أكد عالم الدين الشيعي ومؤسس “حزب الله” في لبنان، الشيخ صبحي الطفيلي، المناصر للثورة السورية، في ندوة على منصة “تويتر” دعا إليها المحامي د. طارق شندب، على أنَّ نظام الأسد لن يبقى في الحكم، وإمكانية الخروج من الوضع الحالي “كبيرة”.
وذكر في الندوة التي استمرت لنحو ساعتين، ليلة الأحد، السابع والعشرين من رمضان المبارك، بحضور شبكة “آرام”، أنَّ “حزب الله” في لبنان يقود ركب الفساد، وما من شائنة وقذارة في المنطقة إلا وهو قائدها ويدافع عنها، فيما عرّى الأنظمة العربية، داعياً الجميع إلى الدفاع عن القدس، لأنّه دفاع عن الأمة الإسلامية.
وكان الحوار التالي خلال الندوة:
- كيف تنظر لمستقبل الثورة السورية، وإعادة العلاقة العائلية مع لبنان؟
الكثير من الناس يتصوّر أنَّ نظام الأسد انتصر، والثورة السورية فشلت، وأعداء الأمة يعبثون، وهذا صحيح مبدئياً، لكنِّي مطمئن أنَّ هذا النظام لن يبقى ومستحيل أن يستمر (…) عندنا تخوُّف من تحويل سوريا إلى مناطق نفوذ “كنتونات”، ونظام طائفي كما يعبثون في لبنان والعراق.
كلّ إنسان قادر عليه أن يشارك في عملية التوعية السياسية، لإحباط هذا المشروع في سوريا، وإمكانية إحباطه كبيرة، لأنَّ الأغلبية العامة في سوريا لون واحد، وهذه الأغلبية إن تماسكت تستطيع إسقاط “الكنتونات”، وما شابه ذلك، فإنهاء الحرب في سوريا يحتاج لصبر وتضحيات، وإمكانية الخروج من الوضع الحالي “كبيرة”.
وآمل أن تلعب السلطة في تركيا دوراً مهماً في هذا المجال، فتركيا من مصلحتها وحدة سوريا وليس تجزئتها، لحماية حدودها واقتصادها، ضمن سلطة موحدة في سوريا، وهذا يصبُّ في مصلحة السوريين، الذين من حقّهم اختيار الرئيس، فالشعب يجب أن يحكم نفسه عبر اختيار الحاكم وعزله، ونحن نراقب السياسة التركية وهي مقبولة، ونتمنّى أن تكمل مسيرها لمصلحة الشعب السوري.
بالنسبة للعلاقات بين السوريين واللبنانيين، فأنا أنحدر من بلدة الطفيل اللبنانية بالاسم والسورية بالجغرافيا، وقبل حوالي ستين سنة، كنّا لا نعرف بيروت، فمن يُريد الشراء يذهب إلى دمشق، وخلال حديثي مع عبد الحليم خدام قلت له: أنا من ريف دمشق وأنت من أين؟.
فنحن بلد واحد، لكن السياسة الغربية، فرّقت الإخوة بين لبناني وسوري، وعلينا تحطيم هذه الحدود الموضوعة بين البلدين، لنعود يداً واحدةً كما كنّا من قبل، والشعارات التي تدعو إلى التفريق بين السوري واللبناني هي شعارات من عصر الجاهلية.
أنا أحزن وأتألم لوجع السوريين، وأذكِّر من يطالب بعودة اللاجئين، بأنَّهم سيعودون للجزار بشار الأسد، ويسلّمون أنفسهم للقهر والتعذيب، فلن تكون سوريا آمنة، وبشار موجود فيها، والسجون مملوءة بأنين المظلومين، أسأل الله أن ننصر أهلنا بالصدق والحق وبكلّ ما نستطيع.
- لماذا استطاعت إيران تجييش الآلاف في فلسطين وأفغاستان وسوريا واليمن وغيرها؟
إنَّ إيران الشيعية مسموح لها دعم فلسطين وغير مسموح لغيرها أن يقدّم هذا الدعم، لأنَّ ذلك من مصلحة الأمريكان، وفي السابق، قال وزير الخارجية الأمريكي لنظيره الإيراني: نحن لا نُمانع أن تحسّنوا وجودكم في المنطقة، وحينها هنّأ الإيرانيون بعضهم بهذا الدعم الأمريكي لهم.
وفي كلمة لحسن نصر الله عام 2018، نفى موافقته على الشرطين الذين أخبره بهما رجل الأعمال الأمريكي من أصل لبناني جورج نادر، وهما: أن يحمي حزب الله الحدود الشمالية مع إسرائيل ويقاتل مع الأمريكان، لكنَّه في الحقيقة وافق وقاتل مع الأمريكان في العراق وسوريا وغيرها.
فكلُّ من يدعم فلسطين يُنعت بـ”الإرهابي” باستثناء إيران، وهناك حديث عن الإخوان المسلمين بأنَّهم “إرهابيون”، ورغم أنَّ جماعة إيران مسلحون، لا أحد يهاجمهم من الإعلام العالمي والعربي، ونرى الهجوم كلُّه منصبّ على الإخوان، رغم أنَّ معظمهم منفيون ومعتقلون في السجون، لأنّه من الواضح أنَّ الغرب يُدرك حقيقة أنَّ رمح وقوَّة الإسلام وعامود الأمّة، هم أهل السُّنة.
ليفهم السنّي والشيعي، هذا الأمر، ومهما اشتد أمر الشيعة فلا يشكلون خطراً على الغرب وزعماء المنطقة، وتبقى الشيعة من الأقليات، فالغرب حتّى يُسيطر على الأمَّة الإسلامية، يجب عليه أن يُدمّر السُّنة، فالحملة شرسة مثلاً: في ليبيا والصومال واليمن والعراق وسوريا، يختارون عناوين برّاقة لتغطية الحرب وسحق الأمَّة، بالتالي هو “مشروع غربي لدمار الأمَّة”.
وعندما تدعم إيران الفصائل الفلسطينية (السنَّة في فلسطين)، وتظهر أنَّها غيورة على المسلمين، هذا لا يُشكّل خطراً على الغرب وزعماء المنطقة، بينما إن حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دعم الفلسطينيين أو حماية الأمَّة، ويتشكّل جسم واحد ويتعاظم أمره، لطرد الغرب من البلاد العربية، فهذا يُشكل خطراً على الغرب.
وحركة حماس عندما قُطع عنها الدعم حين امتنعت عن المشاركة مع بشار الأسد في حربه ضد الشعب السوري، لم يدعمها أحد من العرب، فما كان أمامها سوى الدعم الإيراني.
أدعو الجميع (السنّة، الشيعة) إلى الخروج من ثوب المذهبيات، لنعود موحدين، إسلام واحد وقرآن واحد، ورغم أنِّي خريج النجف وقُم ومؤسس حزب الله، ومرجعيتي شيعية إلا أنّي لا أنتمي للمذاهب، ويجب ترك المذهبيات التي جاءت للقضاء على المسلمين، فعلينا التوحد كي نعود كما كان الصحابة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ننطلق بعيداً عن المناكفات.
الإيرانيون كاذبون في شعاراتهم بنصرة المسلمين، فهم وقفوا مع الأرمن ضد أذربيجان رغم أنَّ الأخيرة أقرب إليها ومذهب غالبيتها “جعفري” بحجة قطع الطريق على الأتراك، فسياسة السلطات الإيرانية تصبُّ في مصلحة أمريكا وإسرائيل والغرب عموماً، والشعب السوري تعرَّض لعدوان من السلطة الإيرانية، وأيضاً لعدوان من دول عربية ادعت أنَّها نصيرة للشعب السوري.
- من يدافع عن القدس؟
الدفاع عن القدس هو دفاع عن كلِّ شخص ومدينة ودولة في المنطقة، وإذا انهارت فلسطين بالكامل، لم يعد بالإمكان الدفاع عن أيِّ مكان، والحكومات العربية التي تُطبّع مع إسرائيل وتظنُّ أنَّ مصلحتها هي بالتعاون مع الصهاينة، أنا أعلمهم بأنَّهم أول من سيدفع الثمن باهظاً نتيجة هذه السياسية.
الوقوف مع فلسطين والمسجد الأقصى، هو حماية ودفاع عن أقصى الأرض قبل الدفاع عن الأقصى الشريف في القدس، لهذا ليس فقط ابن قدس وابن غزة عليه نصرتها، بل على الجميع أن يدافع عنها، وكأنَّنا من سكان حي الشيخ جراح، ولا نرى سوى التنديد الإعلامي عبر البيانات التي لا تنفع، وكلّ من يخاف الله يتحمَّل المسؤولية.
وأكثر من هو ملزم بالدفاع عن القدس عملياً هي الترسانة الإيرانية التي تدعم الفصائل الفلسطينية، لكن أين هي اليوم، نعلم أنَّ الجندي الإسرائيلي إذا ظنَّ أنَّ السلاح الإيراني ممكن أن يستخدم ضده، فلن يتركهم دون القضاء عليهم، و”فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني “سلاح يغدر بالأمة”، بدلاً من الدفاع عن القدس، وكلّ الجيوش والأقلام في المنطقة، واجبها الدفاع عن القدس.
- ما دور الأنظمة العربية وكيف تصفها؟
الأنظمة العربية هي صناعة المحتل الغربي منذ الحرب العالمية الأولى، فهي لا تمانع بالتعاون مع كلّ الأعداء لتحقيق مآربها وسحق شعوبها، ورأينا الكثير من الأنظمة خدمت الغزو الأمريكي في احتلال العراق الذي تمزّق إلى زعامات متفرقة، وتشتت شعبه، بمساعدة أرباب السلطة في إيران والعرب، وفي سوريا تعرّض الشعب إلى عمل مخطط لقتله، وتشريده وحين عجز النظام استعان بأشرس الأعداء لمساندته في سحق الشعب السوري.
ويصل الأمر ببعض الأنظمة إلى التحالف مع العدو الصهيوني بصوت عالي، وتُبارك له باحتلال فلسطين وتهجير شعبها، فهذه الأنظمة تخطّت كلَّ الحواجز وباتت “وقحة” ظناً منها أنَّ الأمّة دُمّرت، ويمكنهم فعل ما يشاؤون دون خوف من أحد.
كلّ هذه الأنظمة هي عدوة لنا، إن لم تقف معنا وتنصرنا، عدوة إن لم تقف مع القدس، عدوة إن خذلت شعبها وسرقت أموالهم، وفتّت الأمَّة كما تفعل اليوم، والتقسيمات التي زرعها الغرب كلّ دولة على حدا، لذرائع مختلفة، يجب ألا نقبل بها، مثلاً البعد الجغرافي، ففي الصين وبورما مسلمون يضطهدون يجب الوقوف معهم.
وحول انسلاخ إقليم الأحواز عن الوطن العربي، أقول: نحن كلنا مسلوخون، وليس فقط الأحواز، فالدول كلّها محتلة، لأنَّ السلطة في هذه الدول للغرب.
لكن الأمة رغم معاناتها وتضحياتها ليست كذلك، ليدرك كلّ شريف من مشرق الأرض إلى مغربها، أنَّ كلّ موقف ضد الأنظمة الموجودة، وكل موقف يساند أهل فلسطين أو مظلومية أيّ مسلم أين كان، هو “موقف جهادي حقيقي، وإذا قضى الله لهم الموت في سبيل ذلك فهم شهداء”، وهو موقف شبيه بالصحابة الذين وقفوا مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين كانت قريش تعذب المسلمين وتُضيّق عليهم.
ومن واجب الجميع توعية الأمة والدفاع عن القدس، والمظاهرات الشعبية لو كانت موجودة لاختلف الأمر، فالشعب يُمكنه الضغط على الحكومات، ولا نرى سوى شعارات الأنظمة، عبر التحدث إعلامياً وهذا هو المسموح لها، لكن على الأرض يجب الحفاظ على العدو الصهيوني، لكسب رضا أمريكا.
عذراً التعليقات مغلقة