سيرة ذاتية ناقصة لحصان مُرهق – “أحفاد الموت”

أحمد بغدادي17 يوليو 2018آخر تحديث :

سيرة ذاتية ناقصة لحصان مُرهَق (4)

“أحفاد الموت”

أحمد بغدادي

سلاماً أيتها القلوب الجافّة كشفاهِ العاشقات اللواتي انتظرن قبلاتِ المساءِ المتأخّرة؛ أيها الحزنُ الدهريُ، سلاماً عليكَ انتقاماً لكلِ فرحٍ رماهُ الحبُّ في جبِّ الخديعةِ بعد أن أهداهُ خنجراً أنيقاً في الخاصرة.

سلاماً للعائدين من الموتِ مساءً، أقصى التلال.

سلاماً للمدنِ المحطّمةِ في دفاتر الحربِ كقلوبِ الأمهات. وللذئابِ تلهو مع الخرافِ بأنيابٍ ناصعةٍ في الحقولِ، وعند عتباتِ الأبواب في القرى، سلاماً.. للورودِ والسكاكين

للأعناقِ والسيوف .. والمقاصل

للأجسادِ العاريةِ في زنازين الطغاةِ وغرف التحقيقِ..  لكلّ قتيلٍ عاشقٍ، ولكلِ عاشقٍ قتيل .. سلاماً ومرحى

للبراكين في أوردتنا وللزلازل.

مرحى للعاشقِ تحت سياط الجلادِ يتذكّر قبلاتِ حبيبته ويصيحُ: سلاماً للذكرى، ويسقط الطاغيةُ المناضل.

مرحى للأمهات، الجميلاتِ، يضفرن الصبرَ بابتساماتهن عند شبابيكِ الانتظارِ وشاهدات القبور.

مرحى لطائرات الوطنِ تقصفُ أبناء الوطنِ والأطفال وأعشاش الطيور!

مرحى للجيوش الجرّارة تجرّ خلفها الجثثَ والجماجمَ والأجسامَ .. والجحيمَ، تصبّه فوق قلوبِ العاشقين.

يا أيها الطين ..

ألا تستكين؟

من الموتِ والقهرِ .. والحروبِ والشتات والنزوح والآلام والمجازر والنداءات المستغيثة ..!

ألم ترَ في مرايا الغيبِ شياطين الفضيلة تهبطُ الأرضَ لتعلّلَ لنا كُنّهَ الأرواحِ الخبيثة ؟!

كُنْ .. فكنتَ نحنُ: قتلةً وقتلى.. تصيّرنا

ضحايا وأنبياء، وزناديقَ وعشاقاً منهزمينَ على أبواب الخليقة ..

يا أيها الطين ..

سلاماً، للراكضينَ في لظى الأوطانِ، على الحدودِ وبين الرصاصِ والأفخاخِ .. والمصائدِ الأنيقةْ.

مَن شجَّ رأسَ الحقيقة؟

بساطورِ الزيفِ، ودوّنَ التاريخَ ببولِ الأمراءِ والسلاطينِ والملوكِ والرؤساءِ والوُرثاءِ .. وطمثِ  الأحزابِ القوميّةِ !

من الذي لحّنَ على المنابرِ الفتاوى .. وترجمَ للشعوبِ المُصْغيةِ، نهيقــــــه ؟

يا أيها الطين ..

لازباً بين أصابعِ الحواةِ يصنعون لنا أوطاناً فخّارية !

يا أيها الطين .. من الذي ادّعى أنّ نكاحَ الأحزابِ يُنجبُ للشعبِ الديمقراطية ؟

من رسمَ حدودَ الأوطان بفرجار القومية ؟

مرحى .. لشيوخ أبو ظبي، ولأبراج خليفة تناطح أمجادَ الأمة العربية !

للدبّابات الإسرائيلية .. تتمشّى بغنجِ في درعا، ومرحى لابن الزانيةِ يُهدي سوريةَ لضباعِ الكرة الأرضية !

الوطنُ الوطنُ الوطنُ الوطنُ … صار مطيّةْ !

والشامُ، سُرادقُ ومواخيرُ للندبِ والتطبيرِ، وطلب الثاراتِ التاريخية !

يا طينَ الله تماسك لا تتفتّت !

أوجعنا الحبُّ .. وقتلنا العشقُ .. تراباً تذرونا عواصفكَ يا حبُّ !

بين عواصمِ هذي الدنيا نتسوّل وطناً وسريراً نضعُ عليه القلبَ المُتعب !

بين عواصمِ هذي الدنيا نموتُ بصمتٍ تحت عجلاتِ الدهرِ ولا نتعجّب !

بين عواصمِ هذي الدنيا سلعاً صرنا، وبضائعَ للنقلِ في الأمم المتّحدة.. والكلُّ يدينُ ويشجب !

من حلب سقطَ التاريخُ بحُجْرِ الكاهنِ والشيخِ والجنرالِ والمهديّ المنقذِ لقطعانِ الأديانِ العلمانية !

التاريخُ يقول :

لم يبقَ للعربِ سوى الأحذية للطّمِ على الأمجادِ بفضل شيوخِ الكعبةِ وقوادي النفطِ، ووسخّ الأظافرِ، دعاة الوحدة العربية.

التاريخُ يقول:

مرحى وسلاماً .. للجزّارين وطغاة العالم والقتلة.

ولنا نحن.. الجثثُ .. ورضوخ الأعناق تحت بساطير السفلة.

ــ التاريخُ .. يقول.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل