في مؤتمرهم الصحفي أمام الأمم المتحدة في جنيف تكلم كبار المفاوضين عن الوضع السوري وقلت لأحدهم لماذا لم يصفوا روسيا بالمحتل فتهرب من الجواب. وفي أكثر من مناسبة لاحظت أن هناك أمراً تم تعميمه لتجنب هذا الموضوع.
من غرائب الثورة السورية أنها خجولة في تسمية روسيا بالعدو وبالمحتل، فهي بدأت بإستخدام الفيتو لحماية نظام بشار ودعمته عسكرياً وخلال ثمانية أعوام تقتل وتدمر، بينما شخصيات المعارضة الخارجية “المهمة” زارت موسكو وأحد رؤسائها تكلم عن الشمس التي ستشرق من موسكو ورئيس حكومتها ذهب إلى سوتشي بطريقة مخزية. إحدى صور شخصيات المعارضة مبتسمة مع جزار أهلهم تثير الإشمئزاز. والفصائل المسلحة التي حاربتها روسيا بدون رحمة تهافت جزء كبيرة منها إلى الآستانة وتواصلوا معها في إطار الهدن المحلية التي كانت سياسة ممنهجة وناجحة لتفتيت الثورة وتقطيع أوصالها.
ولو أضفنا أنه لم تحصل عمليات جدية أو فدائية ضد هذا المحتل المعتدي المجرم في أي مكان من سوريا. وأن جزءً هاماً من المعارضة الخارجية هم من عملاء روسيا المباشرين وأن دي مستورا يتصرف كموظف عند الروس، فتبدو لنا صورة قاتمة لما سيحصل في المستقبل البعيد حيث سيكون فيه إخراج روسيا من سوريا أصعب من إخراج إسرائيل من الجولان وأصعب من إزاحة النظام الأسدي الطائفي نفسه..
إستعمار روسيا لبلد هام مثل سوريا بأرخص الأثمان يمر بقبول وموافقة ورضى وتواطئ جزء كبير من أهل هذا البلد. روسيا تحتل فعلياً سوريا تحت غطاء مرفوض حسب القانون الدولي لأن سيادة (الحكومة السورية) التي استدعت روسيا هي موضع شك وجدل وهذه الحكومة لم تعد تتمتع بالسيادة والشرعية اللازمتين لهذا الإستدعاء. إن توصيف روسيا بالمحتلة يضعها أمام استحقاقات قانونية دولية أولها تأمين حماية المدنيين وتأمين الحاجيات الأساسية لهم وهذا ما لا تفعله روسيا.
عذراً التعليقات مغلقة