ياسر محمد – حرية برس
خيمت أجواء من الذهول والغضب والفجيعة على وسائل التواصل الاجتماعي، إثر انتشار خبر اغتيال الفنان والحقوقي السوري، رائد الفارس، صاحب لوحات كفرنبل الشهيرة، والذي ذاع صيته في مشارق الأرض ومغاربها من جراء نشاطه الفني المدني الذي كان من أكثر الوسائل التي أوصلت فكرة الثورة السورية لشعوب العالم.
فقد اغتال مسلحون، اليوم الجمعة، الناشط رائد الفارس، وصديقه حمود جنيد، في مدينتهما كفرنبل بريف إدلب، بعد استهدافهما بالرصاص.
وقال ناشطون سوريون إن ملثمين هاجما الفارس وجنيد في مدينة كفرنبل بريف إدلب، ولاذوا بالفرار بعد قتل الناشطين البارزين، مشيرين إلى أن الفارس تعرض لإطلاق النار عند الساعة 11:30، أثناء توجهه إلى إحدى القرى في ريف إدلب لتغطية المظاهرات ضد نظام الأسد.
ويعتبر رائد الفارس من أبرز الناشطين المدنيين والحقوقيين منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، وهو صاحب معظم رسومات وعبارات “لافتات كفرنبل” الشهيرة، والتي جالت أرجاء الدنيا كتمثيل فني مدني سلمي عن الثورة ومطالبها، وتميزت بانحيازها لمدنية الثورة بغض النظر عن القوى المسيطرة على الأرض، وخاصة “الجهاديين” الذين تعرضوا للفارس أكثر من مرة، فحاولوا اغتياله عام 2014، إلا أنه نجا بعد مكابدة طويلة، كما اعتقلته “جبهة النصرة” مع الناشط هادي العبد الله عام 2016، قبل أن تفرج عنهما لاحقاً.
ولم يقتصر نشاط رائد الفارس على اللوحات الفنية المعبرة عن روح الثورة، فأنشأ وأدار راديو “فرش” المحلي في كفرنبل منذ بدايات الثورة، وأطلق مشروع “محامون من أجل العدالة”، وحمل معاناة السوريون إلى عدة دول غربية، فكان صوتهم الأصدق بعيداً عن الإيديولوجيا والمشاريع غير الوطنية.
وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بخبر اغتيال الناشطين الفارس وجنيد، واعتبرها كثيرون نقطة تحول في المنطقة ومسيرة الثورة، فكتب الناشط فؤاد حلاق: “اغتيال رائد الفارس وحمود جنيد، هو نقطة تحوّل جديدة تمرّ فيها الثورة السورية، كلاهما من قادة الصف الأول لحراك كفرنبل بريف إدلب، ويحملان الكثير من الذاكرة، مع المحامي ياسر السليم الذي مازال مصيره مجهولاً في سجن النصرة.. المستفيدون من اغتيالهم كثر، على رأسهم النظام الأسدي والإسلاميين”.
وكتب هادي البحرة معزياً: “فُجعت بخبر اغتيال الناشطين رائد الفارس وحمود جنيد في مدينة كفرنبل، من خيرة شباب سوريا ومن أوائل الثوار المدنيين اللذان ساهما وبإبداع وعطاء لا متناهي لخدمة وطنهم وشعبهم، عزائي الحار لذوي الشهيدين وأصدقائهما ولعموم الشعب السوري”.
وتوالت الشهادات بأهمية الناشطين ودورهما الذي لن يملأه أحد بعدهما، فكتب محمد الحاج على صفحته في “فيسبوك”:
“اليوم هي أعظم فاجعة بتاريخ الثورة السورية باغتيال رائد وحمود، علينا أن نتجرأ ونعلن متأخرين اغتيال ثورتنا باغتيال فكر رائد وروح حمود، علينا أن نلعن الأرض التي يمشي عليها قتلتهم من القذرين والأنذال باغتيالهما، لا وجود لسوريا حرة، ولا للآمال والأحلام الزائفة.. ادفنوهم، وضعوا شاهدة على قبرهما شاهدة تنعو وطن.. تنعى حلماً اغتاله أسفل البشر في سوريا الاستبداد والأسد”.
الناشطة عليا منصور، نعت الفارس وجنيد موجهة أصابع الاتهام مباشرة إلى “تنظيم القاعدة”، فكتبت: “القاعدة ونظام الأسد وجهان لعملة واحدة، عدوهما الحرية، الأسد قتل غياث مطر والقاعدة قتلت رائد الفارس، لا تُطلقوا عليها مسميات كالنصرة والهيئة وغيرها كي لا ينسى أحد أنها القاعدة”.
وفي الإطار نفسه، مضى الباحث أحمد أبا زيد قائلاً: “اشترك في قتل رائد وحمود كل من ساهم في تحويل إدلب إلى مزرعة لجبهة النصرة وحثالة الجهاديين والأجانب، فصائل ونشطاء ومنظمات وسياسيون ودول غطوا تمدد هذا السرطان الأسود ودعموه أحياناً.. يعرف العميل الجولاني كما عرف سيده الأسد أن كلمة الحرية لا تُكتم ولا يسكتنا إلا الدم.. صوتك باقي يا رائد”.
يذكر أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن عملية الاغتيال حتى اللحظة، إلا أن محاولات “جبهة النصرة” السابقة لقتل رائد الفارس، ومن ثم إقدامها على اعتقاله، تجعل الأصابع تشير إليها، خصوصاً مع مواصلة الفارس انتقاده لها علناً حتى تاريخ اغتياله.
Sorry Comments are closed