لجين المليحان – درعا – حرية برس:
إضحك، ابتسم كلمات “أبو علي” الاعتيادية لأي شخص يصادفه وخصوصاً الأطفال، يحاول زرع البسمة بأي وسيلة على وجه أطفال ماعرفت سوى القهر والدمار والدموع.
كانت البداية منذ أيام الدراسة عندما كان “أبو علي” ذلك التلميذ المحبوب لدى المعلمين والطلاب، تميز في جميع نشاطات المدرسة التي كانت تقام في الاحتفالات الرسمية، ولم يكمل تعليمه، بعد أن حكمته الظروف المادية والتحق بوالده في دولة الكويت ليعمل في مجال الأعمال الحرة التي زاولها حتى عام 2002، ليتقدم بعدها بطلب إلى وزارة التربية والتعليم في دولة الكويت للعمل ضمن مدارس خاصة بمنصب “منشط” ومن خلال العمل في هذا المجال، تميز بالإبداع وتقديم الأنشطة المبتكرة والقريبة لقلوب الأطفال وتم تكريمه عدة مرات من قبل وزارة التربية الكويتية، ليعود بعد فترة من الزمن إلى سورية.
يحدثنا “أبو علي” عن الأشهر الأولى في عام 2011 مع اندلاع الثورة، “كان قدري أن أبقى في سورية حينها لم يكن أمامي خيار إلا أن أقدم الشيئ الوحيد الذي أتقنه، كمتطوع في العمل الإنساني، وعملت في كثير من المجالات في تقديم المساعدة للأهالي كتأمين المياه وإصلاح الأعطال الكهربائية وتقديم المواد الغذائية والطبية للمناطق المنكوبة وإعانة المهجرين وغيرها من الأعمال الإنسانية”.
يكمل أبو علي” “في عام 2017 كانت نقطة التحول الأهم في حياتي، قرأت عن منظمة غصن الزيتون الإنسانية وتقدمت بطلب توظيف لدى هذه المنظمة في شهر أيلول 2017، وتم قبولي بمهمة سائق حافلة متنقلة تجوب مخيمات النزوح، وخلال عملي في المنظمة التي تهتم بالمجال “التعليمي، والخدمي، والترفيهي، والإغاثي” شعرت أنها تلبي رغبتي اتجاه العمل الإنساني وإني سأكون صانع الأمل عند الأطفال في مناطق درعا جميعها.
ويضيف أبو علي: “أن المنظمة تعنى بالوصول إلى الأطفال المهجرين من بيوتهم ومدارسهم والتي ساءت حياتهم الإنسانية والتعليمية، والتحقت بعملي كسائق للحافلة، وباشرنا بالزيارات اليومية لمخيمات النازحين، وكانت الحافلة عبارة عن صف مدرسي متنقل مجهز بمقاعد وسبورة تتناسب مع الأطفال ومواد تعليمية وترفيهية، ومن خلال متابعتي للعمل وتقربي من الأطفال لاحظت وجود غياب العنصر الأساسي على وجوههم، أين ابتسامتهم البريئة؟ أين طفولتهم؟، جلست اتأمل وأبحث عن نشاط يدخل الفرح إلى قلوبهم التي باتت تجهلها وكأن الدمع والحزن واتلبساطة قد خيم على واقعهم وحياتهم، فوقع اختياري على شخصية “المهرج” فبدأت بالتجهيز لها بالأدوات البسيطة والتي صنعتها بنفسي، بعد التشاور مع إدارة المنظمة، وبدأ عرض “المهرج” بين صفوف الأطفال باللباس البسيط فكانت المفاجأة كبيرة حين عمت الفرحة وجوه الأطفال وتعالت ضحكاتهم.
يحاول “أبو علي” تطوير شخصية المهرج حتى تصبح شخصية متميزة، ومعروفة لدى جميع الأطفال وخاصة أطفال المخيمات الذين حرموا من أبسط حقوقهم، وابتكار انشطة جديدة لترفع من رصيد نشاط المهرج على أرض الواقع عند الاطفال، يجوب المهرج بين مخيمات النزوح حاملاً معه صناعة الأمل ويرسم الإبتسامة والفرح على محياهم، ليمحي كل الظروف القاسية التي تعرض لها أطفال لاذنب لهم ببسمة تنسيهم الهم والحزن بعد فقد الأرض والأب والأهل.
ولشخصية “المهرج” وقع كبير وتأثير مبهر على نفسية الأطفال، وقد بدأ المدرسون بتوظيف التجاوب الكبير مع المهرج في التعليم والإصرار على متابعة سيرهم في التعليم، ومن خلال الزيارات المتكررة للمخيمات وتقديم النشاط لوحظ زيادة في عدد الطلاب واقبال على التعليم، ليتمحور الهدف من هذا النشاط ادخال حب التعليم والتعاون بين الاطفال.
Sorry Comments are closed