المنطقة الأمنية أو الآمنة.. أين العرب والكرد؟

حمزة المصطفى10 سبتمبر 2019آخر تحديث :
المنطقة الأمنية أو الآمنة.. أين العرب والكرد؟


مع بدء تسيير الدوريات المشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية وأنقرة في الجانب السوري من الحدود السورية التركية، وبالتحديد مقابل تل أبيض، تكون أنقرة قد بددت جزء كبيراً من هواجسها عن إمكانية نشوء كيان كردي على حدودها الجنوبية، يضاف إلى ذلك أن هذه المنطقة، التي تسميها واشنطن “أمنية” مقابل تسمية “الآمنة” التي تعتمدها أنقرة، يتوقع أن تخفف جزء مهماً من اللجوء السوري في تركيا، وهو ما قد يبدد الهواجس الانتخابية لحكومة العدالة والتنمية، التي استتنجت مؤخراً أن السوريين فقط دون الأسباب الأخرى الخاصة بها هم سبب خساراتها في الانتخابات البلدية!

من جهة ثانية تكون واشنطن قد ضخت روحاً جديدة في العلاقة مع أنقرة بعد سنوات من التوتر، الأمر الذي سوف ينعكس على التنسيق في ملفات أخرى بين البلدين، أو على الأقل إزالة بعض الرواسب التي ساهمت في التباعد.

في ضوء ذلك، وبعد أن ضمن الطرفان الأميركي والتركي مصالحهما في شرق الفرات، فالأولى بالفرقاء السوريين، وأقصد هنا قوات سوريا الديمقراطية والمعارضة المسلحة التي تدعمها أنقرة، أن يعوا الدرس وأن يتخلوا عن التصريحات الجوفاء والنكايات والعنتريات المعتمدة على دعم الدول، وأن يدخلوا في حوار جدي من شأنه أن يحقق مصالحهما.

لا تستطيع قوات سوريا الديمقراطية حتى في ظل الدعم الأميركي أن تستقر في حكم مناطق شاسعة كتلك التي تسيطر عليها في شرق الفرات، وتدرك القيادات الكردية أن هيمنة العنصر الكردي على هذه القوات لن يدوم على المدى الطويل لأسباب ديمغرافية، ونتيجة وجود استراتيجية أميركية تقوم على تطعيم هذه القوات بالعنصر العربي، مع منح إدارة المجالس المحلية وخاصة في الرقة ودير الزور لعنصر عربي.

على الجهة المقابلة، تدرك القيادات الكردية أن سلوكها الانتهازي السابق في التفاوض مع النظام وروسيا لم يوفر لها أي شيء، فالنظام عاجز أن يقدم للكرد أكثر مما قدمته داعش أو جبهة النصرة لهم. وعليه، من غير المنطقي أن يتخلى الكرد عامة وقوات سوريا الديمقراطية خاصة عن كل المكتسبات السابقة نكاية بالمعارضة أو تركيا، هذا إذا كان خيارهم بهذا الأمر متروك لهم وليس لواشنطن.

من ناحية أخرى، تعيش المعارضة العسكرية وضعا مأساويا لا تحسد عليه في ظل الهجموم المستمر للنظام وروسيا على مقراتها، وتحكّم القاعدة بمصير إدلب، وبروز نماذج سيئة تمثلها على غرار فصائل أبو عمشة، وفصائل النهب والسرقة في عفرين.

أما الفصائل الموجودة في باقي مناطق درع الفرات ورغم حماسها الدائم، فان أنقرة تتعامل معها كرديف انغماسي ليس إلا. وعليه، فإن مصيرها مرتبط بشكل كبير بما تقرره أنقرة في تفاهماتها مع روسيا وأميركا، وقد بدا جلياً أن أنقرة لن تدخل في تحدي روسيا ولو حتى على حساب كرامة جنودها في سوريا.

أمام هذا الواقع السيء والخيارات المحدوة للطرفين، يبرز الحوار على هدف وصل شرق الفرات بغربه بوصفه المسار الإنقاذي الوحيد للجميع، وتعظيم مصالحها وتقليل تدخل الدول عليهما.

لاشك أن هذا الخيار غير محبذ أمام تاريخ من المزايدات ووجود الأصوات الغوغائية من الطرفين التي تفضل استمرار الخلاف من أجل مصالح شخصية.

هذا الحوار وحده كفيل بإبراز ما إذا كانت هذه الأطراف تتمتع بهامش من الاستقلالية والنزوع الوطني، أم أنها عبارة عن قوى تخوض صراعاً بالنيابية عن قوى خارجية…. سنرى.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل