قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ضارباً بالمناشدات الأوروبية عرض الحائط ورافضاً سماع أقوال نظيره الفرنسي ماكرون الذي دعاه لعدم الانسحاب من هذا الاتفاق.
ترامب الذي أعلن قراره دون خوف بل وأضاف عليه أن بلاده ستعيد العقوبات على إيران وبأعلى مستوى لها جعل مفاصل السياسة العالمية ترتجف وعلى رأسها الدبلوماسية الأوروبية التي قالت أنها لن تنسحب من الاتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي.
حرب التصريحات القادمة والتي ستنطلق من العواصم العالمية قاطبة ستجتمع وتنقسم إلى قسمين الأول مع قرار ترامب والثاني ضده، وقد نشهد وجود دول تأخذ موقف المزهرية ومنها مصر والامارات، أما الحلف الأول سيضم أمريكا والسعودية واسرائيل على رأس الهرم والثاني وللمرة الأولى سيضم أوروبا وروسيا.
تبدل في المواقع ستشهده الدبلوماسية العالمية سيكون له تأثيرات عظيمة على العالم كله، فإسرائيل تريد وبأي ثمن تدمير السلاح النووي الإيراني وهي غير آبهة بأي قرارات دولية وستضرب عرض الحائط بالجهود الأوروبية لاحتواء الموقف، ولكن الوقت يبدو مبكراً للخوض في حرب مباشرة مع إيران، فهناك مواقع وبلدان أخرى من المهم هزيمة إيران فيها قبل هزيمة طهران المباشرة اقتصادياً أو عسكرياً أو دبلوماسياً، وهي سوريا أولاً ولبنان ثانياً، فسوريا التي باتت حجر شطرنج بيد إيران وروسيا ستكون هي ساحة الصراع الرئيسي بين المعسكرين، وقد تشهد قواعد الحرب تغييراً مفاجئاً عبر شن اسرائيل ضربات مباشرة على مواقع إيرانية في سوريا ولبنان خاصة أنها أعلنت حالة الطوارئ في الجولان السوري المحتل وهذا يؤكد نيتها للتصعيد ضد إيران في سوريا.
الحرب القادمة لن تكون الأخيرة فهزيمة إيران في سوريا أمر محتوم لأنها رغبة أمريكية روسية اسرائيلية عربية مشتركة، فروسيا تريد الاستفراد بالشأن السوري وقد نجحت بذلك، أما البقية يريدون حشر إيران بالزاوية الضيقة وجعلها تخضع للضغوط الدولية بشان برنامجها النووي لأنها تعلم أن أمريكا واسرائيل والسعودية سيعملون المستحيل لنزع السلاح النووي من إيران والذي طالما قالت طهران أن الاقتراب منه يعني دمار تل أبيب، وربما تكون التصريحات الإيرانية أيضاً بإضافة الرياض والقواعد الأمريكية في الخليج لقائمة الدمار الإيرانية.
لكن هل ستبقى طهران صامتة أم ستقوم بالرد المناسب، فالاقتصاد الإيراني لا يتحمل حالياً أي نفقات إضافية وحيث تقارب العملة الإيرانية من الانهيار أمام الدولار وهي بأدنى مستوى لها منذ أربعين عام، ولن تكون روسيا قادرة على مؤازرة حليفتها طهران اقتصادياً، فكذلك الاقتصاد الروسي ليس بأفضل حال، ولن يكون بمقدور دول البريكس مساعدة طهران كثيراً ولمدة طويلة، وهذه مؤشرات على عدم قدرة طهران على الخوض في حرب عسكرية أو اقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأغنياء وعلى رأسهم السعودية الطامحة لحجز مكان مهم في الدبلوماسية العالمية، فأمريكا لن تسمح للدول والشركات الأوروبية بتجاوز العقوبات هذه المرة وسيكون أكثر من 200 مليار دولار من الأموال الإيرانية في البنوك الأمريكية قيد الحجز حالياً وربما تستخدم لاحقاً أموال إيران بالحرب ضدها فتكون الولايات المتحدة تحارب إيران بنقودها.
ومن جانبهم فإن حلفاء إيران في سوريا ولبنان لن يكون بمقدورهم تغيير موازين الحرب ولكن سيفعلون كل ما يستطيعون لمساندة حليفتهم، وستلجأ طهران لتزويد الحوثيين بمضادات الطيران والأسلحة الحديثة لضرب الأراضي السعودية، وكذلك ستزود حزب الله بأسلحة حديثة مضادة للطيران ما يعني اشتعال الشرق الأوسط بالنار.
القواعد الأمريكية في الخليج العربي ستكون مهددة بشكل فعلي في حال نشبت حرب عسكرية بين إيران وخصومها، فهل ستصمت الدول العربية عن القصف الإيراني عليها، أم ستكون دول الخليج العربي باستثناء عمان على رأس الدول المحاربة لإيران، خاصة أن ملف شيعة البحرين وشيعة السعودية وحوثة اليمن بيد طهران تحركه متى تشاء وتخمده متى تشاء، فهي ربما فرصة للدول العربية للخروج من شبح الخوف الإيراني وهي فرصة لدولة الإمارات لاستعادة جزرها التي تحتلها طهران وهي طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، والتي احتلتها إيران عام 1971.
عذراً التعليقات مغلقة