كنت أتعجب من تسليم كتائب وفصائل الجيش الحر نفسها لداعش والنصرة ومن سهولة انسحابها من المناطق المحررة وأسلحتها رغم أنه كان لدى مقاتلي الثورة من الشجاعة والبطولات والتضحيات مايكفي قارة.
من المؤكد أن دول الدعم والتمويل لعبت دوراً في عمليات التسليم تلك لكن هذا لا يعطي التفسير الكامل. كيف لمن كان لايهاب الموت أمام قوات الأسد أن يستسلم ويتراجع بهذه السهولة أمام مد هذين التنظيمين.
بعد الحديث مع شباب خرجوا من سجون داعش وبعد الاستماع إلى الكثير من الثوار استنتجت أن طريقة فهم شبابنا للإسلام لعب دوراً في هذا. فالذين أشعلوا شرارة الثورة وتجرأوا على التظاهر والمجابهة تعرضوا لاضطهاد تلك التنظيمات. والغريب أنني وجدت نوعاً من التبرير والبحث عن الأعذار لما فعله بهم هؤلاء الذين صادروا منهم اسم الجهاد لينتحلوه هم أنفسهم.
ردة فعل الثوار الأولى والمؤكدة كانت رفض قتل الدواعش والمناهجة لأنهم (إخوة في الدين) وعلى مبدأ “لإن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك”، وأكثر من هذا لأنهم كانوا مبهورين بسمعة الجهاديين وبمظاهرهم من رايات ولحى ولباس يعتبرونه إسلامياً.
الذين كانوا يقاتلون من أجل قضية وحقوق وحرية وحرروا جزءاً هائلاً من سورية في فترة قياسية هزموا عسكرياً ونفسياً أمام التنظيمات المتشددة.
مزاعم تحكيم الشريعة وفرض بعض المظاهر “الإسلامية” أيضا أثرت سلباً على موقف الثوار ومعنوياتهم مما جعل قسماً منهم يلتحق بالمنظمتين أو بمنظمات مشابهة مثل أحرار الشام وغيرها وقسماً آخر ينسحب من الساحة ويخرج من سورية. كل هذا وسط حملة إعلامية ونفسية هائلة ومتطورة جداً مدعومة بفضائيات وبفيديوهات وبمعدات ومال.
هذه النقط كلها أعطت القاعدة وداعش سبقاً في هيمنتهم، واكتشف الثوار، ولكن متأخرا، جزءاً من هذه العملية النفسية.
إن تحييد الثوار المقاتلين بهذا الأسلوب كان من أكبر الخدع التي حصلت في الثورة السورية.
ما أريد الإشارة إليه هو أن فهم مجتمعنا للإسلام يثير الكثير من الأسئلة التي جعلت الإسلام والإيمان نقطة ضعف وانهزام وانخداع بدل أن يكونا نقطة قوة وفطنة ومعرفة. حتى شهور قليلة كان شيخ معروف “محترم” يفتي للثوار بعدم الاختلاف مع النصرة وعدم تفريق الصف.
برأيي ما زالت هذه العقليات تكمن في عمق مجتمعنا وتبقى أسئلة كثيرة تخص فهمنا للإسلام بدون جواب وبدون حلول بل وبدون دراسة وتحليل.
Sorry Comments are closed