كثيراً ما يعول الناس “والثوار منهم” على الدول الكبرى والقوية، التي تستطيع الإطاحة ببشار الأسد، ولا تفعل لكون مصالحها تعتبر أهم بكثير، من مصالح شعب أي دولة أخرى، لكن هذا ليس مبرراً لفقد الثوار الإرادة بإطاحة بشار الأسد بأيديهم.
بعد تسع سنوات من انطلاق الثورة السورية وخوض العشرات من العمليات السياسية والمدنية والعسكرية والأمنية وغيرهن، يزور بشار الأسد جنوبي محافظة إدلب (أهم قلاع الثوار)، ويكون على خط النار مع قوات المعارضة السورية المنضوية تحت تشكيلين (هيئة تحرير الشام، الجيش الوطني).
بعد خروج أهالي وثوار دمشق منها قبل عامين، قَلَّ الخطر بشكل كبير جداً عن رئيس النظام الحالي “بشار الأسد”، لكون ماكان يهدده فعلياً وعلى مقربة من قصره الرئاسي (أقل من 10 كم)، صار يبعد عنه أكثر من 300 كم،
وباتت منذ ذلك الحين العاصمة السورية دمشق مأمناً للأسد. لم تحول فصائل المعارضة شيء من أعمالها العسكرية لأعمال أمنية – كما تنظيم الدولة الإسلامية – بل اكتفت بالتجمع ضمن فصيلين، والانتقال للشق الشرقي من سوريا، وإطلاق معركة مشتركة مع أنقرة، سبقتها بعض المقاومات على جبهات شمال حماة وجنوب إدلب، في الفترة التي سخرت روسيا كل قوتها العسكرية جواً وبراً للسيطرة على إدلب، أو طريقيّ (M4-M5)، وحققت روسيا انتصاراً في ذلك.
بات اليوم عدد عناصر فصائل المعارضة، ما يقارب 125,000 عنصراً “بحسب قياديين في الفصيلين”، أي ثلاثة أضعاف تعداد عناصر جيش الأسد بعد الثورة، والذي يقدر بحوالي 50,000 مقاتل “بحسب عقيد منشق عن جيش الأسد”.
كان على الفصائل الاتجاه بنصف قوتها أو ربعها إلى الأعمال الأمنية، فكل الأعمال العسكرية بالشمال السوري لا تهدد الأسد فعلياً، مقابل عملاً أمنياً واحداً داخل العاصمة دمشق.. واكتفت في ذلك مجموعة صغيرة مستقلة كانت تعمل منذ بداية الثورة بداخل مناطق سيطرة النظام كسرية أبو عمارة.
ونشاهد أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” قد انتهت مناطق سيطرته الجغرافية، لكنه لا زال نشطاً في العمل الأمني، بل زاد وتيرة عملياته الأمنية، لأضعاف مضاعفة، حتى أنه لا زال يشكل خطراً كبيراً على انداده.
وبسبب ضعف العمل الأمني لدى الفصائل استطاع بشار الأسد الوصول إلى الهبيط والتي تُعَدّ خط اشتباك مع قوات المعارضة السورية جنوبي إدلب، ولم تكن زيارة الأسد للجبهات الأولى من نوعها، فقد زار في خطوط الاشتباك، مع الثوار بحي جوبر بدمشق، في الأول من يناير عام 2015، دون أن تطلق طلقة واحدة، على خط النار، في كلا الزيارتين.
ولو كانت الفصائل خصصت لها جهازاً أمنياً واحداً يعمل داخل جيش النظام، لما خرج الأسد من قصره الرئاسي، أو لقتل في إحدى الزيارتين. بلدة الهبيط لا أهمية حقيقية لها لدى الأسد، إلا لكونها تعد خط اشتباك مع قوات المعارضة، ولكونها تتبع لمحافظة إدلب، التي لا زال الثوار يراهنون عليها، و يعتبرونها أهم قلاعهم.
عذراً التعليقات مغلقة