أنا مثلُ علبةِ المَحبرة لا أحدَ يقتربُ منّي إلّا وأتركُ بصمةً بداخله، يستحيلُ أنْ أكونَ على الهامش في دفترِ الحياة …
منذ ولادتي وأنا أملأ السُّطورَ الفارغة بكلِّ ما أوتيتُ من قوّة وجبروت، ومن حبٍّ ومن عفاف وطهر …
لا يخلو دفتري من السُّطور التي تقطرُ دماً تارةً وتتبلّلُ أوراقي بفيض عبراتي تارةً، وتُسمعُ ضحكاتي تارةً أخرى …
أنا قلمٌ مدادُهُ الصِّدق أرسمُ به طريقَ الحقِّ رغمَ أنِّي أحياناً أتعثرُ بحجرات المنافقين تارةً وطعنات الخائنين وبعض من حصى الجبناء تارةً أخرى، إلا أنّي أتكِئُ على ممحاةٍ سحريةٍ فُزْتُ بها بعدَ عدّة مسابقاتٍ شاقة أخذتْ منّي الكثيرَ من العناء …
ممحاتي تُفسحُ لي الطريقَ الذي يضيقُ بسيَّارات الإطفاء والإسعاف، كي لا تحترقَ أوراقي ولا تمرض أحرفي …
أنا روايةٌ عنوانُها عائشة، أنا ثورةٌ شعارُها الثبات، أنا وردةٌ عطرُها الأمل، أنا نجمةٌ تضيءُ في كبد السّماء، بل إنَّي لؤلؤةٌ بيضاءُ لامعةٌ في صدفةٍ مغلقةٍ بأعماق البحار، تشقُ عبابَ ظلماتِ القهرِ لتنبثقَ إلى النُّور فتُشعُّ خُيوطُها وترسمُ بها البهجةَ على وجهِ الأزهار …
وبعد انتهاءِ المهمَّةِ الموكلة إليها وملءِ السُّطورِ المكتوبةِ لها من ربِّ الأرباب … لن يبقى إلا تلكَ “البصمات”.
عذراً التعليقات مغلقة