ستسمر حرارة المحيط في القارة القطبية الجنوبية بالارتفاع خلال الأعوام الثلاثمئة المقبلة، ما سيؤثر على المصايد العالمية، ويقلل إنتاجها بنسبة 20%.
أنتاركتيكا، العام 2300
عند النظر إلى القارة القطبية الجنوبية، قد يبدو المحيط الجنوبي في آخر العالم لمن يعيش بعيدًا عن مياهه المتجمدة، لكن لهذا المحيط القطبي تأثير كبير على المناخ العالمي والمحيطات حول العالم. ووفق بحث جديد، إن استمر هذا المحيط في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وأصبح أدفأ نتيجة تغير المناخ، فقد يبدأ تأثير الدومينو في النظم البيئية البحرية، وستشهد مصايد الأسماك حول العالم انخفاضًا بنسبة 20% على الأقل في محصولها بحلول العام 2300.
استخدم علماء في جامعة كاليفورنيا إرفين محاكاة لتوضيح أثر تغير المناخ على محيطات العالم خلال القرون القليلة القادمة بصورة أكثر تفصيلًا من البحوث المعتادة على آثار تغير المناخ. وبدلاً من النظر إلى العام 2100، بحث الفريق في آثار الاحترار العالمي التي قد تظهر بصورة أبطأ، على مدار 300 عام.
ويدفع المحيط الجنوبي اليوم عملية اختلاط المحيطات؛ فمياهه النشطة في القارة القطبية الجنوبية ووالمناطق القريبة منها تنقل المغذيات إلى جميع محيطات العالم. لكن هذه المحاكاة أظهرت أنه إذا بقيت مستويات الانبعاثات الحالية على حالها، فستزداد قوة الرياح السائدة الغربية وتتجه نحو القطبين لتحد هذا الاختلاط في العام 2300.
وسيجعل التغيير الناجم عن ذلك المياه القطبية أدفأ، ويذيب جليد البحر، لكن الأهم أن هذه المغذيات ستحتجز في المحيط الجنوبي.
بحار جائعة
وجد الباحثون الذين نشروا دراستهم في مجلة ساينس أن توقف هذه الدورة الغذائية كان له تأثير كبير على المحيطات العالمية؛ ومنها خفض الاصطناع العضوي للنباتات البحرية على مستوى قعر السلسلة الغذائية بنسبة 24%، وتقليل كمية الكربون المخزَّن في أعماق البحار بنسبة 41%.
وبما أن هذه العمليات تشكل أساس النظم البيئية في المحيطات، فستنخفض كمية الطعام الذي تأكله الأسماك، وينخفض عدد الأسماك.
وتتوقع الدراسة بأن شمال المحيط الأطلسي وغرب المحيط الهادئ وجنوب المحيط الهندي ستتأثر أكثر من غيرها، وستشهد مصايد أسماك شمال المحيط الأطلسي انخفاضًا مذهلاً بنسبة 60%.
ولانخفاض عدد أسماك المحيطات آثار خطيرة؛ إذ تقدر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن 10-12% من سكان العالم يعتمدون على صيد الأسماك في معيشتهم، وأن حوالي 17% من سكان الأرض يعتمدون على الأسماك كمصدر أساسي للبروتين.
وستزداد أهمية السمك كمصدر للغذاء نتيجة ارتفاع عدد سكان العالم، خاصة أن تقديرات منظمة الأغذية والزراعة تشير إلى أننا قد نضطر إلى مضاعفة إنتاجنا الغذائي الحالي لإطعام سكان العالم بحلول العام 2050.
وبدأنا نشهد آثار تغير المناخ على إنتاج الغذاء العالمي؛ فأصبح الغذاء أفقر بالمغذيات، وتقلبت مواسم زراعة النباتات، وبدأت بعض أنواع المحاصيل بالانقراض. وتتعرض المحيطات اليوم للاستنزاف نتيجة الصيد الجائر،ويُستغل اليوم أكثر من 70% من المخزون السمكي العالمي بما يتراوح بين الاستغلال المفرط والكامل. وبإضافة هذه الأمور إلى تغير المناخ سيكون الأثر مدمرًا للأمن الغذائي العالمي. وبحلول العام 2300، لن ينفع التخفيف من تأثير النشاط البشري على مصادر الغذاء في البر أو تحت سطح البحر.
عذراً التعليقات مغلقة