إعادة اللاجئين السوريين لبلادهم “طوعاً”.. ضرورة اجتماعية واقتصادية تركية أم صراع انتخابي؟

فريق التحرير8 مايو 2022آخر تحديث :
عماد حسن
استخدمت السلطات التركية معبر “جيلفا غوزو” الحدودي، الذي يظهر في صورة من 3 مارس/آذار 2015، لترحيل لاجئين سوريين. © 2015 جيتي إيمادجز

يسود قلق بين الكثير من أفراد الجالية السورية في تركيا بعد تصريحات الرئيس التركي الذي تحدث عن خطة لإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم “طوعاً”.. تصريحات أردوغان ترافقت مع حملات متصاعدة ضد اللاجئين السوريين وهو ما عزاه البعض إلى اقتراب موسم الانتخابات المحلية التركية.

يسود قلق كبير بين اللاجئين السوريين في تركيا على وقع حدثين مهمين، الأول تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشان إعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى شمال غرب سوريا “طوعاً” بمساعدة المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية، بحسب ما نقلت وسائل إعلام رسمية.

الحدث الثاني والمقلق هو تصاعد الحديث بين اللاجئين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي عن تنامي مشاعر العداء للاجئين والمهاجرين بين الأتراك، أرجعها البعض لعوامل اقتصادية فيما أرجعها آخرون لتصرفات غير لائقة قام بها عدد محدود من اللاجئين السوريين لكنها أثارت مشاعر الأتراك بشدة، ما تسبب في اعتداءات تعرض لها لاجئون سوريون لم يكن لهم علاقة بمثل هذه التصرفات.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات من نشطاء أتراك في إطار مايبدو أنه حملة تستهدف الضغط على الحكومة لترحيل اللاجئين السوريين من البلاد:

https://twitter.com/hekimoglu5200/status/1415416895558275075?s=20&t=odh8_Qbzam13OQrW0ARE7w

الصحفي التركي رجب سويلو مدير مكتب مؤسسة “ميدل ايست آي” الصحفية في تركيا تحدث عن تنامي مشاعر العداء التي يتردد أنها تتصاعد حالياً ضد اللاجئين في تركيا، وخصوصا السوريين منهم:

مهاجر نيوز حاول التواصل مع عدد من اللاجئين السوريين إلا أنهم اعتذروا عن الحديث، فيما أشار أحدهم – حصل على الجنسية التركية مؤخراً – إلى أن كل ما يدور في الإعلام عن تعرض اللاجئين السوريين للعنصرية والمعاملة السيئة في تركيا “هي أقوال غير صحيحة ترددها بشكل أساسي المعارضة التركية، لكن الحقيقة أن الحكومة التركية تعامل السوريين على أراضيها بأفضل ما يكون وتقدم لهم كل الخدمات الممكنة”، على حد قوله.

عودة .. طوعية؟

منذ 2016 وبدء العمليات العسكرية التركية في سوريا، عاد حوالي 500 ألف سوري إلى “المناطق الآمنة” التي أنشأتها أنقرة على طول حدودها، وفق ما قال الرئيس التركي الذي أضاف أن “المشروع الذي سننفذه مع المجالس المحلية لثلاث عشرة منطقة مختلفة، وعلى رأسها اعزاز، جرابلس، الباب، تل أبيض ورأس العين، اكتمل تماماً”، متحدثاً عن التجهيزات اللازمة للحياة اليومية، “من السكن إلى المدرسة والمستشفى”، وكذلك الزراعة والصناعة.

وزار وزير الداخلية التركي سليمان صويلو مخيم كمونة في منطقة سرمدا، لتدشين المشروع الممول من أنقرة للنازحين السوريين. ووعد أمام حشد مبتهج ملوحاً بالأعلام التركية، بأن بلاده ستستمر بمساعدة السوريين وأن 100 ألف منزل على الأقل ستكون جاهزة بحلول نهاية العام في شمال غرب سوريا.

وفي حواره مع مهاجر نيوز، يقول البروفيسور سمير صالحة أستاذ القانون الدولي العام والعلاقات الدولية بجامعة كوجالي إنه “حين كان يتم الحديث عن عودة اللاجئين كان دائماً ما يقال إن الأمر سيكون عودة كريمة ومشرفة وبرضا اللاجئ، لكن الآن نحن نتحدث عن رقم ضخم للغاية .. مليون لاجئ .. كيف يمكن إعادة مليون شخص طوعاً إلى بلادهم؟ حتى الآن لا نعرف كثير من التفاصيل حول الخطة التركية لتنفيذ الأمر لكن لا يمكن إطلاقاً أن تتم تلك الخطة بشكل منفرد”.

الدكتور سمير صالحة استاذ القانون الدولي العام والعلاقات الدولية بجامعة كوجالي

وبالإشارة إلى المناطق التي سيتم إعادة اللاجئين السوريين إليها، قال صالحة إن “الحديث يدور حالياً عن الذهاب إلى منطقة إدلب في شمال سوريا أو في مناطق قريبة مجاورة لها حيث النفوذ والتواجد العسكري التركي الذي سيوفر لهم الحماية هناك”.

وتساءل خبير العلاقات الدولية عما إذا كان “هذا المشروع مرتبط مباشرة بإنشاء المنطقة الآمنة التي دائماً ما طالبت تركيا بإنشائها أم لا؟ هذه بقعة جغرافية شمال سوريا محاذية للحدود التركية لكن اللاجئي السوري أيضاً يعرف أن هذه العودة ستكون عودة مؤقتة أيضاً وظرفية فهل سيرضى بها؟ هو يعرف تماماً أن هناك مناطق لا يمكنه العودة إليها بسهولة كمناطق نفوذ “قسد” في شرق الفرات ومناطق نفوذ النظام .. هذه في رأيي نقطة في غاية الأهمية تحتاج إلى رصد ومتابعة في المرحلة المقبلة”.

الانتخابات البلدية على الأبواب

وتستعد تركيا للانتخابات المحلية العام القادم، وهو ما رأى محللون أن تصاعد الحديث عن “ورقة اللاجئين” – وخصوصاً من جانب أحزاب المعارضة – تمثل عنصر ضغط على حزب العدالة والتنمية الحاكم وتداعب شعور “القومية التركية” لدى قطاعات واسعة من الأتراك.

ويشير البروفيسور سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كوجالي إلى أن موضوع اللاجئين في تركيا تفاعل في الأعوام الأخيرة وتحديداً مع نتائج الانتخابات المحلية في المدن الكبرى التي أدت لخسارة حزب العدالة والتنمية لهذه البلديات الكبرى، خاصة وأنه تم ربط أحد أسباب الخسارة بموضوع اللاجئين السوريين، وتحديداً في المدن الكبرى، ما دفع قيادات حزب العدالة والتنمية لمناقشة سياسة جديدة تتعامل مع موضوع اللجوء

وأضاف صالحة أنه “مع الاستعدادات التركية لانتخابات في حزيران/يونيو 2023 فإن موضوع اللجوء – وحسب كل استطلاعات الرأي – يتصدر العوامل المؤثرة والتي ستحسم النتائج في الكثير من المدن التركية الكبرى كاسطنبول وانقرة وازمير”.

ويضيف خبير العلوم السياسية أن “هناك أصوات متصاعدة للقوميين الأتراك ومنهم مثلاً اوميت أوزداغ زعيم حزب النصر والذي بدأ يتحدث بشكل مكثف ويقدم أرقاماً ومعلومات مقلقة للداخل التركي، فهو يتحدث عن وجود 5.3 ملايين لاجئ سوري وعن وجود 8 مليون لاجئ بشكل عام على الأراضي التركية وأن تركيا تنفق على 3 ملايين لاجئ داخلي سوري في شمال سوريا بكلفة عامة تصل إلى 100 مليار دولار”، وأضاف صالحة أن “هذه الأرقام قد يكون فيها بالطبع تضخيم ومبالغة لكن المسألة تحتاج إلى تعامل حقيقي في الشق السياسي والاجتماعي مع ظروف اللاجئي في الداخل التركي”.

يذكر أن اوميت أنتج فيلماً تسجيلياً يتوقع فيه بحلول عام 2043 أن يسيطر العرب على تركيا وأن تصبح اللغة الرسمية هي العربية وان تقسم تركيا إلى ولايات وأن يصبح حاكم اسطنبول عربياً:

وتدعو العديد من أحزاب المعارضة التركية بانتظام إلى عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى سوريا. وفي منتصف نيسان/أبريل، منعت السلطات التركية اللاجئين السوريين من عبور الحدود للقيام بزيارات مؤقتة لأقاربهم بمناسبة عيد الفطر. واعتبر الحزب القومي، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان، أنه لا ينبغي السماح للسوريين الذين ذهبوا للاحتفال بالعيد في بلادهم بالعودة إلى تركيا.

حوار مع النظام السوري؟

لكن عودة هذا العدد الهائل من اللاجئين السوريين إلى ديارهم لا يمكن أن تتم دون حوار أو تنسيق بشكل ما مع النظام السوري بحسب ما يرى خبراء ومحللون.

وفيما نشر مغردون صوراً للمنازل التي اعدتها تركيا في سوريا استعداداً لسكن اللاجئين العائدين، أكد بعضهم أن التنسيق لن يحدث مع النظام السوري بشكل مباشر وإنما مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو:

لا يتفق البروفيسور سمير صالحة مع هذا الطرح، مضيفاً أن هناك مؤشرات سياسية للتعاون التركي مع النظام السوري لتنفيذ خطة إعادة اللاجئين إلى سوريا، “لكن لا يعني ذلك بالضرورة اعتراف تركيا بشرعيته، وهذه أيضاً عقدة أخرى تحتاج الى تسوية”، مؤكداً أن “موضوع اللاجئين السوريين لا يمكن مناقشته دون توفير الحل السياسي الدائم في الملف السوري لذلك ينبغى أولاً الإسراع في حل ملف الأزمة السورية لتسهيل عودة اللاجئ وهو مطمئن”.

ويستدرك صالحة قائلاً: “لكن العودة الآن بهذا الشكل لن توفر له ما يبحث عنه من فرص أمنية واقتصادية ومعيشية في المرحلة المقبلة “، معرباً عن اعتقاده بأنه “سيكون هناك تنسيق من نوع ما مع دول الجوار السوري والعواصم العربية والخليجية التي ربما تشارك في تمويل هذه العملية”.

وتستضيف تركيا حوالي خمسة ملايين لاجئ على أراضيها، معظمهم من السوريين والأفغان، بموجب شروط اتفاق تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

ونشأت توترات على مر السنين، لاسيما في صيف 2021، بين اللاجئين والسكان المحليين الذين يواجهون أزمة اقتصادية ومالية حادة. ورغم محدودية هذه الحوادث، إلا أنها أثارت مخاوف منظمات الإغاثة من أن يصبح اللاجئون هدفاً لحملة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في حزيران/يونيو 2023.

المصدر مهاجر نيوز
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل