عائشة صبري تكتب: مسجدي..

عائشة صبري28 نوفمبر 2018آخر تحديث :
عائشة صبري
مسجد الصحابي خالد بن الوليد في حمص وآثار الدمار بادية عليه بفعل قصف قوات الأسد ومليشياته

خاطرة بقلم: عائشة صبري

مسجدي ..

عندما تواردتِ الصُّورُ والمقاطعُ الجديدةُ لك

انتابني شعورُ الحزنِ الذي لم يُفارقني مذْ فارقتك

مسجدي

لقدْ عاثَ المجرمون فيكَ فسادًا

فبعدَ أنْ دمّروا قبابكَ الشامخةَ

ومنعوا رفعَ الآذانِ بمنبركَ عاليًا

وهجّروا أبناءَك قسرًا

تذرّعَ الغزاةُ بترميمِ حجاركَ ليقتلوك ثانية..

مسجدي ..

سنونُ أربعٌ مرّت ومعها نصفَ عامٍ

وأنتَ وحيدٌ لا أحدٌ يجرُؤ على القربِ منكَ

وأنتَ محرومٌ من المصلّيين.. من الدَّاعيين

حديقتكَ ملأى ببقايا الشهداء على مرِّ العصور

أشجارُكَ وأزهاركَ جفّتْ

فلا أحدٌ يسقيها

وإنْ سقاها الغزاةُ فلنْ ترتوي أرضكَ الطيِّبة

مسجدي ..

الدمعُ سبقَ رؤياكَ والعراضةُ الحمصيّةُ على بابكَ

وهتافاتُ الفرحِ تصعقُني .. تجلدُني .. تقتلُني

على ماذا يتغنّى “الحمصيّون” ولماذا يبتهجون !!

ألتشويهِ معالمكَ التاريخيَّةِ .. أم لتدنيسِ شبيحةِ الأسد تُرابك .. أم لإقصاءِ أبنائك .. أم ماذا !!

أخبروني ما سببُ ابتهاجكم فقد عجزتْ كلماتي

وتناثرتْ أوراقي وجفّتْ دمعاتي .. أخبروني ..

مسجدي ..

لقد تربيّتُ وترعرعتُ برحابكَ

وأصواتُ ابتهالات أئمتك مازالتْ ماثلةً بآذاني

كم أحنُّ لسماعِ آذانكَ

وأجثو راكعةً ساجدةً باكيَّة

كم أحنُّ لتنفّس هوائكَ

ولرؤية انتشار الحمام في ساحتك الغنَّاء

كملائكةٍ بيضاءَ تفردُ أجنحتها

وتسكبُ الخيرَ أينما حلَّتْ وارتحلتْ

وأقومُ بنثرِ الدُّرةِ عليها

وأشعرُ وكأنّي أرضعتُ أطفالي

مسجدي ..

مازلتُ مغيّبةً عنكَ

محرومةً منكَ

لا أدري متى أعودُ

ولا أعلمُ هل سأذوقُ السجودَ مرّة أخرى !

لكنّي أرتجي من ربٍّ كريمٍ ودود

أنْ لا يتحوّلَ منبركَ لمنبرِ تشبيح

وأن لا يتمكّنَ منكَ المجوس

كما لم يتمكنّوا من صاحبك خالد بن الوليد

وأنْ تعودَ معالمكَ كما كانتْ

وأنْ تكونَ العراضة الحمصيَّة لأهلها المغيّبين

ودون حكم المستبدين.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل