سيرة ذاتية ناقصة لحصان مُرهق – “السندباد العربي”

أحمد بغدادي31 يوليو 2018آخر تحديث :

سيرة ذاتية ناقصة لحصان مُرهَق (5)

“السندباد العربي”

أحمد بغدادي

كلُّ شيءٍ ينتظركَ ..

الورودُ والمناجلُ والحقولُ والألغامُ والمصائدُ والأشواك !

الموتُ الذي خبّأته الجدّةُ في حكاياتها ولم تروهِ على الأحفادِ المُطرقينَ قبلَ النومِ، يتعثرُ بكَ.

من الرحيلِ إلى الرحيلِ إلى النحيبِ والتلصصِ نحو الحدودِ ودمار المدنِ النازفةِ بين أنيابِ الطغاة.. ينتظركَ.

لملم كلَّ الحقائبِ، وتأنَّ، لا تمضِ دون رصاصةٍ بين الحاجبين.. فالقبرُ ينتظركَ فوق التلالِ، بين الركامِ .. في قاع البحرِ .. على طاولاتِ المؤتمراتِ، في حفلاتِ السَمرِ النفطية، ينتظركَ متثائباً، جائعاً؛ فجثّتكَ الآن طازجةٌ ولها رائحةُ النقاء..!

وتغنّي .. للوطنِ أناشيدَ الحنينِ في الحافلاتِ وأمام الكاميراتِ.. وفي أحلامكَ تغفو حذوَ الطرقِ المفضيةِ إلى الصحوِ .. المؤدية إلى الحقيقة، حيث المجازرُ الجماعية والزنازين وقهقهات الجلادينَ والجنرالات: هي الصدى!

صداكَ .. صدى موتكَ وأنينكَ حول الجدران الرطبةِ.

صداكَ .. صداهم الضاحكُ مع صريرِ الأبوابِ الشاهقةِ.. أنتَ: المدى، لكلِّ الأوجاعِ والبكاءِ والرثاءِ و .. الردى!

أخبرني .. كم جرحاً فتقتهُ التنديداتُ العربيةُ والاستنكار؟

كم جثّةً سُحلت أمام عدساتِ العالم، أمام جماهيرِ الديمقراطية .. باسمِ التهدئةِ والصفقاتِ التاريخيةِ ومواسمِ وقفِ إطلاق النار؟

كم امرأةً حبلى .. ولدت في الأقبية الأمنية؟

كم فتاةً .. اغتصبتها ضباعُ الليلِ في أروقةِ الأمم المتحدةِ ليمرّرَ “ديمستورا” موقفَهُ الشخصيّ، ويسجّلُ رقماً تاريخياً في الحقدِ الطبقي ويأخذُ من أشلاءِ الأطفالِ الرضّعِ تواقيعَ الثأر؟!

هل أعجبتكم قرارات “بنات آوى في الخليج” بمعالجةِ أطفالِ مخيماتِ الأردنِ لمدةِ أسبوعٍ واحد؟

هل أسعدكم هذا القيءُ الأصفرُ في تجريمِ أسياد الكيماوي، بقرارٍ منصوصٍ توقّعهُ عصابةُ برلينَ المصدّرةُ الأولى لبراميل السارين؟

***

اجتمعت عباءاتُ النفظِ لشراء الخيمِ والأغطيةِ وأطنابِ الذلِّ، لكلِّ مخيماتِ القتلِ السورية!

اجتمعَ قوادُ الأوطانِ لقراءةِ نصوصِ القتلِ والتأديبِ والحقدِ على الشعبِ السوري، وإعطاء الدرس الأول في مكافحةِ الثورات العربية !

في تلِّ أبيب .. تُؤخَذُ قراراتُ تغيير أردية الكعبة.

في تلِّ أبيب .. تُقرأُ سورُ “المائدةِ والأحزابِ والشورى والتوبةْ” .

في تلِّ أبيب .. يتسلّم كل الحكامِ العربِ وصاياهم..  لإطعامِ الوطنِ العربيّ أرغفة السَغِبة.

في تلِّ أبيب .. تقرّر كلَّ مراسمِ زواج الأمراءِ وملوكِ النفط ورؤساءِ الجمهورياتِ من أجمل عاهرات الأجهزة الأمنية في لندن؛ وتذبحُ قرابينُ العرسِ من أطفالِ فلسطينَ على أخفض هضبة!

في تلِّ أبيب .. تُشربُ أنخابُ الطاغيةِ في الشام، وبألوفِ القتلى تفدى عيناهُ والرقبةْ!

في تلِّ أبيب .. مخابرُ لتحليل الــ “دي أن أي ” (DNA) لكل رئيسٍ عربيٍ يتثاءبُ في المهدِ.. ويتحققُ حاخام الهيكل من أصالتهم ونقاء الدمِ الصهيوني.

هل أعجبكم هذا القيحُ التاريخي؟

كلُّ شيءٍ ينتظركَ.. أيها العربيْ ..

حتى الظلالُ تخونكَ .. والشمسُ والنهرُ والبحرُ والقمرُ والجوعُ والعطشُ والأنبياءُ والحقائقُ والفرحُ والعزاءُ … أيها الغبيْ.

لا تقل ثار أجدادُنا وها نحنُ الآن سوف نثور !؟

الشعبُ السوريُ دفعَ ضريبتكَ التاريخية، وستبقى ..

بين أحذيةِ الأمراءِ وملوكِ الزمنِ القذرِ تجترُّ عشبَ الذلِّ وتتجشّأ تاريخكَ كحيوانٍ يأكلُ روثه ..!

في تلِّ أبيب .. يُنكحُ الشرفُ العربيُّ فوق السجّادِ الإيراني الفاخر.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل