورة السورية في البطولات والمحافل الدولية”، مضيفاً: “بجهد وتعب وتضحيات تحقَّق الأمل المنشود بعدما ردّدت في لقاءاتي التلفزيونية: “بدنا نرفع علم الثورة”.
لمحة عن حياته الرياضية
حدثنا “وردة”، أنَّه لم ينل هذه البطولات الدولية إلا بعد جهد كبير منذ وصوله ألمانيا عام 2016، إذ كان يذهب إلى التمرين ركضاً ثم يعود إلى تمرين آخر ركضاً، مضيفاً: “كنت أركض مسافة 15 كيلومتراً يومياً، وقد دعمني معنوياً كلّ من الكابتن خالد صلاح، والكابتن طلال الدروبي، كذلك، ساندني أصدقاء في ألمانيا مع تشجيع من الألمان”.
ويذكر “وردة” أنَّ حياته الرياضية بدأت بالكاراتيه ثم الملاكمة عام 2000، مضيفاً: “فوجئت بالضربات القاسية التي تلقيتها في البداية، وبعد شهرين من المثابرة نلت بطولة محافظة حمص، ثم نافست على بطولة الجمهورية لأنال المركز الثالث، ومن بعدها الأول، مرات عدة، فأصبحت لاعباً في المنتخب الوطني”.
وتابع: “اعتمدت على نفسي بالدرجة الأولى من دون أيّ رعاة، واكتفيت بدخلي الشهري كلاعب بنادي الشرطة، بالإضافة إلى جوائز البطولات الخارجية التي فزت بها، ومنها بطولة العرب وبطولة البحر المتوسط”. مؤكداً أنَّ الملاكمة تحتاج إلى “صبر وعزيمة ومثابرة، ففي حال التوقف عنها ينخفض مستوى الخبرة، وهي بحاجة للياقة عالية وسرعة بديهة، وامتلاك الحرفة والفن”.
عذراً التعليقات مغلقة