حين أستذكر ذلك اليوم الذي لا يمكن أن يغيب من ذاكرة أهل حمص تنهمر الدمعة من عيني تارة وترتسم الضحكة على وجهي تارة أخرى، كان يوماً رمزياً للثورة السورية بكل معانيها وحلاوتها وكان نموذجاً للاتحاد حين اجتمع الكل تحت هدف واحد وهو إسقاط النظام وكان عدوهم واحداً.
لم تكن الرايات قد تعددت ولم تكن الولاءات مختلفة ولم يكن قد بدأ غسيل الأدمغة بين الشباب الذين وقفوا صفاً واحداً وقت الصلاة.
منذ سبع سنوات لا يمكن نسيان الاعتصام الأجمل في تاريخ الثورة السورية والذي عرف باعتصام الساعة أو مجزرة الساعة. بدأنا نجمع الشباب وبدأ الناس يتهافتون للساحة العامة في مدينة حمص من بعد الظهيرة وبدأ الاصدقاء يتصلون ببعضهم البعض لحضور ذلك العرس الرائع والذي أظهر كم كنا متحابين وكم كان هدفنا عظيماً لمن يعرف أهمية الثورة، وصلت أنا وأصدقائي قبل مغيب الشمس بساعة تقريباً وكان تنظيم الاعتصام على أكمل وجه حيث توزع الشباب في مجموعات لتنسيق الأمور ولحماية المعتصمين عبر حواجز (بلا سلاح) على مداخل الساحة وحضر الاعتصام من أهل حمص بشيبها وشبابها ورجالها ونسائها، كم كان ذلك المشهد رائعاً ولشدة جماله لا يزال يرتسم في الذاكرة كما النقش على الحجر حيث حضر مئات الآلاف من مدينة حمص وباقي مدن وبلدات المحافظة.
جلسنا مع الشباب وبدأت هتافات الثورة وإلقاء الكلمات ولم تفرق بين الناس راية ولا فصيل ولا انتماء وبعد منتصف الليل وحوالي الساعة الثانية بدأ شبيحة النظام بإطلاق النار من الأبنية المحيطة بالساحة ولم نكن نسمع سوى أزيز الرصاص الذي امتزج مع صراخ النساء وبكاء الأطفال والكل يركض باحثاً عن جداز يحتمي به من الرصاص لشدته، لم يبقى أحد في الساحة في ذلك الاعتصام والذي قرر النظام قتل كل من فيه لأنه لو استمر ليوم آخر يعلم كم سيكون صعباً عليه فضّه.
بدأ البحث في اليوم التالي عن عدد الشهداء والمفقودين والرقم الذي لا زال رقماً صعباً في تاريخ الثورة ولم يحلّ لغزه ولم يعرف عدد الشهداء فيه. إنه يوم السابع عشر من نيسان عام 2011 يوم الاعتصام الحمصي ذلك اليوم الذي سيبقى رمزاً لكل الثوار السوريين.
Sorry Comments are closed