السردية الإيرانية حول الثورة السورية

عبد الرحمن الحاج13 مايو 2018آخر تحديث :
السردية الإيرانية حول الثورة السورية

مذكرات الجنرال الهمذاني- خارطة طريق سوريا/ 1

في هذا الجزء من المذكرات يقدم الجنرال أحمد همذاني السردية الرسمية الإيرانية حول سبب اندلاع الثورة السورية، وأسباب التدخل الإيراني. وحسب الهمذاني فإن نظام الأسد (الأب والإبن) يمثلان آخر دول “محور المقاومة” الذي تقوده إيران ضد الهيمنة الأمريكية والغربية والإسرائيلية، وأن نظام الأسد تعرض لضغوط مختلفة وبوسائل متعددة لكنه لم يخضع للإملاءات والإغراءات الغربية للتخلي عن هذا المحور والحد من تمدد إيران في المنطقة ووقف دعمه حزب الله، وأن الغرب وجدوا في احتجاجات الأهالي في درعا فرصة لتنفيذ مخطط نشر الفوضى في سوريا وتقويض نظام الأسد، وهنا يوجه اللوم إلى نظام الأسد وسوء إدارته لمواجهة الاحتجاجات. ويشير الهمذاني إلى ضعف بشار الأسد مقارنة بأبيه الأمر الذي سمح للدول بالتجرؤ عليه.

كانت إحدى مقترحاتهم، على سبيل المثال، إعادة “مرتفعات الجولان” السورية المحتلة من قبل القوات الإسرائيلية إلى سوريا ودعم الجيش السوري وترميمه أيضاً”.

وعن الأسباب التي دعت إيران للتدخل في سوريا، يذكر الهمذاني ثلاثة أسباب عامة، وسبباً جوهرياً وأساسياً، أولها أن نظام الأسد أول من اعترف بالجمهورية الإسلامية بعد نجاح الثورة عام 1979، وثانيها أن نظام الأسد وقف مع إيران ضد العراق ونظام صدام حسين في حرب الخليج ودعمت إيران عسكرياً وسياسياً، وثالثها أن الأسد تخلى عن الكثير  من الإغراءات وتكبد الكثير من المكاسب في سبيل الحفاظ على موقفه وعلاقته بإيران. و أما السبب الجوهري الذي ذكره الهمذاني فهو ما ذكره نقلاً عن لسان علي خامنئي بأن “سوريا هي العمق الاستراتيجي لنا والدولة الوحيدة المتبقية في جبهة المقاومة”. ومن الملاحظ أن همذاني لم يذكر أي من الأسباب الدينية التي ذكرها حزب الله وبعض القادة الإيرانيين مثل “حفظ المقامات الشيعية”.

النص:

بدأ [تنفيذ] مخطط [نشر ] الفوضى في سوريا في الخامس عشر من آذار/مارس 2011 عقب الأحداث في جنوب البلاد – محافظة درعا -، حيث خرجت مسيرات احتجاجية فئوية من قبل بعض طوائف الشعب منادية بتحقيق مطالبهم من الحكومة، بيد أنه بعد تدخل الجيش السوري بدأ الصراع بين المحتجين وقوات النظام، وخلال شهر أو شهرين انتشرت الفوضى على كل أنحاء سوريا، وتحولت إلى موجة احتجاجية عارمة.

وقبل الخوض في شرح الأزمة السورية وبيان مراحلها الخمسة من بدايتها حتى الآن يجب التنبيه إلي نقطة مهمة، وهي أن سوريا الدولة الوحيدة التي مازالت مستمرة في “جبهة المقاومة”، وهي الدولة الوحيدة التي رفضت الجلوس علي طاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني رغم الجهود الأمريكية والأوربية والدول العربية. لقد بذلت أمريكا وأوروبا باعتبارهم حلفاء لإسرائيل، جهوداً واسعة النطاق في عام 2008 وبدؤوا المفاوضات مع حكومة سوريا بوساطة بعض الدول كالسعودية وقطر، وجاءت وفود من أمريكا وبعض الدول الأوربية مثل فرنسا إلى سوريا، حيث تابعوا مخطط المفاوضات وقدموا مقترحات إلى بشار الأسد والسلطات السورية.

كانت سوريا أول دولة اعترفت رسمياً بالجمهورية الإسلامية في إيران بعد الثورة [1979]، وهذا كان موقفاً عظيماً في وقته، وكان وقتها حزبان للبعث في العالم؛ الحزب العراقي والحزب السوري أسسهما شخص واحد.

كانت إحدى مقترحاتهم، على سبيل المثال، إعادة “مرتفعات الجولان” السورية المحتلة من قبل القوات الإسرائيلية إلى سوريا ودعم الجيش السوري وترميمه أيضاً، وكذلك تنشيط التجارة بين سوريا والدول الغربية وأمريكا، ومقابل هذه الامتيازات طلبوا من سوريا أن تحد من تمدد إيران في المنطقة، وأن تقلص علاقاتها معها إلي حد كبير، وتوقف دعمها لحزب الله. لكن الرئيس السوري لم يستجب لمثل هذا العرض، حتى إنهم فوضوا الملك عبد الله بتوليه للتفاوض مع بشار الأسد وليقول له إن لم تصل إلى التوافق مع أمريكا وأوربا فسوف تواجهك عواقب ومشكلات، ولكن بشار الأسد لم يخضع أيضا لهذه المفاوضات الإملائية.

وفي عهد رئاسة حافظ الأسد –والد بشار الأسد- لم يكن هناك مثل هذه الضغوط أو التهديدات والإملاءات، وبعد تولى بشار الأسد زمام الحكم في سوريا ظهرت مثل هذه العروض؛ لأن حافظ الأسد كان له طبيعة [مختلفة] فلم يستطع الآخرون أن يتفاوضوا معه، فقد نظروا إلى بشار الأسد  على أنه خريج جامعة أوروبية، وشاب [ صغير ]، فظنوا أنهم يستطيعون التفاوض معه، ولكن في نهاية المطاف لم يوافق الأسد، ورفض رجال السياسة عنده هذه المفاوضات، ورغم وساطة ملك السعودية وأمير قطر لم يخضع الساسة في سوريا لهم وردوهم خائبين.

كانت الولايات المتحدة ترسل تهديداتٍ بطرق مختلفة، سرية وعلنية، ومباشرة وغير مباشرة عبر وسطاء، إلى بشار الأسد ممما يدل على أن الغرب كان يبحث عن تدشين أزمة في سوريا، وأعطت الاحتجاجات الفئوية في درعا فرصة ذهبية لأمريكا وحلفائها ليركبوا الموجة. ونظرا إلى أن أعداء جبهة المقاومة قد درسوا أسس الفوضى وكانوا يعرفون جيداً نقاط ضعف حكومة الأسد فقد استطاعوا أن يحّولوا احتجاجاً بسيطاً إلي فوضى عارمة في سوريا، وكانوا يلقّنون المحتجين بأن بشار الأسد علوي وأهل السنة يمثلون 74% سكان سوريا فلماذا تكون السلطة في يد العلويين؟ وأيضا من نقاط ضعف نظام سوريا تصرفات “حزب البعث” الذي كان يعامل الناس بالعنف، واستغل الغرب نقاط الضعف هذه. فكان أن أدت هذه العوامل تأجيج الاحتجاجات التي كانت هادئة وفئوية لقلة من الشعب.

كانت سوريا أول دولة اعترفت رسمياً بالجمهورية الإسلامية في إيران بعد الثورة [1979]، وهذا كان موقفاً عظيماً في وقته، وكان وقتها حزبان للبعث في العالم؛ الحزب العراقي والحزب السوري أسسهما شخص واحد. وعندما بدأ صدام حسين الحرب علينا أدانت السلطات السورية  – رغم بعثيتهم – هجوم جيش البعث العراقي على بلادنا، ووقفوا بجانب المعسكر الإيراني. ورداً على غزو العراق ضد إيران أغلقت سوريا أنابيب النفط العراقي التي كانت تعبر أراضيها إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث تباع من هناك، وحرمت نفسها من العائد الذي كانت تأخذه من خدمة الترانزيت. وخلال الحرب أيضا دعمت سوريا إيران عسكرياً وتسليحياً ودافعت عنا في المنظمات الدولية وأدانت جرائم صدام.

ونظرا لذلك الدعم السوري فقد فرضت علينا المروءة أن نقف بجانبها في الأزمة وندعمها. بيد أن هذا ليس هو السبب الوحيد لدعمنا سوريا؛ فالمرشد الأعلى يرى سوريا العمق الاستراتيجي لنا والدولة الوحيدة المتبقية في جبهة المقاومة، وأكبر دليل لنا على ذلك أن سوريا التي كانت في مواجهة الحرب بالوكالة وأنه لو استجاب بشار الأسد لتلك العروض الغربية لم تكن لتحدث هذه الأحداث في سوريا أبداً.

إذن خاضت إيران المعركة ودعمت الجيش السوري، ولكن طلبت منهم أن يُحسنوا تعاملهم مع الشعب. وقال مستشارونا العسكريون للسلطات السورية إنه لم يكن ينبغي أن تواجهوا احتجاجات فئة من الشعب بمثل هذه القساوة. وذهب زملاؤنا مثل الجنرال “أشتري” وبعض قادة الأمن إلى سوريا في بداية الأزمة للمساعدة الاستشارية، وبعد ذلك سافر أخونا القائد “جيذري ” إلى هناك ومكث بضعة أشهر، وأخيراً في يوم الثالث من يناير /كانون الثاني عام 2012 تم تكليفي بالذهاب إلى هذا البلد.

المصدر تلفزيون سوريا
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل