أفغنة إدلب أم غزغزتها؟

عبد الحميد الشدة20 مايو 2021آخر تحديث :
أفغنة إدلب أم غزغزتها؟
عبد الحميد شدة

أحياناً تسير الأمور بطريقة تبدو وكأنها قدر لم يكن يتوقعه البشر بينما هي في حقيقتها مسلسل مرسوم وسيناريو مكتوب.

في المسلسل الدرامي السوري شاركت داعش والقاعدة بإقناع العالم أن الثورة السورية ليست إلا مجموعات من الإسلاميين المتطرفين الذين لا يمكن الدفاع عنهم ولامساعدتهم. الفصائل (الوطنية) الأقل تطرفاً مثل جيش الإسلام وأحرار الشام كانت تعمل على خطين.

الأول رفع شعار “إقامة شرع الله في الأرض” والخط الثاني الرقص على أنغام المزمار الخارجي للممول الذي له أهداف معينة تدخل في إطار السياسة الأمريكية الإسرائيلية بمنع نجاح الثورة السورية. وإيديولوجية هذه الفصائل كانت قريبة من الخط السلفي السعودي.

تدخل الدول الإقليمية والدولية وتناحر فئات المجتمع وطوائفه وقومياته وحروب داخلية وإيديولوجية دينية، كل هذا يخلق تشابهاً ما بين الحالة السورية والحالة الأفغانية.

مؤخراً، وبعد اندلاع نار جديدة في  الصراع الفلسطيني اليهودي، ظهر من بين السوريين من يرى في  حرب غزة مع إسرائيل مثلاً، وقدوة يحلم بالاقتداء بها. إخوان وغير إخوان لا يخفون إعجابهم الكبير بحركة حماس والجهاد الإسلامي.

وفي نفس الفترة يخرج أبو محمد الجولاني ليتكلم عن جاهزية منظمته القاعدية “هيئة تحرير الشام” باستعداديتها لاستلام الحكم في حال سقوط نظام الأسد. و”الهيئة” كما هو معلوم هي أكبر وأهم تنظيم في الشمال السوري المحرر أي مثل حركة طالبان في أفغانستان، ومثل حركة حماس في غزة. مقابلها لا توجد قوة عسكرية أو حتى سياسية ذات مصداقية شعبية أو دولية جدية أي مثل حالة سلطة محمود عباس.

مثل الأفغان والفلسطينيين، السوريون اليوم في جهة الثورة أمام خيارين رئيسيين: “الفساد أو الجهاد على الطريقة الطالبانية والحماسية”. ولا توجد قوة وطنية حرة مستقلة ذات برنامج “طبيعي” للخروج من الأزمة بطريقة تنقذ القضية والبشر وتحترم المبادئ الإنسانية والإنسان.

كل خطوة في طريق أفغة سورية أو غزغزة إدلب هي جريمة في حق السوريين واستمرار للمحرقة والتهجير.

أفغنة سورية، كل شيء على ما يرام

أحد قياديي فصيل أحرار الشام، والذي أصبح لاحقاً قائداً عاماً، في محاضرة طويلة له أمام المقاتلين أثار انتباهي أنه كان يعطي مثالاً “يقتدى به” في العمل الذي كان يقوم به “طالبان” في معاركهم في أفغانستان. يومها قمت بما أستطيعه وهو نشر المحاضرة والتنبيه في محيطي المحدود.

أحد “إعلاميي الثورة” المشهورين والذي كان مراسلاً صحفياً في أفغانستان لم يتوقف خلال كل سنين عن التمجيد والااستشهاد بالواقع الأفغاني.

الجزيرة التي استضافت الجولاني المنقب وبعد خلع النقاب وأعطته كل الفرص للتصريح بما له عواقب هائلة على الثورة ومنها مبايعته للظواهري، وتبعيته للقاعدة ما أثار استعداء العالم كله، وهكذا كانت الجزيرة تعيد نفس ما فعلته مع “بن لادن” والقاعدة من إعطائهم فرص إذاعة كل منشوراتهم بطريقة مثيرة للشك وللشبهات.

المظاهر كلها التي تبنتها الفصائل الإسلامية من شعر طويل ولحية مهملة طويلة ولباس أفغاني، كلها كانت إشارات إلى التحضير المنظم والممنهج والمقصود لـ”أفغنة” سورية.

هل نحن نقترب من التدشين الرسمي المبارك دولياً لخلق وإعلان دولة على الطراز الطالباني في المناطق المحررة لتكون نقطة انطلاق لمعارك مؤجلة لا تنتهي ومحاولة لخلق “كيانات فاشلة”، مثل الذي يحصل في أفغانستان. كان الشيخ العرور يقول هبووووووووووا. وأنا أقول: أفيقوووووووووا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل