يستمر أبناء الثورة السورية في ملاحقة مرتكبي الجرائم وداعميهم بمختلف مجالاتهم في سوريا على مدى إحدى عشر عاماً، لا سيما الفنانون الذين يتّغنون بقتل جيش نظام الأسد للشعب السوري، ومن بينهم حسام جنيد.
جنيد، المعروف بأغنياته الداعمة لنظام الأسد، وتغنّيه بجنود الأسد الذين نكّلوا بالمدنيين عبر القتل المباشر أو الاعتقال على أنَّهم “يصنعون المجد”، وفي إحدى أغنياته تمنّى لو أنَّه عسكري على أحد الحواجز، كان من المزمع أن يُحي إحدى حفلات رأس السنة في مدينة ليون الفرنسية.
إلا أنَّ السكة المقطوعة التي غنّاها لحلب خلال معارك الثوار في العام 2013، قد تبدو اليوم قد قطعت أمامه في فرنسا. بالتزامن مع مبادرة تلاحق اللاجئين السوريين الذين يذهبون لمناطق النظام ويدعمونه في فرنسا من أجل سحب هذا اللجوء الذي يستحقه الكثيرون من المضطهدين.
وفي تصريح خاص لشبكة “آرام” يوضح المحامي زيد العظم، أنَّ أحد اللاجئين السوريين المقيمين في مدينة ليون يعمل في تنظيم الحفلات الفنية نشر الإعلان في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على أن تقام حفلة للشبيح حسام جنيد يوم 24 كانون الأول/ديسمبر الجاري، دون ذكر اسم الصالة أو المطعم.
ويؤكد العظم، أنَّ صاحب الإعلان تراجع عنه بعد ثلاثة أيام، بسبب اتخاذه إجراءات رفع شكوى ضد حسام جنيد حول دعمه للجيش الأسدي، وقد وصل إليه في الثاني من الشهر الجاري رسالة من وزارة الداخلية الفرنسية تُعلمه بأنَّ الوزير جيرالد دارمانان أمر بإجراء تحقيق حول قضية قدوم المطرب جنيد بالإضافة إلى تحقيق سيطال منظم الحفلة.
ويشير المحامي، إلى أنَّ نتيجة التحقيق ستظهر قبل تاريخ 24 الشهر الجاري، ومن المنتظر إصدار قرار إلغاء الحفل الغنائي بشكل رسمي من وزارة الداخلية، مضيفاً أنَّ المسؤول عن دعوة جنيد، سبق أن نظّم حفلات لمطربين موالين للنظام مثل شادي جميل وميادة الحناوي.
ويستدرك، أنَّ الدول الأوروبية تُفرّق بين الرأي السياسي للمؤيدين وبين الداعمين بشكل مباشر للنظام عبر غناء خاص للجيش المتهم من قبل النيابة الفرنسية التي تجري تحقيقاً بهجمات الكيماوي عام 2013 التي نفذها هذا الجيش.
كما أحالت وزارة الخارجية الفرنسية ملف سوريا إلى النيابة العامة في باريس معتبرة أي شخص شارك بآلة القتل للنظام مجرم حرب، إضافة إلى منح البرلمان الفرنسي سلطة الولاية الجزائية الدولية ليتم اعتقال أيّ مشارك منهم.
وينوّه العظم، إلى أنَّ مسألة قدوم مطرب الشبيحة للغناء في مدينة ليون لا تخصّ فقط الضحايا السوريين، بل تخصّ المجتمع الفرنسي، فالمطرب قد مجّد في أغنياته جيش الأسد الذي قتل الصحفيين الفرنسيين جيل جاكييه وريمي أوشلك وغيرهم وأصاب آخرين منهم إديت بوفييه خلال تغطيتهم لقصف النظام للسوريين في مدينة حمص عام 2012.
والعظم، واحداً من مئات آلاف المعتقلين الذين ارتبط تعذيبهم على يد جلادي النظام خلال التحقيق معهم بصوت أغاني حسام جنيد التي يطرب بها السجانون أثناء عمليات التعذيب الجسدي والنفسي، موضحاً أنَّ تلك الأصوات التي أرهقته خلال اعتقاله على خلفية توثيق المظاهرات لوسائل الإعلام، لمدة شهر في فرع الخطيب (251) بمدينة دمشق في نوفمبر من العام 2013 ما تزال تصعق رأسه إلى اليوم.
وفي سياق متصل، يُثمّن المحامي الخطوة التي اتخذها الأحرار السوريين في هولندا لمحاولة منع الفنان الشبيح وفيق حبيب من إقامة حفل في مدينة لاهاي الهولندية، لافتاً إلى أنَّ قرار وزير الداخلية الفرنسي بمنع حفلة (جنيد) سيكون بمثابة مرجع يُقدّمه لكلّ سفارات الدول الأوروبية في باريس لمنع حفلات مطربي الأسد.
مبادرة لملاحقة اللاجئين الموالين للأسد
قدّم العظم، المختصّ بقضايا اللاجئين مبادرة فردية في أيلول/سبتمبر الماضي، لعدد من المسؤولين في وزارة الداخلية الفرنسية، تخصّ “اللاجئين السوريين الذين يسافرون إلى سوريا أو الذين يتواصلون مع النظام”، قائلاً: إنَّ العمل جارٍ حالياً على جمع المعلومات لأكبر عدد من الأسماء لتقديمها كملف للوزارة، ويعتمد التوثيق على دلائل من صور شخصية في سوريا أو منشورات تؤيد النظام السوري.
ويُبيّن المحامي، أنَّ الحماية الدولية للفارّين من الحرب تنتهي بانتهاء الحرب، واليوم يروّج بشار الأسد مع الروس لعودة اللاجئين السوريين بعد إعلانه الانتصار المزعوم، وطالما أنّهم يزورن سوريا ويتعاملون مع النظام، بالتالي هؤلاء لا يحق لهم الحصول على اللجوء بحجة الحرب/الثورة، بالمقابل هناك كثيرون في دول الجوار مضطهدين يستحقون هذا اللجوء.
ويُوجّه العظم، رسالة إلى أبناء الثورة السورية المؤمنين بها بأن يتحرّكوا لأجل إيقاف عمليات اللجوء للمؤيدين أو مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، وأن لا يسكتوا عن دعوات الفنانين أو الأدباء وغيرهم من المجالات، فدورهم الاستمرار بالتواصل مع السلطات والشعوب التي يعيشون فيها، وتقديم الشكاوى للقضاء.
ويرى أنَّ القضاء الفرنسي لا يُمكنه متابعة مئات آلاف المجرمين ضمن ترسانة الأسد العسكرية على مدى 11 عاماً، لذلك من الواجب على كلّ مؤمن بالثورة التحرّك من أجل نصرة الضحايا في سوريا، مشيراً إلى أنَّ التحرّك ضد النظام لا ينتهي، وها هي المعارضة الإيرانية منذ 41 عاماً لم تتوقف عن التظاهر في بلدان اللجوء ضد حكومة الملالي.
في القانون الدولي الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية هي من أخطر الجرائم ولا تسقط بالتقادم، ويطالب العظم، كلّ شخص لديه إثبات حول أيّ لاجئ سوري في فرنسا يتردّد إلى سوريا بعد حصوله على اللجوء أن يزوده بهذه الإثباتات لتقوم الوزارة الفرنسية باتخاذ التدابير اللازمة، من إمكانية سحب اللجوء واحتمالية الترحيل. مضيفاً: “طريقنا في مكافحة الشبيحة في فرنسا سنكمله حتى النهاية”.
وسبق أن عرقل العديد من السوريين الأحرار إقامة حفلات لمطربين داعمين للأسد، ومنها في تموز/يوليو 2021، ألغت السلطات التركية، بعد حملة مُناصَرة، حفلاً فنياً كان مقرَّراً أن يُحيِيه في مدينة إسطنبول الفنانان المواليان للنظام “وديع الشيخ، وناصيف زيتون”.
ودعت “اللجنة السورية التركية المشتركة” حينها السوريين في دول اللجوء إلى متابعة مثل هذه الأنشطة ومخاطبة الجهات في بلدان إقامتهم بأسلوب مقبول، وتقديم أدلة على خطورة هؤلاء المؤيدين معنويّاً وماديّاً.
وليلة رأس السنة نهاية العام 2019 خرج عشرات السوريين في مدينة مانهايم الألمانية، في تظاهرة ومرددين أغاني الثورة أمام الصالة التي يغني فيها “علي الديك” الداعم للأسد، حيث رفضت بلدية مانهايم عريضة وقّعها السوريون لإلغاء الحفلة.
والجدير بالذكر أنَّ الحكومة الفرنسية تُحافظ على موقفها الداعم للشعب السوري، وفي كلمته بمجلس الأمن الدولي منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، أكد الممثل الفرنسي لدى الأمم المتحدة، نيكولاس دي ريفيير، أنَّه في ظل غياب أي تقدم في العملية السياسية، تظل المواقف الفرنسية والأوروبية بشأن رفع العقوبات والتطبيع وإعادة الإعمار دون تغيير.
عذراً التعليقات مغلقة