أسواق العيد.. زحمة بلا حركة و5 أسباب تحجب فرحة السوريين وأطفالهم

عائشة صبري21 أبريل 2023آخر تحديث :
شبان يشترون حلويات العيد في مدينة بنش بمحافظة إدلب يوم الإثنين 3 يونيو 2019، تصوير: علاء الدين فطراوي، حرية برس©

يمرّ الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك وسط غصة في قلوب الكثير من السوريين لعجزهم عن شراء ملابس العيد لإبهاج أطفالهم، ويعود ذلك لعدة أسباب أبرزها الدخل المحدود وآثار الزلزال المدمّر على البلاد.

ولا يختلف الأمر في مناطق سيطرة الحكومات الأربعة، إذا يتشاطر السكان المعاناة ذاتها، ومن يتمكّن من شراء الملابس الجديدة لا بدّ أن يكون من الطبقة الغنية أو لديه من يرسل إليه حوالة مالية من الخارج، بينما بقية طبقات السكان يكتفون بالبضائع الرخيصة أو القديمة من العيد السابق، وينطبق الأمر على شراء ضيافة العيد.

أسباب العزوف عن الشراء

يصف الصحفي معن بكور، المقيم في مدينة أعزاز شمال محافظة حلب، حركة السوق بأنَّها “تزداد سوءاً عاماً بعد عام”، ويُرجع ذلك في حديثه لـ”أورينت نت” إلى خمسة أسباب يُمكن إسقاطها على جميع مناطق النفوذ السورية، وهي:

  1. أسعار محلات الألبسة لا تتناسب مع عوائل دخلها محدود لا تكاد تسد رمق قوت يومها، فإمّا تلجأ إلى استدانة المال لشراء ثياب العيد أو تضع على جرحها ملحاً وتتجاهل الأمر، فمن يستطيع الشراء هم أصحاب الدخل الثابت والكافي لحدٍ ما، مثل موظفي المنظمات والأعمال الحرة والتجارية.
  2. قلة رواتب المؤسسات في القطاعات التعليمية والصحّية والأمنية والعسكرية، وموظّفي القطاع العام شمالي سوريا، خاصة التعليم (راتب المدرّس بعد الارتفاع 1750 للعازب، 1925 للمتزوج) والجيش الوطني السوري (يتراوح راتب العنصر بين 200 إلى ألف ليرة تركية)، بينما أقل بيت يلزمه مصروف يومي 100 ليرة تركية.
  3. آثار كارثة الزلازل المدمّر في 6 شباط/فبراير الماضي، السلبية على حياة الناس وتفكيرهم وجعلهم زاهدين في الحياة، أقرب للموت في أيّ لحظة، واعتقادهم بأنَّ الثياب لن يلبسوها خوفاً من الهزات الأرضية المتكررة، فهم فقط يعيشون اليوم دون انتظار الغد.
  4. الخوف المستمر من التفجيرات عبر العبوات الناسفة أو المفخخات أو القصف المدفعي والصاروخي من قبل ميليشيا أسد أو “قسد”، والناس لا تأمن على نفسها منه، فيما ازداد هذا الخوف من ارتياد الأسواق خاصة بعد مقتل 5 أكراد يوم عيد النيروز في جنديرس.
  5. ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية والليرة السورية، وغلاء أسعار الألبسة المستوردة والمواد الأولية للألبسة المحلية.

وفي مدينة بنش بريف إدلب الشمالي، يُعبّر الرسام التشكيلي عزيز أسمر، عن استيائه من الأسعار بقوله: “أرغب برسم ملابس العيد على الجدران كوني أعجز عن شرائها”، موضحاً لـ”أورينت”، أنَّ غالبية الأهالي يشترون ثياب العيد من محلات البالة أو من البازارات التي تحوي بضائع رخيصة الثمن فيطبقون بنطالاً وكنزةً كـ طقم ليفرحوا أولادهم.

ويشير إلى أنَّ طقم الملابس للطفل يبدأ سعره من 400 وصولاً إلى 1000 ليرة تركية وهي ذات الأسعار في تركيا، بينما رواتب الموظفين لا تصل إلى 100 دولار، فمن يشتري هذه الملابس لأولاده الثلاثة يحتاج كامل راتبه، لذلك عزف عن الشراء واكتفى بإلباسهم الثياب الرخيصة أو القديمة من العيد الماضي.

ويؤكد “أسمر” أنَّ الغلاء يتفشى في كلّ السلع، لكنّه “في الألبسة مبهر”، وهناك تفاوت بين محل وآخر فتجد قطعة الملابس نفسها سعرها يتراوح بين 400 و500 ليرة في كلّ محل السعر مختلف، باعتبار العيد موسماً للربح بدلاً من اعتباره للرحمة بالفقراء. لافتاً إلى أنَّ بعض الباعة يُعزون ارتفاع الأسعار إلى انقطاع الطريق بعد الزلزال لشراء البضاعة التركيا، فاضطروا لشرائها من تجار الجملة الذين بدورهم تحكّموا بالأسعار ورفعوها.

سبب ارتفاع أسعار الألبسة

محمد خليف، أحد باعة الألبسة الجاهزة في مدينة أعزاز شمال حلب، يقول لـ”أورينت نت” إنَّ: الحركة الشرائية تتراجع عاماً بعد عامٍ بسبب قلة المدخول فغالبية السكان يعتمدون على اليومية وهي بنحو 50 ليرة تركية تكاد تسد قوت يومه. مشيراً إلى أنَّ سبب ارتفاع أسعار الألبسة يعود إلى ارتفاع أسعار الأقمشة ومواد التصنيع مع ارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الليرة التركية.

وعن الصعوبات يوضح “خليف” أنَّ تأخر وصول البضائع عن الموسم خاصة بعد انقطاع الطرق إثر أزمة الزلزال حين أغلقت المعابر وبقيت فقط لدخول القوافل الإنسانية، بالتالي توقف الحركة التجارية، بالإضافة إلى سرقة بعض البضائع ما يُجبر البائع على رفع السعر لجبر كسر النقص، البضاعة نوعان مستوردة من تركيا غالية الثمن أو محلية الصنع سعرها مقبول لأصحاب الدخل المحدود.

3 أضعاف مقارنةً بالعام الماضي

أحد باعة الألبسة في مدينة الحسكة مروان الجابر (اسم مستعار)، يُرجع ضعف الإقبال على شراء الألبسة إلى انصدام الأهالي من الأسعار، فهي ثلاثة أضعاف الموسم الرمضاني الماضي حسب الليرة السورية بسبب انخفاضها أمام سعر الدولار.

ويقول لـ”أورينت”: إنَّ 95% من البضاعة مستوردة، فالألبسة بأنواعها من تركيا والأحذية من إيران، مقابل 5% بضاعة محلية من حلب، وذلك بسبب جودة البضائع الأجنبية ورخصها مقارنة بالمحلية الصنع.

ويشير إلى أنَّ قطعة الملابس المستوردة من تركيا تضاعف سعرها من دولار واحد العام الماضي إلى دولارين، يُضاف إليها تكلفة النقل تصبح 4 دولارات، مضيفاً: أقل كنزة ولادية تصل إلى 10 دولارات (ما يعادل 80 ألف ليرة سورية)، وسعر البنطال الولادي يبدأ من 6 دولارات إلى 15 دولاراً، بينما البنطال أو الكنزة الرجالي والنسائي يتراوح بين 12 و15 دولاراً، فيما سعر الطقم الولادي أو الحذاء من 10 إلى 20 دولاراً.

ويوضح “الجابر” أنَّ سعر الدولار العام الماضي يعادل أربعة آلاف ليرة سورية بينما اليوم يصل إلى حدود ثمانية آلاف ليرة سورية، بذلك يتضرر الباعة المتعاملون بالعملة السورية، فأقل تكلفة لملابس الطفل الواحد 150 ألف ليرة سورية سواء بمناطق “قسد” أو “أسد”.

ويرى أنَّ أصحاب المحال يرضون بالربح القليل مقابل نفقة البضاعة لديهم، فالربح انخفض للنصف، فهو لا يتجاوز دولارين للقطعة الواحدة، في حين يعتمد الأهالي على الحوالات الأوروبية من الأقرباء التي تُساهم بحركة السوق، بينما الموظف العادي لا يمكنه شراء ألبسة العيد.

من جهتها، ذكرت صحيفة “الوطن” أنَّ أصحاب محال الألبسة في مدينة حلب رفعوا أسعار معروضاتهم منها 50 بالمئة قبيل حلول عيد الفطر، وذلك بعد زيادتها 3 أضعاف مقارنة بشهر رمضان الماضي. مشيرة إلى أنَّهم استغلوا حاجة المتسوقين للشراء قبل أيام من العيد، ليحققوا مكاسب مادية جديدة، مع انتعاش الأسواق بفعل تحسن القدرة الشرائية جراء الحوالات المالية التي وصلت من المغتربين السوريين في الخارج، والتي يحصل عليها نحو 30 بالمئة من سكان المدينة، وفق تقديرات غير رسمية.

ازدحام مع ضعف الشراء

في مناطق نفوذ ميليشيا أسد، بات شراء ألبسة العيد من الأحلام جراء ارتفاع أسعارها بشكل صادم، فالعائلة التي تضم 5 أفراد تحتاج إلى نحو مليون ليرة سورية لشراء ألبسة العيد، إذ يبلغ الحد الأدنى للأسعار: للأطفال، البنطال أو الكنزة 50 ألف ليرة والحذاء 60 ألف ليرة، وللكبار الفستان النسائي نحو 100 ألف ليرة والطقم الرجالي يزيد عن 200 ألف ليرة والكندرة الرجالي بحدود 75 ألفاً كحد أدنى للبضائع المقبولة.

بينما الأسواق تشهد ازدحاماً واضحاً للمواطنين مع حركة ضعيفة بالبيع والشراء مثلما يقال “ننزل نتفرج”، حسبما ذكرت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام التي جالت في عدد من أسواق مدينة حمص.

في حين، زعم مدير التجارة الداخلية بحماة رياض زيود، لـ”الوطن“، أنَّ المنحة المالية التي صرفها بشار الأسد لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 150 ألف ليرة سورية، “ساهمت في انتعاش حركة التسوّق منذ بداية العشر الأخير من رمضان”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل