كيف يعيش اللاجئون السوريون في دول العالم الكثيرة التي اضطروا إلى اللجوء إليها هرباً من بطش النظام أو من الحرب؟
هناك ما لا يقل عن 6 ملايين سوري خارج سوريا، وفي ضوء التطورات الأخيرة في سوريا وصعوبة عودة الغالبية العظمى للبلاد بوجود حكم الأسد، فالوضع الحالي مستمر لأجل غير مسمى، وبات من المعروف أن وجود السوريين في دول مثل تركيا والأردن ولبنان وألمانيا ملفت للنظر، تركيا وحدها تحتوي أكثر من نصف العدد حيث يتواجد حوالي 3 ملايين ونصف المليون سوري الغالبية العظمى خارج المخيمات، إذ لا تأوي المخيمات أكثر من 200 ألف وهذا بناء على رغبة السوريين أنفسهم، وحوالي مليون سوري في الأردن نصفهم في المخيمات لأسباب أمنية متعلقة بالدول المستضيفة أكثر منها رغبة شخصية للسوريين المتواجدين على أرضها وكذلك الأمر في لبنان، وضع اللجوء في ألمانيا يختلف كلياً لأسباب قانونية وإنسانية تعتمدها دول الإتحاد الأوروبي في التعامل مع اللاجئين وهم الأفضل حالاً من ناحية تأمين السكن والمعيشة وتأطير اللاجئين بشكل إجباري في خطط الدمج وتعليم اللغة وإيجاد فرص عمل ما يؤسس لاستقرار دائم لطالب اللجوء مع حماية قانونية وسيادة القانون، وهنا يختلف الفعل المرجو من اللاجئين المتواجدين في أوروبا عن الدول الثلاث الأخرى لأنهم لا يتحملون أعباء إضافية تتعلق بحياتهم وأمنها بشكل مباشر.
كيف يجب أن يتعامل السوري مع الواقع الجديد؟
يعاني السوريون في الأردن من مشاكل تختلف عن ما يعانيه المتواجدين في لبنان وتختلف أيضاً عن ما يعانيه السوريون في تركيا، مما يطرح أسئلة كثيرة حول الخطط التي كان من الممكن أن يضعها السوريون كمجتمع جديد أفرز نفسه في الخارج وهو يملك كل المقومات التي تساعده على بناء خط دفاع مقنع للسلطات والحكومات التي تستضيف اللاجئين لحل قضاياهم الشائكة الاقتصادية أو الاجتماعية التي يتعرضون لها يومياً.
والملفت للنظر أن المنظمات التي تعنى بأمور اللاجئين في كل من الأردن ولبنان وتركيا كثيرة العدد لدرجة يصعب حفظها ومعرفة ما تقدمه من خدمات بدقة، لغيابها الكامل عن إيجاد أي حلول مستدامة تعكس على أرض الواقع نتائج ملحوظة في تحسين واقع اللاجئين في هذه الدول، بل على العكس تحولت منظمات المجتمع المدني إلى شللية جديدة تضاف إلى الشللية السابقة التي اعتاد السوريون إدارة حياتهم وعلاقاتهم بها في سوريا قبل الثورة، وعاماً بعد عام فاحت منها روائح الفساد والمحسوبيات والنفعية الفردية وإقصاء الأخر متجاهلة كل المآسي التي يمر بها السوري اللاجئ لجني قوت يومه ويقف وحيداً إذا تعرض لأي نوع من الإساءة في الشارع أو بيئة العمل، مما يضيف أعباء نفسية إضافية تفوق قدرة السوريسن على وضع قدم نحو المستقبل والتقدم خطوة باتجاه الإستقرار، وهذا يدفع بعض السوريون الذين تضيق بهم الحال للأخذ قرار العودة إلى سوريا في لحظة ضعف للهرب من جحيم الحياة الصعبة إلى جحيم الأسد من جديد.
هل يملك السوريون القدرة على التأثير في المجتمعات الجديدة؟
من الواضح للعيان أن عدد السوريين في هذه الدول كبير بما فيه الكفاية حتى يتحول لحملات انتخابية تستهدفهم كما حصل في الانتخابات التركية الأخيرة، وحملات إعلامية عنصرية تثار بين الفينة والأخرى في لبنان تستهدف وجودهم، وأخرى اقتصادية يصرح بها المسؤولون الأردنيون بين الحين والآخر، إذاً ما الخطوة التي كان من الممكن أن يخطوها السوريون منعاً لكثير من هذه الأفعال أو الحد منها على الأقل؟
بات معروفا لدى الجميع أن السوريين انتقلوا كمجتمع كامل الأركان أي من أكبر طبقة سياسية واقتصادية واجتماعية إلى أصغر طبقة عاملة كادحة تركض ليلاً ونهار حتى تعيش اليوم بيومه، إلى جانب طيف واسع من المتعلمين حاملي الشهادات والمهنيين والفنانين والمثقفين.
فالسؤال إذاً أين هذا الشعب وماذا فعل؟
للأسف لا يوجد حتى الآن كيان رسمي يستوعب كل هذه الفئات ويتحدث باسمها ويواجه الحكومات بالمشاكل التي يتعرض لها أبناؤها، ويحاول إيجاد حلول مقبولة لهم، وجود عدد هائل من حملة شهادة الحقوق لم تنتج تجمعاً قانونياً يدافع عن السوريين إذا تعرضوا لإساءة أو يساعدهم بفهم قوانيين البلد المضيف وإدارة أمورهم بشكل قانوني تجنباً لكثير من اللغط وسوء الفهم لاحقاً.
لا يوجد حتى الآن أي كيان اقتصادي يساعد السوريين على تحمل مصاعب الحياة في دول اللجوء، رغم تواجد مئات رجال الأعمال والاستثمارات ضخمة، ولكن حتى العمال السوريين الذي يعملون معهم منقوصو الحقوق ومعرضون للطرد بأي لحظة، لا يوجد أي قانون يحميهم ويحفظ حقوقهم وهم يعملون بدون إذن عمل رسمي صادر عن الدولة المضيفة، ولم يحاول حيتان التجارة والإقتصاد أن يجدوا حلول قانونية لحفظ حق العامل السوري وليس من مصلحته أن يسعى لهذا فهو سيدفع راتباً أعلى وسيضطر لتأمينهم صحياً والالتزام بساعات عمل محددة وإجازات رسمية وبذلك تظل الطبقة الكادحة تحت سندان الدول ومقصلة ابن البلد.
ماذا فعلت مؤسسات المعارضة؟
حتى نكون منصفين هم لم يفعلوا شيئاً يذكر، بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، هناك مؤسسات معارضة تعيش في كوكب آخر لا يعرف عنه اللاجئ شيئا، إذا سألنا أي لاجئ سوري في لبنان أو الأردن أو تركيا التي يقيم فيها كل مسؤولي المعارضة عن اسم رئيس الحكومة الإنتقالية، أظن أن أقرب جواب للواقع سيكون “ماذا تفعل هذه الحكومة؟ لا نعرف عنها شيئا”.
هي مؤسسات ترتزق باسم السوريين وتعيش على تبرعات ودعم الدول المعنية بدعم الملف السوري ولكن على أرض الواقع لا يذهب شيء لهذا الدعم وحتى ما يذهب للداخل يسرق ثلاث أرباعه قبل أن يتحول لمشروع فاشل على أرض الواقع.
لماذا لم تثمر 8 سنوات عن وجود كيان يمثل السوريون؟
الجواب عن هذا السؤال شديد البساطة والتعقيد على حد سواء، السوري ببساطة لا يثق بالسوري، ولا يملك روح الجماعة، ويحب العمل بفردية بشكل أناني، ويتجنب الأعمال الجماعية التي لا تثمر بروز اسم أو سطوع نجم أو بهرجة إعلامية، هناك مشاكل مناطقية وأخرى طائفية وثالثة إيديولوجية ورابعة طبقية كلها تصب في بركة واحدة يسبح فيها الجميع في اتجاهات مختلفة إذا غرق أحدهم لن يجد الآخر قريباً منه لانتشاله وإنقاذه، فالقوي ينجو والضعيف يغرق في دوامة اللجوء والضعف وقلة الحيلة والغربة في بلاد لا تصلح للاستقرار ولكنها مرفأ مؤقت يؤمن القليل من الأمان والأمل في مستقبل أفضل.
Sorry Comments are closed