نشر موقع “ذي إنترسبت” مقالاً للصحافي مهدي حسن، يتحدث فيه عن مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جون بولتون، وعن رغبته في بدء حرب مع إيران.
ويبدأ حسن مقاله، بالقول: “هل تذكرون كيف ضحكنا عندما قيل إن دونالد ترامب تجاوز جون بولتون ولم يعينه وزير للخارجية؛ لأن ترامب لا يحب شاربيه؟ لكن وبعد أقل من 18 شهرا وبعد الظهور الدائم على شاشة (فوكس نيوز) تم تعيينه مستشارا للأمن القومي مكتبه قريب جدا من مكتب الرئيس”.
ويقول الكاتب: “هل تذكرون عندما قابل وزير الدفاع جيمس ماتيس مستشار الأمن القومي الجديد على درج البنتاغون، وقال ممازحا إنه (تجسيد للشيطان)؟.. ذهب ماتيس ولا يزال بولتون موجودا”.
ويضيف حسن: “هل تذكرون عندما دخل رئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي في تجاذب حاد سادته الشتائم مع بولتون حول الهجرة، خارج المكتب البيضاوي؟ ذهب كيلي ولا يزال بولتون موجودا”.
ويتابع الكاتب قائلاً: “هل تذكرون عندما أعلن ترامب بأن 2000 جندي في سوريا (سيعودون جميعا للوطن وسيعودون الآن)، عقب مجرد أسابيع بعد أن قال بولتون إن القوات ستبقى حتى تخرج القوات الإيرانية والموالية لإيران كلها من البلد؟ قالوا لنا إنه تم إهمال بولتون، وتجاوزه، وحتى تهميشه، لكن هذا ليس صحيحا”.
ويشير حسن إلى أن مستشار الأمن القومي أكد في زيارة له إلى إسرائيل بأنه لا يوجد جدول لسحب القوات الأمريكية، وأنها تعتمد على ضمانات الحكومة التركية بالحفاظ على أمن المقاتلين الأكراد المدعومين أمريكيا، فنشرت “فايننشال تايمز” تقريرا يحمل عنوان: “جون بولتون يضع الفرامل على انسحاب ترامب من سوريا”.
ويقول الكاتب إنه “من الصعب تثبيت مستشار الأمن القومي لترامب، ففي عام 2003 حصل بولتون على الحرب التي أرادها في العراق، وقام بصفته عضوا بارزا في إدارة بوش، بممارسة الضغط على محللي الاستخبارات، وهدد المسؤولين الدوليين، وردد الأكاذيب الوقحة حول أسلحة الدمار الشامل، ولم يندم أبدا على دعمه للاحتلال غير الشرعي للعراق، الذي أدى إلى مقتل مئات آلاف الناس”.
ويلفت حسن إلى أنه “الآن يريد أن يبدأ حربا مع إيران، وهذا ما قالته وزارة الخارجية ومسؤولو البنتاغون، بحسب (وول ستريت جورنال)، الذين (أقلقهم) بطلبه من البنتاغون (لتقديم خيارات ضرب إيران للبيت الأبيض العام الماضي)، وذكرت (نيويورك تايمز) في تقرير لها بأن (كبار مسؤولي البنتاغون أعربوا عن مخاوفهم المتزايدة بأن بولتون قد يتسبب بصراع مع إيران)”.
ويتساءل الكاتب: “هل سيفاجئنا هذا؟”، ويجيب قائلاً: “نشر بولتون في آذار/ مارس 2015، عندما كان مواطنا عاديا، مقالا له في (نيويورك تايمز)، حمل عنوان (لإيقاف قنبلة إيران.. اقصفوا إيران)، وفي تموز/ يوليو 2017 قال بولتون أمام مؤتمر لتجمع حزب مجاهدي خلق بأنه يجب أن تكون (السياسة المعلنة للولايات المتحدة هي الإطاحة بنظام الملالي في طهران و(أنه) قبل حلول 2019 سنحتفل بذلك في طهران)”.
ويستدرك حسن بأنه “بالرغم من التسريبات على مدى الأيام القليلة الماضية من مسؤولين (قلقين) لم تذكر أسماؤهم من كل من وزارة الخارجية والبنتاغون، فإن بولتون ليس الشخص الوحيد المقرب من ترامب، الذي يضغط نحو تبني خط عدواني ضد إيران، بل معه حلفاء كثيرون في الإدارة”.
وينوه الكاتب إلى أنه بحسب تقرير لـ Voxيوم الاثنين، فإن “بولتون وظف في مجلس الأمن القومي أشخاصا يشاركونه الرأي، وقد وظف الأسبوع الماضي ريتشارد غولدبيرغ، وهو أحد الصقور المناوئة لإيران لإدارة حملة الضغط ضد إيران”.
ويقول حسن: “خارج مجلس الأمن القومي الذي يسيطر عليه بولتون، هناك أيضا وزير خارجية يعد من الصقور في الشأن الإيراني، وكان قد اقترح يوما (إطلاق 2000 طلعة جوية لتدمير إمكانيات إيران النووية)، وكما ذكرت الأسبوع الماضي قام بومبيو خلال خطابه مؤخرا حول سياسة الشرق الأوسط في القاهرة بالإشارة 20 مرة لإيران (الحاقدة) و(القمعية)، وشجب (التمدد الإيراني) و(التدمير الإقليمي)، في الوقت الذي ربت فيه على ظهر السعودية، وقال: (إن الدول تفهم بشكل متزايد أن علينا مواجهة نظام الملالي لا أن نتعامل معهم بلطف)، وقال بومبيو لـ(فوكس نيوز) قبل مغادرته القاهرة بأن أمريكا ستستضيف قمة دولية حول إيران في بولندا الشهر القادم”.
ويعلق الكاتب متسائلاً:”كيف يخطط هؤلاء الصقور لإشعال حرب مع طهران؟”، ويجيب: “يبدو بولتون بالذات حريصا على خطين للهجوم، الأول يتعلق بالموضوع النووي، حيث قال بولتون لبنيامين نتنياهو: (ما من شك لدينا بأن قيادة إيران لا تزال ملتزمة استراتيجيا بالحصول على أسلحة نووية يمكن توصيلها إلى هدفها)، لكن ليس هناك أي دليل على ادعاء بولتون، وفي الواقع فإن مجتمع المخابرات الأمريكية رفض ذلك تماما بشكل متكرر”.
وينقل الموقع عن مدير المخابرات الوطنية دان كوتس، قوله في تقدير المخابرات الأمريكية للتهديدات لعام 2017: “لا نعلم إن كانت إيران ستقرر في المحصلة أن تطور أسلحة نووية”.
ويشير حسن إلى أن “الخط الثاني يتعلق بأنشطة المجموعات المدعومة من إيران في كل من العراق وسوريا ولبنان، وبحسب (نيويورك تايمز)، فإن طلب بولتون لبحث الخيارات العسكرية ضد إيران جاء (بعد إطلاق المليشيات المدعومة من إيران لثلاث قذائف هاون أو صواريخ على مساحة فارغة من الأرض التابعة للسفارة الأمريكية في بغداد في أيلول/ سبتمبر)، ولم يقتل أو يجرح أي أشخاص نتيجة هذا الهجوم”.
ويتساءل الكاتب: “إلى أي مدى يمتد هذا التفكير الانتقامي؟ فأمريكا متهمة بدعم المتطرفين والمجموعات المعادية للحكومة في إيران، بالإضافة إلى الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، فهل يعني هذا أن لإيران الحق أن تطلق غارات جوية على الأراضي الأمريكية؟ وهل لكوبا الحق في أن تقوم بقصف ميامي حيث يعيش وينشط عدد من المعارضين الكوبيين بدعم من الحكومة الأمريكية؟”.
ويستدرك حسن قائلاً: “لكن المنطق لم يكن يوما الجانب القوي لدى بولتون، بالإضافة إلى أنه ليس منظرا لفكر ما، حيث قال يوما في خطاب حماسي: (إنه خطأ كبير بأن نمنح شرعية للقانون الدولي حتى عندما يبدو في مصلحتنا على المدى القصير، لأنه وعلى المدى الطويل فإن هدف من يعتقد بأن القانون الدولي يعني أي شيء هو محاصرة أمريكا)”.
ويقول الكاتب: “فليذهب القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية وحياة المدنيين إلى الجحيم، وسيقضي بولتون المولع بالحرب معظم عام 2019 بمحاولة الإقناع العام والخاص بأهمية الحرب على إيران، حرب ستجعل من غزو العراق يبدو نزهة، وهذا هو ما يجعل مستشار الأمن القومي ذا الشاربين، الذي يقع مكتبه على بعد أمتار من مكتب ترامب، أخطر عضو في هذه الإدارة المتهورة”.
ويختم حسن مقاله بالقول: “أما القول بأن بولتون يشكل تجسيدا للشيطان.. فقد يكون أقل من الواقع”.
- المصدر: عربي21
Sorry Comments are closed