بعد أن تبددت أحلامهم الوردية التي ظنوا أنها ستتحقق أو يحققها لهم رأس النظام السوري المجرم إثر السيل الإعلامي الطافح لما سمته ماكينتهم الإعلامية وأبواقهم المأجورة “الانتصارات على المؤامرة الكونية” التي انتهت بتهجير نصف الشعب السوري ودفن قرابة المليون شهيد في مقابر العز والكرامة، ها هم “الموالون للأسد” اليوم يصدمون بواقع ينحو بهم إلى قعر هاوية الفقر.
فبدأت تتلاشى أحلامهم الزمردية، واندثر من أمامهم رغيف الخبز ومعه توارت الكهرباء وأسطوانة الغاز والأدوية، وسط غياب كل ما يحتاجونه ليبقوا أحياء دونما أن يأكل الجوع والمرض أجسادهم أمام جنون الأسعار، فالمرارة التي يتجرعونها في كل يوم أشد من سابقه ومعركتهم مع البطاقة الذكية التي تنهب من خلالها لونا الشبل وأسماء الأسد قوتهم وطحين خبزهم حولتهم إلى بركان حاقد، وإن كان خامداً حتى الآن فإنه آيل للانفجار في أية لحظة، فكما يقال في المثل الشعبي الشهير “الجوع كافر” وهو ما لم يشعر به هؤلاء الموالون عند إطباق النظام لحصاره على غوطتي دمشق والزبداني وحمص وداريا والقصير.
اليوم تغير كل شيء وكما يقال في المثل الشعبي “راحت السكرة وإجت الفكرة” أنهى الموالون وصلات رقصهم البشعة على أشلاء من ارتقى على درب العز والسؤدد، ومن كان أسداً هصوراً على جثث أطفالنا، أمسى الآن كلباً مسعوراً يستجدي الفتات من مزابل المحتلين، فبعد أن رقصوا وصفروا وصفقوا وهتفوا لسيد السقوط، أضحوا اليوم في واقع يحاصرهم دون هوادة.
وكأنّ سيّدهم يريد لهم أن يأكلوا من أطباق العار المتراكمة بترهل على أجسادهم طيلة السنين العشر الماضية، فرغيف الخبز يصغر ويغيب والمياه والكهرباء والدواء أضيفت وفق اتفاقيات التقاسم إلى لائحة الممنوعات، ومشتقات البترول دخلت في قائمة الرفاهية المخصصة لصناع الدعارة وتجار المخدرات في بلد يرزح ثلث أراضيها على آبار بترول وغاز ولكن لشهوة الاحتلال رؤيته الخاصة.
انطفأ آخر نور كانوا يستشعرون به اقتراب نهاية النفق، ليجدوا أنفسهم محاصرين ما بين فقر آني ومستقبل صحراوي في عمق البادية والبدائل موجعة على من صنع لنفسه بيتاً من هشيم، فلا البيت يحميه من برد الشتاء ولا ينجيه عند الحريق.
الهجرة إلى حيث لا يوجد أسد وشاليش ومخلوف وعرنوس المكرر وأقبية الهلاك في الفروع، هي السبيل الوحيد الذي بدأ يعتقد الموالون أنه طوق نجاتهم، فمقدراتهم تنهب بصمت ومثل مقدراتهم سنين عمرهم التي يختطفها الأسد لصالح إبقاء عاشقة أبو منجل الأولى في قصر المهاجرين وصراخهم يعني موتهم العاجل ورضوخهم يعني الموت كمداً وجوعاً، والمصيبة تعظم عند هؤلاء عند التطرق إلى مخططات بشار الأسد الخفية في توريث ابنه.
الكرامة أولاً، هذا مالم يفهمه هؤلاء الموالون في ربيع عام 2011، ظناً منهم أن قبولهم برغيف خبز مجرد من الكرامة وإن كان ملطخاً بذلهم وعبوديتهم سيحيّدهم من الخوض في ثورة الحرية ولكن هيهات، الزمن غير قابل للرجوع والفرصة التي فوتوها على أنفسهم سيدفعون سنيناً طويلةً من حياتهم ليحظوا بأقل منها، فمناطق النظام على وشك تسجيل الرقم القياسي في أكبر شعب معمر على سطح البسيطة، فمع انسداد كل القنوات نحو الأمل، تبقى الهجرة هي الطوق الوحيد الذي يعتقد الموالون أنها ستنجيهم من أرض باتت كلها أشباح تقتات على سنين عمرهم.
Sorry Comments are closed