هل تتحقق نبوءة المخابرات الأميركية بحرب عالمية ثالثة؟

لجين مليحان3 أكتوبر 2020آخر تحديث :
هل تتحقق نبوءة المخابرات الأميركية بحرب عالمية ثالثة؟

الحرب شيء يبغضبه البعض، ولكن البعض الآخر يسعى لافتعال الحروب، لمصالح مستقبلية تصب في جانب معين ولجهة معينة، والكثير يتساءل هل سيكون هناك حرب عالمية ثالثة؟ ومن أين ستبدأ؟ ومن هي أطرافها؟ والكثير من هذه الطروحات تجول في أذهان البعض، فالحديث عن الحرب العالمية الثالثة بدأ في الأسابيع والشهور الأولى لنهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت هناك أزمات كادت أن تجر العالم إلى هذه الحرب بالغعل، كالحرب في كوريا وحرب فيتنام والمثال الأشهر هو أزمة صواريخ كوبا في أكتوبر 1962، ولكن ما حال دون اندلاع حرب عالمية ثالثة كان توازن الرعب النووي بين القوى العظمة، ومع ذلك يتجدد الحديث هذه الأيام من وقت لآخر عن احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة في وقت ما في المستقبل، وسبب هذا الشعور من قرب اندلاع حرب عالمية ثالثة هو توفر “الثالوث المشؤوم” الذي قاد العالم إلى الحرب العالمية الثانية، وما هو الثالوث المشؤوم؟ هو أزمات اقتصادية، ودول صاعدة تتحدى الدولة العظمة المهيمنة على النظام العالمي، وبروز دور التيارات الشعبوية القومية في كثير من دول العالم، إذا عُدنا إلى سنة 1939 أو في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، سنجد أن الحرب اندلعت لأسباب كثيرة من بين هذه الأسباب وجود قوى صاعدة تتحدى القوى المهيمنة والنظام العالمي بقيادة بريطانيا في ذلك الوقت، والقوى الصاعدة هي ألمانيا التي كانت تتحدى بريطانيا للمرة الثانية ومعها اليابان وإيطاليا ووجود أزمة إقتصادية كبيرة، لأن العالم كان لايزال يعاني من آثار الكساد العظيم سنة 1929، أضف إلى ذلك كانت هناك قوى قومية وشعبوية موجودة في مراكز صنع القرار، وكثير من الدول الغربية، ووفقا لدراسة قامت بها “بريدج ووتر” وهي أحد أهم صناديق الاستثمار في العالم أجرت دراسة في 2017 ووجدت أن نسبة التصويت للقوى الشعبوية كترامب هذه القوى وصل التصويت لها سنة 1939 إلى 40% وكانت النتيجة طبعا أن العالم شهد اندلاع الحرب العالمية الثانية مع اسباب أخرى،  عندما نقارن الوضع الحالي الآن نجد أن العوامل الثلاثة تتهيأ في الأجواء، العالم مقبل على كساد تتوقعه كل المؤسسات المالية،  ويوجد عدد من القوى الصاعدة التي تتحدى النظام العالمي الموجود بقيادة الولايات المتحدة وأبرز هذه الدول هي الصين وروسيا بالاضافة إلى بعض القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا، سنجد أيضا هناك صعود للقوى القومية والقوى الشعبوية ووفقا لنفس دراسة بريدج ووتر سنجد أنه عدد من صوت لأحزاب شعبوية في 2016 وصل إلى 35% وهي أعلى نسبة منذ عام 1939 ، هناك بعض العلماء والمفكرين الكبار المحللين السياسيين عادة يسخرون من فكرة طرح الحرب العالمية الثالثة باعتبار أنه من غير المنطقي أن العالم يقبل على حرب عالمية ثالثة تعني نهاية العالم وهم لديهم وجهة نظرهم وبعض المنطق في ذلك، لكن في الحقيقة من يعود إلى التاريخ يجد أن بعض من هذه النخبة التي  تسخر من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة موجودة طوال الوقت منذ عشرات السنوات.

 وفي سنة 1914 قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى كان السائد بين بعض هذه النخبة وعدد من المفكرين أنه لايمكن أن تندلع حرب بين القوى الكبرى وكان يوجد كتاب مشهور اسمه “The Great ILLusion ”  كتبه ” نورمن اينجل”  وهو برلماني وصحفي وكاتب حاصل على جائزة نوبل للسلام في بريطانيا وخلاصة كتابه (أن دول العالم أصبحت تعتمد على بعضها البعض اقتصاديا وسياسيا بحيث يتعذر أن تندلع حرب فيما بينها) وهذا كان رأي” كينس” الاقتصادي البريطاني ، ولو قرأنا كتاب مهم اسمه” ذا سليب ووكر” في سنة1914   الذي  يرصد الغفلة التي كانت بها الدول الأوروبية قبل الحرب العالمية الأولى وأن الناس دخلوا إلى الحرب وهم غير متوقعين تماما أنه يمكن أن تندلع حرب قبل اندلاعها باسابيع أو شهور، هذا يعني أن فكرة  الحرب العالمية الأولى كانت مفاجئة والحرب العالمية الثانية أيضا كانت مفاجئة، لأن الكثير من دول العالم سعى لعدم تكرار مأساة الحرب العالمية الأولى ومع ذلك وقعت الحرب العالمية الثانية.

الأمر الآخر أن الذي يسخر من فكرة اندلاع حرب عالمية ثالثة هو يعتمد دائما على أن الحرب تأتي نتيجة تعنت وتخطيط فيستبعد أن شخص بكامل قواه العقلية يسعى إلى اندلاع الحرب وهذا فيه الكثير من المنطق،  لكن الحروب تندلع نتيجة التعنت ونتيجة الخطأ أيضا، والأخطاء الكارثية واردة طوال الوقت، في دراسة ” لتشاتم هاوس”  هو مركز الدراسات البريطاني  سنة 2014 عمل دراسة عن الفترة بين 1962 و 2002 وخلال هذه ال 40 عام ال تشاتم هاوس رصد 30 حالة كادت الحرب النووية تندلع فيها كان اطلاق الاسلحة النووية على بعد دقائق وبعض هذه الأمثلة الحرب النووية كانت ستندلع بأخطاء بشرية وسوء تقدير أو أخطاء تقنية مثلا أجهزة الرصد الروسية خلطت خطأ مابين صاروخ يحمل قمر صناعي للطقس لصالح أمريكا على أنه هجوم صاروخي على روسيا، و تأهبت روسيا اوتوماتيكيا إلى الرد، وقمر صناعي أيضا أمريكي رصد خطأ  أو فسر بشكل خاطئ انعكاس أشعه الشمس مع بعض الغيوم على أنها مجموعة من الصواريخ المعادية التي تستهدف المصالح الامريكية ،في الأخطاء دائما وارد هو الخطأ، في دول مدججة بالسلاح النووي كارثة ، في كل الأحوال لا يمكن ان الثالوث الذي تكلمتنا عنه الثالوث المشؤوم أو الأخطاء تبقى فاعلة، إلا إذا كنا نتكلم عن  نقاط ملتهبة، والحرب تحدث عندما يكون منطقة نزاع وقدرة على خوض النزاع والآن القدره على خوض النزاع موجودة، و أسباب متهيئة ، لكن أين هي نقاط النزاع في الحقيقة نقاط النزاع كثيرة بين القوى العظمى لكن أبرزها 7 نقاط نزاع مهمه وخطيرة  على وجه الكرة الارضية اربعة منها ك جبهات تماس بين الصين أقوى قوة صاعدة والولايات المتحدة التي هي قائدة النظام العالمي، وإن هذه النقاط  نستطيع أن نقول أنهم تايوان و كوريا الشمالية بحر الصين الجنوبي و بحر الصين الشرقي ان منطقة مثل تايوان هي الجزيرة التي تحظى بحكم ذاتي، و بعد فترة طويلة من سنة 49 وهي منفصلة عن الصين وسعت في فترة من الفترات ليس فقط للاستقلال هي قالت إنه الممثل الشرعي للصين ، فالصين تسعى لاستعادة هذه الجزيرة، كما استعادة هونج كونج في فتره من الفترات سنة 98 ، وهذه الجزيرة التي تدعمها الولايات المتحدة وتزودها بالسلاح رغم إعتراف الولايات المتحدة إنها جزء من الصين وترفض دخول بيت الطاعة الصيني، إذاََ نحن أمام خلاف واشكالية خلاف بين تايوان التي تدعمها الولايات المتحدة والصين جزء من عقيدة الجيش الصيني تدريب طوال الوقت على غزو هذه الجزيرة و جزء من عقيده الولايات المتحده الدفاع عن هذه الجزيرة البالغة الأهمية لها ووفقا لتصريحات مسؤول البنتاغون ل “نيويورك تايمز ” يقول :إنه” في اخر ثمانية عشر مناورة بالكمبيوتر خسرت الولايات المتحدة ال 18 مناورة 18 معركة بالكمبيوتر في مضيق تايوان أمام الصين ” و يعزي نفسه هو يقول :” ليس بالضرورة لو اندلعت حرب في مضيق تايوان أن الولايات المتحدة تخسر على أرض الواقع لأن هذه الألعاب على الكمبيوتر أو المناورات الأفتراضية”.  لا تاخذ بعض الأعتبارات الأخرى المهمة أو لا تاخذ بعض العوامل الأخرى في الأعتبار مثل ماذا يمكن ان تفعل الصين لو نجحت الولايات المتحدة في قطع إمدادات النفط عن الصين  القادمة من الخليج إلى الصين في كل الأحوال نحن أمام بقعة ملتهبة يمكن أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، إذا فكرت تايوان ان تعلن رسميا استقلالها عن الصين إو إذا نفذ صبر الصين وقررت أن تستحوذ على هذه الجزيرة بالقوة،  ذات الأمر ينطبق على عوامل أخرى مثل النزاع الحدودي على جزيره سينكاكو الموجودة في بحر الصين الشرقي،  وهي محل نزاع بين اليابان وتايوان وكلاهما حليف للولايات المتحدة، وأيضا بين الصين كوريا الشمالية، كما أنها  دولة نووية وحليف للصين وبالتالي اندلاع حرب بينها وبين كوريا الجنوبيه و بينها و بين اليابان يعني اندلاع الحرب بينها وبين الولايات المتحدة، و لن يكون غريبا ان تنضم الصين  إلى هذه المواجهة،وهناك  حدود مشتركة ما بين كوريا الشمالية والصين تبلغ 870 ميل.

اذا ابتعدنا عن نقاط التماس بين الصين والولايات المتحده سوف نجد أن كشمير واحدة من أخطر بقاع الأرض، وأنها محل نزاع ما بين الهند وباكستان وكلاهما قوة نووية، وهاتان القوتان النوويتان خاضتا 4 حروب، كان السبب للخلاف الرئيسي هو كشمير والتاريخ يسجل أن الدولتين النوويتين الوحيدتين قصفتا بعضهم البعض كانت الهند وباكستان، وأخر قصف كان بينهما لم يكن بعيد كان في فبراير 2019 عندما الهند اتهمك باكستان بالوقوف وراء عملية انتحارية  قام بها أحد أفراد جماعة اسمها “جيش محمد” أدت الى مقتل 40 جندي من الجيش الهندي، وردت الهند بضرب الحدود الباكستانية ، مما دفع باكستان لرد واسقطت مقاتلة هندية وكادت الحرب أن تتطور إلى أكثر ماهو  من ذلك، خصوصا وأن العقيدة العسكرية لدى باكستان قائمة على أنهم دولة أضعف في مواجهة دولة أقوى في الأسلحة التقليدية، ولذلك هي مستعدة  في حال غُلبت في الأسلحة التقليدية سوف ترد بأسلحة نووية تكتيكية ضد الهند التي هي دولة نووية، بالفعل في كشمير نحن أمام نقاط تماس ،و أهم نقاط التماس أيضا لإندلاع حرب عالمية ثالثة هي منطقة الشرق الأوسط،  والتي هي دائما أحد نقاط الالتهاب التي ممكن أن تستدرج الدول العظمى إلى حرب عالمية ثالثة، وأبرز نقاط الالتهاب في منطقة الشرق الأوسط الآن  وفي سنوات ماضية هي إيران، وهناك نبوءة  لأحد مؤسسي cia الذي هو” مايلز كوبلند”و هو شخصية مثيرة للإهتمام ، كتب كتاب توقع فيه سنة 89 أن الحرب العالمية الثالثة سوف تبدأ حين تنجح روسيا في استدراج الولايات المتحدة لضرب إيران وأن تتورط الولايات المتحدة في حرب مع العالم العربي وإيران والدول الإسلامية وتجد الولايات المتحدة نفسها بمواجهة  جماعات غير نظامية ، ما يستنزف الولايات المتحدة الأمريكية ومن جهة نظر” مايلز كوبلند “أن الروس يسعوا إلى توريط أمريكا بحرب مماثلة طبعا من الواضح أن مايلز كابلند عندما قال ذلك في سنة 1989 كان متأثر في الفخ الذي عملته الولايات المتحدة للإتحاد السوفييتي في افغانستان أنها استنزفتها عن طريق جماعات إسلامية غير نظامية ، إنما حميد جول الذي هو رئيس المخابرات الباكستانية الشهير الذي مات من عدة سنوات كان لديه نبوءة مشابهة هذه النبوءة إن الحرب العالمية الثالثة سوف تندلع أيضا حين تستدرج إسرائيل الولايات المتحدة لضرب إيران وبالتالي تجد الولايات المتحدة نفسها في حرب مع العالم الاسلامي وتستدرج هذه الحرب روسيا والصين ، لماذا حرب مع ايران تتحول إلى حرب عالمية ثالثة لنفترض أن الولايات المتحدة ضربت إيران لماذا هؤلاء المحللين قد يعتقدون أن هذه الحرب تتطور إلى حرب عالمية ثالثة المسألة بإختصار الدوموني،  يعني تأثير الدومينو في الحرب العالمية الأولى مثلا إن ألمانيا لم تضرب بريطانيا هذا لم يحدث إنما المسالة كلها كانت أن إمبراطورية النمسا والمجر هددت صربيا لاعلاقة للمسألة ببريطانيا وفرنسا لكن تاثير الدومينو أدى إلى دخول ألمانيا الحرب ثم روسيا وفرنسا وبريطانيا والعالم كله في حرب ،  الحرب العالمية الثانية لم تضرب ألمانيا  بريطانيا إنما غزوها كان أولا لبولندا ، والاحداث تبدا  بحدث قد يبدو صغيرا نسبيا ولكن هذا الحدث يمكن أن يتطور إلى حرب عالمية هذا الذي ذكر كله أشهر جبهات التماس ما بين القوى العظمة ، إنما هذا لايمنع أن التاريخ يكرر نفسه ليفاجئنا بجبهات أخرى بقوى أخرى تكون هي السبب بهذه الحرب العالميه الثالثة المشؤومة لا قدر الله على سبيل المثال مثلا جورج فريدمن وهو أحد المفكرين الامريكان المرموقين وله كتاب مهم اسمه “الـ100 عام القادمة” وفي عمل محاولة طموحة لقراءة القرن ال 21 ومن وجهة نظره أن الحرب العالمية الثالثة سوف تقوم بحدود سنه 2050 وأن اطرافها هي الولايات المتحدة وبعض حلفاؤها وأبرزها هي بولندا فهو يتوقع أن بولندا سوف تكون قوة عالمية وتصعد إلى الساحة وتكون مؤثرة ولكن ليس ضد الصين الذي يتوقع أن تتفتت ولا ضد روسيا التي يتوقع أن تضعف إنما ضد اليابان وتركيا الذي يتوقع أنهم سوف يزدادان قوة ويرغبان في منازعة القوة المهيمنة والتي هي الولايات المتحدة آنذاك وأضاف فريدمن مع علماء آخرين أن انطلاقة هذه الحرب سوف تبدأ بضرب هذه الدول للولايات المتحدة وتقومان بمهاجمة أقمارها الصناعية في الفضاء وأن  ساحات المعركة سوف تكون البحار والاساطيل.

تتعدد الأراء حول مستقبل العالم والحروب التي ستحصل ونبقى نحلل ونشاهد مجريات الأحداث في العالم، فالتطورات بين الدول تحدث كل يوم في العلن وفي الخفاء، والمصالح تتغير وتتضارب بين هذه الدول والأطماع أيضا لتكون كل هذه أسباب تجعلنا نفكر بكيف سوف تبدأ هذه الحرب وأين ومن أطرافها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل