صيدنايا.. قلعة الأسرار – وصف السجن من الداخل

وليد أبو همام2 فبراير 2018آخر تحديث :
وليد أبو همام

مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثامن

لم أتخيل أن تكون الخدمة في الداخلية بهذه الصعوبة وازدادت صعوبتها بعد الأحداث، الشيء الأصعب كان التعامل مع المعتقلين؛ فمنذ اليوم الأول لي في الداخلية كان صف الضباط يحذروني من التكلم مع أي من السجناء أو التعريف بنفسي أو حتى مجرد الوقوف مع أي من السجناء فهو يعتبر جريمة.. أخذت كل هذه الأمور في الحسبان، كان تركيز إدارة السجن في هذه الفترة منصباً على تلافي الثغرات التي حصلت في الاستعصاء الأول، فتم جلب ورشات من الأشغال العسكرية لتدعيم الأبواب التي تبدو كالحائط لسماكتها وفيها فتحة صغيرة، وحتى لا يتمكن السجناء من خلعها تم لحام قطعة حديدية فوق مفصل الباب حتى لا يتم رفعه وأيضاً تم إضافة باب خارجي ثانٍ لكل جناح وهو عبارة عن قضبان حديدية سميكة.

بعد الاستعصاء أيضاً تم تجريد حرس السطح من السلاح خوفاً من تكرار الأمر واستيلاء المعتقلين عليه ونقل مستودع الأسلحة الذي كان قريبً من باب الداخلية إلى السرية.

لم يكن هناك وقت للراحة طوال النهار حيث يتوجب علينا الإشراف على توزيع الطعام والتنفس والحمامات وغسل الملابس والزيارات والأمراض والتفقد.

الطابق الأول كان سهلاً في التعامل كونه من العسكريين ويوجد جناح للضباط المعتقلين بتهم جنائية، كان يوجد حوالي عشرين ضابطاً برتب مختلفة وكانوا يلقون معاملة خاصة ولا يتعرضون لأي إزعاج.

المساعد أول وائل حسن من اللاذقية هو المدير الفعلي للسجن كان رأسه كبيراً وأصلع وجبهته عريضة ذو شارب أبيض كثيف وطويل وعيناه زرقاوان، من يراه سيعرف من الوهلة الأولى أنه جلاد السجن الأول. وكان هناك أيضاً مساعد من طرطوس وآخر من درعا ويدعى عمر حمد ومجموعة من الرقباء و المجندين، الشيء الذي كان معروفاً أن أي شرطي يثبت معرفته لأي معتقل يتم نقله من الداخلية فوراً وحتى من السجن إلى مكان آخر، وقد وقعت عدة حالات منها أن أحد المجندين كان في إجازة وعندما عاد قال بأن مجموعة من الأشخاص تعرضوا له وسألوه عن أحد المعتقلين فأخبر مدير السجن بذلك فتم نقله من السجن، أيضاً أحد المجندين كان يخدم في الداخلية وتم جلب مجموعة من المعتقلين كان بينهم أحد اقربائه وقد تم نقله مباشرة من السجن.

بعد عدة أيام من نقلي للداخلية أصبحت أعرف كل شيء تقريباً عن التعامل مع المعتقلين وآلية توزيعهم في الأجنحة، كان الجميع يخافون من الطابق الثالث كونه يضم كل أنواع التنظيمات الإرهابية -حسب قولهم- فأصبحت شديد الحذر منهم حتى دخلت بينهم عندما كنت أرافق ورشة الأشغال لصيانة الأبواب، كانت غرفهم مزدحمة تحوي الواحدة منها نحو عشرين معتقلاً والحمام والمرحاض من ضمنها وكانت لديهم أسرّة حديدية، ولاحظت أن أكثر الغرف مرتبة بشكل كامل وهو ما يدلّ على أن أصحابها سيمضون بقية عمرهم فيها، لديهم مواد للأكل من عدة الطبخ وغازات صغيرة وطحين فكان البعض منهم يطبخ في الجناح ولم يكن ينقصهم أي شيء من مستلزمات الطعام، الشيء الذي يعتبر امتلاكه جريمة هو القلم مهما كان نوعه وكان الكثير منهم يترجون المساعد وائل ليسمح لهم بقلم واحد في الجناح.

جناح العزل في الطابق الثالث هو عبارة عن جناحين (ب) يسار و  (ج) يمين موصولان ببعضهما ومعزولان عن بقية الأجنحة وعن ساحة المسدس بصفيح بحيث لا يستطيع أي معتقل أن يرى ما فيهما بالإضافة لوجود درج خاص لهما، وحسب ما رأيت فقد تم وضع المعتقلين الأكثر خطورة في جناح العزل.

لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول

لقراءة الجزء الثاني: صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني

لقراءة الجزء الثالث: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الخدمة في سرية الحراسة / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثالث

لقراءة الجزء الرابع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الانتفاضة الأولى / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الرابع

لقراءة الجزء الخامس: صيدنايا.. قلعة الأسرار – مصاعب في السرية / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الخامس

لقراءة الجزء السادس: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الانتقال إلى الداخلية / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السادس

لقراءة الجزء السابع: صيدنايا.. قلعة الأسرار – الزنزانات / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء السابع

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل