سيرة ذاتية ناقصة لحصان مُرهَق (3)
“بِغال الكعبة”
أحمد بغدادي
***
لا تنتظر
قيامتكَ أيها السوريُ المقيمُ في كلِّ قيامةٍ وجرحٍ ونزيف.
لا تتلمّس النهايات، فأنتَ لم تنتهِ من أسطورةِ الدمِ وقَصَصِ إخوانكَ المعربدين في كل قِبلةٍ ومسجد.
لك النزيفُ والمقتلةْ
لك الهيامُ في الدماءِ والغرقُ في المُعضلةْ
لكَ التفرّدْ .. في المجازرِ، والنومُ لكَ تحت شفرةِ المقصلةْ.
يا أيّها الموتُ الذي يهرُّ ككلبٍ في كل زقاقٍ، ارمِ صولجانكَ واحصدِ غنائمكَ، وسجّل في دفترِ يومياتكَ .. انتصاراتكَ، على المُقلِ الجميلة، على أطفال المدارسِ، والعاشقين في الحدائقِ، والجالسين في ضجيجِ الحبِ؛ لا تنسَ القابعينَ على الحدودِ، يستجدون الخلاصَ من ابن الهاشمية المستعربة في لندن، احصدهم .. وذر الطغاةَ وقوادي الأوطانِ، والخنازير العربية، في الخليجِ ينزحون البولَ عن أمجادهم، عن صفحات التاريخ الأولى والأخيرة. ذَرْهم يتفرجون على صرخاتِ الأمّ المستجيرة.
يا أيها السوريُ المقيمُ في كلِّ قيامةٍ وجرحٍ ونزيف.
من وزّع على أبنائكَ القذائفَ والرصاصَ، وأهداكَ الخيامَ والوجبات السريعة؟
من كتبَ اسمكَ على شاهداتِ القبورِ قبيلَ الجريمةِ، وزرعَ في سُرادِق التأبين أغصانَ الفجيعة؟
قف حذو جثّة طفلتكَ.. واتلُ سورةَ البقاءِ كي ينجو فؤادكَ من الخديعة.
المهرجانات العربية تشرّع أبوابها للجميع .. فامضِ إليها، ادخل دون أن تتحسّسَ قلبكَ.
الأمير ابن سلمان يهدي ناقةً حلوب للأمير ويليام .. صفّق لهما، وابتسم للطائي الذي أهداكَ خنجراً في ظهركَ مرصّعاً باللؤلؤِ العماني.
الأمير ابن زايد يشجبُ ويستنكر القتلَ المجاني!
الأمير ابن سلمان يدشّن في كلّ شارعٍ كعبةً جديدةْ!
يا أيها السوريُ .. انزف أمام العواصم العربية.. من الرباطِ حتى بغداد الشريدةْ.
لا خيول في الصحراء اليومَ ولا نوق ولا كرامة عتيدةْ
الشرفُ العربي يلهثُ بين أحذية اللاعبين على الأوسمةِ والكؤوس.
الشرفُ العربي تحت نعلِ “الولي الفقيه” بالأشلاءِ والأكباد والرؤوس.
الشرفُ العربي يُحصدُ كل يومٍ بالمناجلِ والفؤوس؛ فلا تستدر أيها القتيلُ إلى القِبلةِ وتتضرّع.
رصاصُكَ خلاصكَ .. امحُ كل عارٍ تمدّدَ في صفحات التاريخِ، وتربّعْ.
يا أيها السوريُ المقيمُ في كلِّ قيامةٍ وجرحٍ ونزيف.
جاؤوا إليكَ “بدمِ كذب” وحدّثوكَ بأن أخاكَ قاتلك!
نعم .. أخوكَ قاتلك.. أنتَ وهو الضحيةْ
من الشامِ حتى غزةَ، إلى كل بلدٍ مطيّةْ.
سفاحُ دمشقَ يلهو بأحداقِ الأطفالِ _ أنيقاً _ في أروقة الأمم المتحدةْ!
سفّاحُ دمشقَ يُهدي ساعةَ “كوهين” عربون محبّة للأحزابِ الصهيونيةْ
سفّاحُ دمشقَ يصدرُ عفواً عن كلّ القتلى ويدعوهم للعودةِ في أقربِ وقتٍ ممكنْ!
سفّاحُ دمشقَ يقصّ الشريطَ الأحمر، يفتتحُ دماراً أروعَ وينهق: ما أجمل سورية!
كلُّ دماء التاريخ هنا .. والزمن الأرعنْ!
كلُّ مجازره تنادي الأوصال المرتعدةْ؟!
يا أيها السوريُ المقيمُ في كلِّ قيامةٍ وجرحٍ ونزيف.
ارخِ مئزركَ … وقف على كل قيامة
وتبوّل على وجوه الطغاةِ .. وابتسم للأمّة العربية.
Sorry Comments are closed